الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستشاري الرئيس

عمرو اسماعيل

2004 / 5 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أن رحلة الرئيس مبارك الي أمريكا و مقابلة الرئيس بوش ثم الصدمة التي لا بد أنه تعرض لها بعد لقاء بوش و شارون أوحت لي بهذا العنوان , فكل رئيس علي ما أظن له مجموعة من المستشارين ولعل أهمهم في العالم الآن كوندوليزا رايس مستشارة الرئيس الأمريكي للأمن القومي و كما هو معروف فأن الرئيس الأمريكي له مستشارين للأعلام وعدة مجالات أخري وحتي الوزراء في النظام الأمريكي يسموا سكرتيري الدولة وهم في الحقيقة مستشاري الرئيس الأمريكي كل في مجاله وهم مسئولين عن وضع المعلومات و الحقائق أمام الرئيس لاتخاذ القرارات فهو المسئول الأول و الأخير أمام الشعب من الناحية التنفيذية.
وقد كانت هذه الحقيقة واضحة تماما في المؤتمر الصحفي الذي عقده مؤخرا عن أحداث العراق و تعرض فيه لأسئلة محرجة و علي الهواء مباشرة لو تعرض لها أي رئيس في منطقتنا لكان مصير السائل من الصحفيين بعد المؤتمر هو الذهاب الي أقرب معتقل بدلا من منزله أو علي أقل تقدير منعه من مزاولة مهنة الصحافة و التسكع علي القهاوي لبقية عمره. ولكن ليس هذا موضوعنا فرغم كرهنا لأمريكا فلا يستطيع أحد ان يشكك في ديمقراطية النظام داخل أمريكا علي الرغم من ديكتاتوريته خارجها علي الأقل معنا نحن الحثالة في الشرق الأوسط.
ولكن السؤال الذي يتبادر الي ذهني كلما رأيت كوندوليزا رايس وهي تجلس في معية الرئيس الأمريكي واضعة ساقا علي ساق وتشع أحساسا بالقوة و الثقة في قدراتها , هو هل لرؤساءنا أو ملوكنا مستشارين مثل الست رايس يضعون أمامه الحقائق كما هي لكي يستطيع بعدها اتخاذ القرارات الصائبة.
أني أشك في ذلك و خاصة بعد متابعة لقاءات أي رئيس أو ملك عربي مع الوزراء و كبار رجال الدولة وكيف يتحدثون معه أو يقدموا له مشروعاتهم .. تجد الواحد منهم يتكلم و كأنه تلميذ خيبان يتحدث أمام ناظر المدرسة ونحن في مصر عندنا أمثلة كثيرة لهؤلاء المسئولين فالواحد منهم يقف أمام الرئيس مطأطيء الراس لا يرفع نظره الي أعلي قابضا علي يدية ثم يبدأ في التحدث وكأنه قد كان يحفظ ما سيقوله منذ ثلاثة أيام علي الأقل ويمكن من غير نوم و أذا رأيته بعد ذلك كيف يعامل مرؤوسيه و كيف يخاطبهم لاعتقدت أنه أسد جسور , منتهي التناقض فهناك فرق كبير بين الأحترام و الخنوع.
ومما يدعو للأسف أن السيد عمرو موسي كان يتحدث لسعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أمام كاميرات التليفزيون بطريقة مشابهة وذكرني بمتعاقد في السعودية يخاطب رب العمل.
فكيف تتوقع من مثل هؤلاء المستشارين أن يضعوا الحقائق أمام الرئيس كما هي و بدون تزييف حتي يعطوه الفرصة لاتخاذ القرارات الصحيحة .. أنهم بلاشك يقولون له ما يحب أن يسمعه أو علي الأقل ما يعتقدون أنه يرفع اسهمهم عنده فكله تمام يا ريس و المشكلة قد تم احتوائها والشعب سعيد و يشكر سعادتكم علي ما فيه من نعمة و رخاء و أمن .. وأذا كانت هناك مظاهرة أو احتجاج عرف عنها الرئيس بمحض الصدفة فسيقول له مستشاروه الأفاضل أن هؤلاء مجموعة من الحاقدين المغرر بهم الذين تحركهم الجماعات الأسلامية أو الشيوعية من أعداء الشعب الذين يكرهون الأستقرار و النعيم الذي يرفرف علي مدن و قري و نجوع أي بلد عربي منذ تولي سيادته الحكم.
وأنا قد عشت تجربة بسيطة في أيام وزير الصحة السابق في مصر الذي أعتبره رجلا شجاعا و نشيطا مخالفا في ذلك رأي الكثيرين .. فقد طلعت أشاعة أن الرئيس سيزور المستشفي التي كنت أعمل بها في منصب أداري و يبدو أنها كانت أشاعة لها نصيب من الصحة فقد تم احتلال المستشفي من قبل أجهزة الأمن و تم رصف الطرق حولها وعمل مهبط للطائرات العمودية في 24 ساعة ,, المستشفي تقع علي الطريق الصحراوي,, وزار الوزير المستشفي عدة مرات و اجتمع مستشاره في ذلك الوقت بنا و هو لواء متقاعد وبلغة مهذبة هدد العاملين أن قدم أي منهم شكوي عامة أو شخصية للريس فمصيره هو علي الأقل هو العمل في أقاصي الصعيد.. وتم تحديد بروتوكول الزيارة تماما ليسمع الريس أن كل شيء تمام في المستشفي ووزارة الصحة و مصر كلها وفي النهاية لم يحضر الرئيس و ذهب لزيارة مكان آخر أي تم اسعمالنا كاموفلاج أمني وكم حمدت الله علي ذلك.
فكيف تريدوني أن أتوقع أن هناك مستشارين يؤدون عملهم كما يجب و يضعون المعلومات و الحقائق الصحيحة أمام الرئيس ليتخذ قرارته بناءا عليها ويتابعون ما يكتب في الصحف المصرية و العالمية و اتجاهات الرأي العام في مصر و العالم العربي والعالم أجمع حتي يستطيع الرئيس أن يكسب قلوب شعبه و يعرف نبض الشارع ويتخذ من القرارات السياسية ما يلزم لرفع المعاناة عن الشعب.
حتي في السياسة الخارجية كنا دائما نحترم السيد أسامه الباز و الدكتور مصطفي الفقي كمستشارين للرئيس في الشئون الخارجية ولكن علي ما يبدو أنهم فقدوا أحساسهم الوطني والمهني لأن ما حدث في أمريكا لا يمكن تفسيره ألا أنهم لم يؤدوا واجبهم كما يجب.
وما يحدث في مصر يحدث في جميع الدول العربية بطريقة مشابهه أو أكثر فجاجة فمستشاري أي رئيس أو ملك عربي يعتبرون أن واجبهم الأساسي هو تقديم فروض الولاء و الطاعة وأسماع الرئيس مايحبه من النفاق الفج من عينة أنه الزعيم الأوحد والقائد الملهم وان البلاد والعباد كان مصيرهم الضياع لولا حكمة سيادته و عبقريته و حنكته السياسية وأن أبن سيادته سعادة الباشا الصغير هو الشاب الأوحد الذي سينقذ البلاد من الضياع و الفوضي بعد أن يقصف الله عمر الرئيس .. المهم أن يحتفظ المستشار بمنصبه أو علي الأقل حياته وحساباته في البنوك العربية و السويسرية .. أصل البنوك الأمريكية أصبحت خطر هذه الأيام وتجميد الحسابات فيها علي ودنه.. والمهم أن تبقي بلادنا بلاد الزعيم الأوحد و الشاب الأوحد.
أن الحقيقة المرة يا سادة أن أي رئيس أو ملك عربي يحتاج لمستشارين من عينة كوندوليزا رايس فهي بمائة راجل من عندنا و انظروا كيف تساعد بوش علي أن يمرمط كرامتنا نحن العرب من حكام و محكومين ومستشارين فهي لاتخاف لأنها تعرف أن بوش زائل وهي ستبقي كشخصية عامة تتهافت عليها الجامعات ومراكز الأبحاث لألقاء المحاضرات ولن تفقد حياتها أو حساباتها في البنوك أن لم يرضي عنها بوش.
وفي النهاية لا يسعني في النهاية ألا أن أدعو الي الله أن يرزقنا بكوندوليزا رايس عربية .. اللهم آمين.

د. عمرو اسماعيل .. مصر
[email protected]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيناريوهات خروج بايدن من السباق الانتخابي لعام 2024


.. ولادة مبكرة تؤدي إلى عواقب مدمرة.. كيف انتهت رحلة هذه الأم ب




.. الضفة الغربية.. إسرائيل تصادر مزيدا من الأراضي | #رادار


.. دولة الإمارات تستمر في إيصال المساعدات لقطاع غزة بالرغم من ا




.. بعد -قسوة- بايدن على نتنياهو حول الصفقة المنتظرة.. هل انتهت