الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن صحافة البسطات ولحس الاحذية

عطا مناع

2009 / 7 / 14
الصحافة والاعلام


نتبجح نحن الفلسطينيون مفاخرين بأننا بلد الديمقراطية وحرية الرأي وبلد عشرات المحطات التلفزيونية والإذاعية التي تتحفنا بما لذ وطاب من مواد إعلامية مهجنة وموجهة مع بعض الاستثناءات المغلوبة على أمرها.
وبما أنني اعمل في الإعلام المحلي منذ انطلاقته أي بعد دخول السلطة الفلسطينية عام 1994 وهجري للصحافة المكتوبة أثقل كاهلي وغيري من الصحفيين الذين لا يعرفون من أين تؤكل الكتف أو بالأحرى ما زالوا "تقليديين" في تعاطيهم مع قضايا مجتمعهم التي أصبحت تعرض في أسواق الدولار والشيكل ما أدى إلى ولادة إعلام مشوه وصحفيين يصفهم "الغير واقعيين من الصحفيين" بعبده الدولار.
التقيت بالأمس فتاة تدرس المحاماة للسنة الثانية في جامعة أبو ديس، وبحكم الظروف توجهت لإحدى المحطات المحلية، وبالفعل حصلت على فرصة عمل عبارة عن دوام ثماني ساعات قد تمتد لاكثر من ذلك، وعملها أن تجلس في غرفة البث وتضع الكاسيتات في الفيديو وتنظيف المحطة أسبوع بعد أسبوع، الملفت أنها تتلق مرتبا قدرة ثمانية شواقل ونصف في اليوم مقابل قوة عملها......... طبعا لا عقود ولا حقوق..... ناهيك عن الفوقية واستحقار الأخر وقناعاته.
الفاجعة أن انطلاقة الإعلام المحلي جاءت مبشرة خاصة أن الذين حصلوا على تراخيص أو عدم ممانعة لهم تاريخهم الوطني بانخراطهم في فصائل منظمة التحرير، بمعنى أن بعضهم كان ينادي بالماركسية وحقوق العمال وينحاز للبروليتاريا المسحوقة، إلا أن هذا الصنف من أصحاب المحطات تحول لصاحب عمل يمارس في بسطته الإعلامية سواء كانت إعلام مرئي أو مسموع أساليب التفافية على حقوق العاملين غاية في الدونية.
المشكل أن الجشع الذي سيطر على بعض أصحاب المحطات المحلية دفعهم باتجاه الخطيئة والانخراط في أجسام وتحالفات غابت عن أهدافها تقديم الحد الأدنى من المادة الخبرية لأنها وضعت نصب أعينها رضا الممول الذي قد يكون مركز بيرس للسلام أو ما يسمى بأرضية مشتركة والعديد العديد من المموليين الذين يفرضون شروطهم وأجندتهم التي تتعارض مع أسباب ولاتهم.
كل ذلك اخرج للمواطن الفلسطيني شريحة من"الإعلاميين" الذين لا محرمات عندهم ولا خطوط حمر، شريحة انجرفت لحياة البذخ والمرتبات العالية والرشاوى والتزوير وفتح ما يمكن أن يفتح مقابل الحصول على التمويل الأسود الذي شكل وصمة عار في تاريخ الحركة الصحفية الفلسطينية.
ولم يكتفي بعض هؤلاء بحياة الدنس الإعلامي بل ذهب بعضهم للحصول على تراخيص لمحطات ضمن علاقاتهم بالمتنفذين في السلطة وبيعها بمبالغ خيالية تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات، وقد أعاد البعض المدعي الكرة أكثر من مرة ليكونوا سببا في إغراق مجتمعهم في الخطيئة.
بالطبع نقابة الصحفيين وكعادتها تنام في العسل وتقوم بدور حارس المقبرة الذي لا عمل له سوى اللعب "بالصرة" وأحيانا ما تحت الصرة مستمتعة ومقتنعة بدورها المقتصر على توزيع البطاقات لمن يدفع 100 شيكل أي ما يعادل 25 دولار أمريكي، هذا الموقف زاد الطين بله وساعد على استفحال الحالة الإعلامية الشبقة التي يقودها عبده الدولار.
إن الفساد والإفساد الإعلامي جريمة يعاقب عليها القانون، ولكن أين القانون من هؤلاء.....؟ إنهم يعرضون تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا على بسطات في العواصم المعادية، وقد أصبحنا نعتمد الأخر في مصادرنا الصحفية، أنة الاستحقاق الصعب الذي حيد الإعلام الفلسطيني ببعض الاستثناءات من المواقع الالكترونية والكتاب الذين لا قبلة لهم إلا الوطن.
لقد تحول الإعلام في بلدنا من مشارك في الفعل والبناء والصدام والتصويب وفضح الفساد لإعلام مشارك في المنهج الديماغوجي التضليلي الذي وضع الشعب بين مطرقة الإجراءات الاحتلالية وعقم الخطاب الفلسطيني، وانأ أؤكد أن هناك استثناءات غير فاعلة ينطبق عليها قول غسان كنفاني في روايته رجال في الشمس ، أنهم الذين يقرعون جدران الخزان في زمن الاشتباك مع لقمة العيش وخلع البنطلون أمام الإغراءات المشبوهة.
قادم الأيام سيكشف عن جرائم وخطايا يرتكبها من كانوا رأس الحربة في وجه الاحتلال وتحولوا لرجال يبحثون عن ذاتهم الدنسة، وبالمناسبة لا زلت حتى اللحظة أفكر بتلك الفتاة التي تتقاضي ثمانية شيكل ونصف في إحدى المحطات المحلية، ولا زلت ابحث عن جواب لجدوى بقاء بسطات الإعلام التي حولت البعض لكائن يلعق الأحذية في الفنادق الفخمة وورش العمل العابرة للقارات، وقد امتلك بعض الشجاعة لأفتح هذا الملف بالمعلومة والشهادات التي تؤكد إن هناك من يفسد إعلامنا كمقدمة لإفسادنا.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت