الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يكن كلبا ! (قصة قصيرة).

م. زياد صيدم

2009 / 7 / 12
الادب والفن



لم تكن المرة الأولى التي تفزع احمد في ليل بهيم بلا أنوار ..! سبق وان حاصرته الهموم الممتدة بامتداد الوطن وفي مناطق عدة.. حاولت النيل منه دون جدوى.. كان يزداد إصرارا وعزيمة، وكانت تتولد في دواخله قوة غريبة على التحدي .. كانت مكتسبة من سنوات متلاحقة صنعت منه رجلا في بواكير الشباب..إلا أنها لا تزال في ذاكرته يحاول أن يعلمها إلى أجياله القادمة...

فى تلك الليلة بلا أنوار.. سمع الابن خرفشات تجوب ذاك المكان، وخاصة في مخزن مهجور في زاوية بعيدة من حديقة المنزل.. هرع لوالده والخوف يعتريه...

- والدي هل أنت ما زلت يقظا ؟
* نعم بني فانقطاع الكهرباء يؤلمني ويزيد من متاعبي وقلقي فلا اعلم بما يدور خارج محيطنا هذا المتقلب في كل ثانية ؟.. تنهد الوالد مخرجا ذاك الزفير الساخن الممتد !...

- والدي هناك أصوات غريبة تنبعث من هناك واخشي بان يكون احد الكلاب الضالة قد تسلق أسوار مسكننا الآمن ليعيث بالزرع خرابا.. ويأكل الدواجن والحمام رمز السلام فلا حول لهن ولا قوة ...

* ماذا ! استنفر احمد على الفور مذهولا.. وهم مسرعا بعد أن تناول عكازه الخيزران الذي ورثه عن أبيه، ومضى بخفة وهدوء مشوبة بالحذر الشديد...

كان المكان مظلما والجميع يغط في نوم عميق فلا أصوات من الجيران تسمع كعادتها والشوارع يكتسيها صمت يتكرر في هذه الحالات مؤخرا .. فالظلام كان سيد الموقف، يرخى بهدوئه على الجميع.. تسحب بخفة وحذر صوب المخزن، وابنه من خلفه والذي لا يزال فتى بعد لم يشتد ساعده، إلا أن شجاعته في كثير من المواقف تبشر بمستقبل واعد له.. وصل قرب المخزن.. انتظر احمد قليلا يسترق السمع... لا اثر لكلب ضال... لا أصوات دالة عليه .. تفحص الأرض بكشاف يعمل بالبطارية، لم ير أي من أثر خطواته على الأرض..!! هنا استبعد فورا فكرة ابنه بوجود كلب ضل طريقه.. حيث الأسوار كانت عالية وهو لا يمكنه تسلقها بأي حال من الأحوال، تفحص البوابة كانت مقفلة ولا أثر للص كما خطر ببال أحمد..

- والدي أنا متأكد بأني سمعت خرفشات قوية هنا.. بينما كنت أتفقد الحمام والدواجن بالماء فالجو حار جدا.. كرر الابن على سمع أحمد..

بدا احمد بالاقتراب والتركيز أكثر .. فجأة بدأت أصوات خرفشات قوية تصدر من هناك...نعم إنها من أسفل أغراض مبعثرة على أرضية المخزن.. يا الاهى استهجن أحمد .. إنها أصوات أشبه بزقزقة حادة غريبة...!!!

كشف بعكازه صندوقا من الكرتون يحوى أعلاف الدواجن، وهنا تراجع قليلا بعد أن أحس بجزع وقشعريرة .. شعر برعشة تسربت إلى جسده كماس كهربائي ؟! ...

فجأة تقدم فتاه اليافع، وبماسورة مياه قديمة هوى بها على رأس ذاك الكائن القذر في منظره وصوته وشكله، البشع في عبثية وجوده هنا في المسكن الآمن بين حمام السلام ودواجن وديعة لا تقوى الدفاع عن نفسها...
تناثرت دماء الكائن المسخ ... كانت ضربة على الرأس قاتله من فتى لا يزال صغيرا لكنه بشجاعة الرجال ... تهلل وجه احمد فرحا... كان ضوء الكشاف لا يزال مركزا إلى مكان الحدث، كان وجه الطفل الرجل يزهو بنوع من الانتصار..وبحركة لا إرادية قام بتعليقه بماسورته ورفعه عاليا ؟... كأنه يمارس طقوس رقص في أدغال نائية عن الحضارة ، منسية من الإنسانية !.. كانت أشبه برقصات قبائل بعد انتصارها على أقوامها وناسها بغريزة لم تنزل بكتاب، أو تكتب في سفر في أصقاع المعمورة مارسها الفتى على وقع طبول النصر...

نظر احمد إلى طرف الماسورة التي يرفعها الفتى، ساد صمت غريب ثم التفت إلى ولده :
لم يكن كلبا يا بني،لأنها لا تعرف الغدر.. انه جرذ مقزز، وقد استحق نهايته..

إلى اللقاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس