الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسد في الجغرافية السورية

فاضل الخطيب

2009 / 7 / 13
كتابات ساخرة


سوريا الأسد.. الأسد في الجغرافية السورية..!

- جعيفص، ملك أو فرعون؟
+ مجموع الاثنين، "ملعون"..
عبادة الفرد شيء مضحكٌ رغم كارثتها، ولا يمكن وصف ذلك غير أنه التعبير عن أكثر تشوهات وغباء الإنسان، وعبادة الفرد لا تحتاج سوى معتقد خاطئ أو إيمان مبتذل، وقليل من الخوف، وكما يقال "لا تخافوا من أي شيء، فقط من الخوف". والمعتقد الخاطئ والإيمان المبتذل ليس أكثر من إعطاء الفرد صفات أخرى، وهي بحد ذاتها ليست صفاته، وإذا قاموا بالدعاية له وبشكل هستيري أحياناً تتحول هذه المواصفات إلى اعتقاد وكأنها تعكس حقيقته. هكذا يظهر بعد تصنيعه وبسرعة قائد مسيرة تجديد ومُلهِم أبدي، ويظهر من ضحية حادث سير شهيد مقدس، ومن ضابط عسكري قائد الأمة وصانع مجدها وحاميها وغير ذلك من الهلوسات الهستيرية التي يطرحها المداحون على هذا وذاك، حتى صار البعض يؤمن بأنه يملك تلك الخصائص، وصار يخلط بين التماثيل والواقع، وضاعت الحدود بين الدولة وبين الرئيس – هذا إن بقي ما يمكن تسميته دولة-، وأن النساء لم ولن تلد مثلهم ومثل عبقريتهم وكفاءاتهم.. ووصل الشذوذ عند بعضهم للغناء "حلّلك يا الله حلّلك... "دو.. دو.. دو..دو" يقعد محلّك"...
ولهذه الظاهرة لابدّ من وجود مؤمنين بها وهم ليسوا أكثر من "إكسسوار" لإتمام المسرحية، وكل شيء يبدأ من جديد وتعود الأصفار لتصنع قائداً حتى لو كان "جعيفص"..
وتترك عبادة الفرد آثارها بشكل عميق على طريقة التفكير، وعلى سوية الشخص واستقلاليته وحرية رأيه وشعور المواطنة عنده بشكل عام..
حاولت قبل عدة أسابيع جمع معلومات عن "الأسد في الجغرافية السورية"، وقد وجدت كميات هائلة من المعلومات عن أسماء الشوارع والساحات والجسور والسدود والمشافي ورياض الأطفال ودور الثقافة والصالات والأفلام، والمنشآت الرياضية والتماثيل -ليس فقط في سوريا بل في لبنان أيضاً-، وأسماء الحدائق والمنتزهات والغابات والمسابح والمطارات والمعسكرات والدورات والمجمعات والجوامع – لم ألتقي باسم كنيسة الأسد ولا في أي مكان- وهناك المدن والبلدات والضواحي التي تحمل اسم الأسد...إلخ. والحقيقة كي لا نظلم الرجل-الذي ما زال يعيش في رؤوس الكثيرين- أنه تقاسم تلك العقارات مع ابنه الذي مات نتيجة حادث سيارة -وبقدرة قادر أصبح شهيداً فوراً- وقد شاهده الشيخ البوطي في الجنة جنباً إلى جنب مع الصديقين والأنبياء (في كلمة الشيخ يوم تأبين باسل الأسد)، كذلك ُسميت بعض الأملاك باسم الرئيس (ربما للتهرب من دفع الضرائب)، أو تمّ تسجيل بعض العقارات الواردة أعلاه باسم حافظ الأسد(وهي هدية منه لحفيده ابن ابنه بشار الأسد، وهنا لابدّ أن نسجل له موقفاً إيجابياً يعبّر فيه عن حرصه على مستقبل حفيده). وعمليات التوسيع والتطوير العقاري مستمرة – الله طعماهم وهم بيستاهلو-...
وبكل حق يقال سورية الأسد، وأكثر من عشرين مليون إنسان –رعية- تعمل وتعيش في هذه الديار الأسدية، وربما يصبح اسم بلاد الشام وبشكل رسمي، بلاد الأسد، أسوةً ببلاد فارس وبلاد الفرنجة وبلاد الروم، أو أسوة بالامبراطورية العثمانية..
دعونا نأخذ بعض الأمثلة – مسموحٌ بين الفترة والأخرى الضحك وحتى القهقهة بصمت، ومن يتمالك نفسه أحييه بشكل استثنائي، لأنه لا يخاف من أي شيء ولا حتى من الخوف-..
تعتبر مكتبة الأسد، المكتبة الوطنية للقطر العربي السوري، وقد تمّ افتتاحها رسمياً برعاية السيد الرئيس حافظ الأسد.... –ترجمة هذا الخبر بحرفيته للغات الأوربية لن يكون مفهوماً، لأن تسمية أي شيء تكريماً لشخصٍ ما –مهما كان- لا يمكن أن تكون إلاّ بعد وفاة الشخص بسنوات طويلة- (يعني على حياة عينو صار عنده مكتبة قرأ منها كتاب الأمير لميكافيلي وحفظو مليح)..
مثلاً، تدخل مشفى الأسد الجامعي في اللاذقية وترى في الطرف الآخر مشفى الشهيد باسل الأسد، وبين الاثنين جامع الأسد وخلفه استاد الشهيد باسل الأسد، وعلى بعد عدة كيلومترات يقع مطار باسل الأسد الدولي، ونذكّر بمكتبة الأسد وشارع الشهيد باسل ومدينة الأسد الرياضية، وكل هذا في اللاذقية كذلك، لا يجوز تجاهلنا مسرح دار الأسد في اللاذقية والساحة ومعسكر الشهيد باسل الأسد الساحلي....إلخ. وهذه صورة تتكرر بهذه الدرجة أو تلك في كل المدن السورية، ولا شك أن في دمشق وحلب وهما أكبر مدينتان سوريتان توجد عقارات باسم العائلة أكثر من باقي المدن والبلدات(الله لا يحسدهم)..
وبصراحة ان أجمل ما لفت نظري ودخل قلبي بسرعة هي غابة الأسد التابعة لـ"متصرفية" حلب – يمكن محبتي للطبيعة هي السبب-.. والجميل أيضاً أن الشعب الذي رفع التماثيل لأبناء العائلة العظيمة العظام، يحافظ على تلك التماثيل واللوحات الضخمة بتوقيف حراسة دائمة، فقط من أجل احترام التمثال وليس من أجل أي شيء آخر، فشعبنا يعرف الاحترام ويحافظ عليه..
كل ذلك جميل حتى الآن، لكن ما العمل إذا كانت العقارات تزداد والأسماء غير كافية (ليس جميلاً أن يقولوا شارع الأسد رقم واحد، وخلفه الأسد رقم اثنين، أو مجمّع الأسد رقم صفر أو ساحة أسد الجولان، وسد محرر لبنان، أو أن يكتبوا على مدخل ضاحية اسم: حامي اسكندرون.. تلك مسائل تُخلق عدم ارتياحاً في المنطقة التي تسير نحو متابعة سياسة "حكّلي بحكّلك" بين الأشقاء الذين وإن اختلفوا تبقى خلافاتهم مجرد سوء فهم بين أهل البيت الواحد والرغيف الواحد –.. وقد تستغله المعارضة في المحافل الدولية لفضح النظام واتهامه بضعف لغوي وإبداعيّ)، لذا أقترح -من هنا- على لجنة الاقتراحات التي يُشرف عليها المساعد أول المقترح -أبو محمود- أن تستخدم مرادفات الأسد، مثل السبع، وبهذا يمكن البدء فوراً بكتابة لوحات جديدة، واقتراح آخر مجانيٌّ -ولوجه الله- استخدام مرادفة سبيعي للتحبب، ويمكن فتح مدينة سبيعي للجَزَر وأفلام الكرتون، وربما يصبح ميكي ماوس الإنكليزي فأراً عربياً على كومبيوتر هاوي إنترنت –سبحان اللي بيغيّر وما بيتغيّر-..
أسماء الأسد –ليس المقصود حرمة السيد بشار الأسد، هنا استخدمنا تعبير "حرمة" وكان من أساس مشروع قانون الأحوال الشخصية، والمعذرة من السيدة الجميلة أسماء الأخرس، كذلك اسم العائلة قريب من المشروع الطالباني المذكور المُعلّق-، المهم أن أسماء الأسد في جغرافيا الوطن تزيد أضعافاً على أسماء كل الذين ساهموا في حماية ونهضة البلد منذ أكثر من ألف عام -صحيحٌ أن بين تلك الأسماء لا يوجد من فرّط في ترابه أو بخل في الذود عن حماه – عن حِمــَاه وليس عن مدينة حَماه-.
مثلاً في محافظة السويداء يتردد اسم الأسد وعائلته في الشوارع والساحات ودورات التثقيف والتكييف – أرجو عدم التفكير بأي دورات أخرى- ومجمعات ومتفرقات بالجملة والمفرق، يتردد، أكثر بكثير من اسم قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش وهو ابن محافظة السويداء.. ويمكن القياس على ذلك في باقي أصقاع سورية الأسد..
والسبع وسبيعي وشركاؤه هي ملحقات تتبع الأصل الأسد، ولما كان أصل الأسد وحش –وعلى ذمة وبشهادة أهل قريته- لذا تصبح تلك الملحقات وحوش متباينة في دورها في الغابة، وأحياناً تظهر وكأنها أليفة..
وكنت قبل فترة كتبت موضوعاً بعنوان "الدائرة المغلقة" وهو ساخرٌ، لم يفهمه بعض الجديين والبعيدين عن السخرية معاذ الله. وربما استناداً لذلك تدور وتعود الملحقات إلى أصولها، وبعضها يعود بعد بعض التشوّه، وهنا يخطر في بالي ماركس قبل داروين..
ولا أدري إن كان ممكنٌ إنهاء هذا الموضوع بخبرٍ ساخر لم يُنشر للآن ويقول أنه: تذهب أرملة "دو.. دو.." لزيارة "دا..دا.." في سجن صيدنايا لتخبره عن وفاة "دي..دي.." بعد إطلاق النار عليه خلال مراسم دفن "دن.. دن.."...
"أعتذر على هذا التطرف الأعوج، لكنه ربما يستقيم عند الحديث عن عبادة الفرد المستقيم".
ملاحظة: استعملنا بعض حروف الدندنة بين معترضتين، بعد أن اعترضت صديقة لي على بعض المعترضات، عندما أردت أخذ رأيها بذلك، وكما يحدث في الراديو والتلفزيون يضعون غنّة أو رنّة مكان الاسم أو الكلمة غير المراد بثها..
ولكوني أحترم وجهة نظرها، أخشى أن تقول "جيت بدّك تكحلها قمت عميتها"...- وما عندي رد غير إنو في دولة عبادة الفرد بتكثر العميان، لأنو ما فيه غير واحد مفتّح -...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا ريت دائما تكتب مقالات ساخره
ziad ( 2009 / 7 / 12 - 23:01 )
يا ريت دائما تكتب مقالات ساخره لأنك بارع في هذا المجال وجدير بالتخصص فيه


2 - مقارنة
سوري ( 2009 / 7 / 13 - 07:19 )
كان ديكتاتور هنغاريا بين 1956 و1989 يانوش كادار. وقد نشرت عنه إحدى الصحف الغربية المغرضة المتآمرة على العرب أينما حلوا، مقالاً مطولاً عام 1988، كشفت فيه عن سيرته الذاتية
فهذا الديكتاتور الظالم (وليس كديكتاتوريينا الوطنيين) لم بكن مخلصاً للتراث الديكتاتوري، فقام بإصدار قرار فور توليه السلطة يمنع بموجبه تعليق صوره بأي مكان في البلاد، وكذلك ألا يتم وضع إسمه لأي مرفق أو شارع أو حتى غرفة، وبالنسبة للإعلام، منع أن تتصدر الأخبار التي يظهر هو فيها، نشرات الأخبار، بل أن يتم عرضها، إذا كانت فعلاً مهمة آخر النشرة. وعرف عن هذا الناكر للجميل، أنه حين كان يجلس ليراقب التلفزيون وتظهر صورته بالشاشة، كان يغادر الغرفة فوراً نظراً لإحساسه بالإحراج

ماشاء الله لأيش هيك ديكتاتور، والذي لا يفقه ألف باء الديكتاتورية، وكان عليه تعلم أصول الحكم من أشاوسنا الذين لا يهادنون بالتراث والقيادة الحكيمة


3 - الثقافة والحضارة تساعد حتى في الديكتاتورية..
د. فاضل الخطيب ( 2009 / 7 / 13 - 08:11 )
أشكر السيد زياد على كلماته ومروره..
وحول مقارنة السيد السوري، لابد من القول أن يانوش كادار كان بين زعماء الدول الحليفة للاتحاد السوفييتي السابق - كان أكثرهم حنكة وخدمة لوطنه، وكان يلاقي المضايقات الكثيرة من السوفييت، وكان يسعى للمحافظة على استقلالية المجر -كي لا يحدث كما حدث في براغ عام 68، وقبلها في بودابست عام 56.. وأذكر أنه في بداية الثمانينيات من القرن الماضي كانت هناك انتخابات طلابية في الجامعة ووضع أحد المرشحين صورته بين صورة يانوش كادار ولينين، وكتب تحتها -نحن ثلاثة أنا وهم- وعلّق الصورة الضخمة في عشرات الأماكن في الجامعة وكلية السكن والمناطق القريبة، ولم يكن ذلك غريباً سوى لنا نحن الأجانب، وعن ورود اسم كادار في الأخبار، صحيحٌ ما ذكرته حيث كان خبر زيارته لاتحاد الرياضة مثلاً لا يدخل إلاّ في زاوية الرياضة وليس على الصفحة الأولى، في أيام كادار وبشهادة أصدقاء كانوا معارضين لنظام كادار - كان البعض يتحرّش بالشرطة والأمن في الأماكن العامة كي يأخذوه على قسم الشرطة لتحقيق شكلي ثم الإفراج عنه، وكان بعض المعارضين يعتبرون ذلك نشاطاً..
في موضوع عن التغيير السلمي للنظام الذي حصل في هنغاريا ولم تطلق رصاصة واحدة ولم تسقط نقطة دم واحدة، كتبت -أن الهنغار حتى في الديكتاتورية يتعاملون بحض


4 - تنويه
الحارث العبودي/استراليا ( 2009 / 7 / 13 - 13:11 )
الاخ الكاتب السيد فاضل الخطيب:
في الجزء الاخير من مقالك تقول(في دولة عبادة الفرد يكثر العميان)وأعتقد أن المقصود هو في دولة العميان يكون(الاعور)هو الرئيس وشكرآ....

اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي