الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية في العراق .. صناعة مكلفة لبضاعة تالفة

محيي المسعودي

2009 / 7 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كلفة الديمقراطية في العراق هي اكبر بكثير من كلفة اية دكتاتورية واشد واثقل وطأة على الاقتصاد العراقي
عندما يصبح كرسي المسؤلية بقرة حلوب متى انقطع حليبها اُكل لحمها, حينها اقرأ على البلد السلام ! . استدرجني للحديث في هذا الموضوع كتاب علمته مؤخرا !؟ يطلب فيه صاحبه تخصيص بيت له ولعائلته من بيوت الدولة , مثله مثل الكثرين من المسؤلين في الدولة العراقية . هذا المسؤول واحد ممن لم تستقر بعد عجيزته على كرسي " السلطة " ولا اقول كرسي المسؤولية, لانني لم ار مسؤلا عراقيا واحدا تعامل مع هذا الكرسي على انه مسؤولية وجد نفسه اهلا لها وتكليف قبل به من اجل خدمة الناس . وبما انني مشغف بمراقبة سلوك وتصرفات المسؤولين واحادييثهم وقراءتها وتحليلها وفق معطيات الواقع النفسي والاجتماعي لهم , فقد شرعت اراقبهم, بشكل مباشر او من خلال "الميديا" . وكنت قد رصدت فرحهم وتفاخرهم بمناصبهم وامتيازاتها ورصدت حرصهم الشديد على الحظي بقدر اكبر من السلطة والمكاسب المادية والمعنوية ولم ار مسؤولا واحدا اثقله عِظم المسؤولية او حتى مرت في باله هذه المسؤلية الوطنية والأخلاقية على انها واجب ومن المفترض انه مكلف بها اتجاة الناس ومصالحهم ومصالح الوطن عامة . في الكواليس وبين الأهل والأقارب يتحدث المسؤولون عن هذه المسؤولية بصفتها غنيمة والشاطر من يكسب اكبر قدر منها . يغبطون انفسهم ويشعرون بالنشوة حين يختلون بأنفسهم ويفكرون بالكراسي التي جلسوا عليها وينتفخون ثم ينتفخون حتى يكاد وان ينفجروا من اجل ان يملاوها لانهم دائما اصغر منها. ربما يحق لهم الفخر والتفاخر والامتيازات وحتى الانتفاخ , لو كان عملهم واداء مسؤولياتهم يصب في خدمة الصالح العام , ويحق لهم هذا ايضا لو كان انتاجهم الوظيفي يساوي امتيازاتهم , ولكن المقارنة بين انتفاخهم وامتيازاتهم من جهة وما يقدمونه من خدمة للناس من جهة اخرى تكاد ان تكون هذه المقارنة معدومة . ويستطيع أي مراقب ان يرى كلفة وجودهم الباهظة جدا على الدولة والتي لا يقابلها انتاج يذكر, بل نرى ان هناك كلفة اخرى اضافوها فوق كلفتهم الباهظة التي طلبوها بانفسهم وسموها شرعية , والكلفة الاضافية, هي ذلك الفساد الذي يقومون به بانفسهم او يسمحون به من خلال مراكزهم او تغاضيهم عنه او نتيجة عدم قيامهم بواجباتهم وتملصهم من مسؤولياتهم . لقد بات جليا للجميع ان كلفة الديمقراطية في العراق هي اكبر بكثير من كلفة أية دكتاتورية واشد واثقل وطأة على المواطن والاقتصاد العراقي , بينما يُفترض ان تكون كلفة الديمقراطية اقل بكثير من كلفة اية دكتاتورية على أي اقتصاد "طبعا" يكون ذلك بسبب انعدام الفساد والبذخ والتبذير في النظام الديمقراطي والترشيد فيما تصرفه الحكومة الديمقراطية .
نُعيب على دولة مثل السعودية ان فيها ما يقارب الخمسة آلاف امير تستنزف مخصصاتهم القسم الأكبر من الميزانية . بينما نحن في العراق يحكمنا نظاما جمهوريا ديمقراطيا ولدينا من المسؤولين اكثر بكثير من امراء السعودية وهم يتضاعفون ويتناسلون كل اربع سنوات ويستنزفون الاقتصاد العراقي . ومن يُجري عملية حسابية بسيطة في عد اعضاء مجلس النواب واعضاء مجالس المحافظات والأقضية والنواحي واخوات هذه المجالس ومقدار ما يأخذونه ويحسب تناسلهم المستمر سوف يجد اننا نفوق السعودية لا بالأمراء بل بالوزراء ووكلاء الوزراء والمدراء العامين ووكلاء هؤلاء المدراء . "طبعا" كل هذا يحصل بسبب درجات التقاعد التي يحصل عليها نواب البرلمان واعضاء المجالس المحلية . ان كلفة هؤلاء كبيرة جدا ابتداء بايفاداتهم وسفراتهم خارج البلاد ومخصصاتهم النقدية ثم العينية التي من ضمنها البيوت التي يسكنوها والسيارات التي تقلهم والهواتف والحواسيب لهم ولذويهم والكثير الكثير من تلك الكلف الباهظة . واذا لم تُعالج هذه الكلف بتخفيض الرواتب التقاعدية الى درجة موظف عادي من الدرجة الخامسة او الرابعة وترشد المصاريف والمخصصات الى الحد الذي تكون فيه هذه المخصصات ضرورية جدا وفقط من اجل عمل المسؤول فان ثروة العراق ودخله سوف لن يكفي هؤلاء وعلى الشعب ان يبحث عن مصدر آخر يعتاش منه كالمساعدات الدولية او العمل خدما لهؤلاء المسؤولين او يتوزع الشعب العراقي في دول العالم ويبقى العراق لهؤلاء المسؤولين .
اتذكر بعض المسؤولين السابقين في الحكومات المحلية والمركزية الذين اخذوا بيوتا من املاك الدولة بصفتهم مسؤولين وعندما خرجوا من المسؤولية بقيت البيوت لديهم بشكل قانوني من خلال الحيل الشرعية - عفوا عفوا - من خلال الحيل القانونية مثل المساطحة. "طبعا" ليس المسؤولون وحدهم من ينهب املاك الدولة والمال العام بل هناك الأحزاب السياسية والدينية التي ينتمي اليها بعض هؤلاء المسؤولين . والتي لا يوجد حزب واحد منها الاّ ويسيطر على عقار او عشرات العقارات العائدة للدولة . هذه بعض تكاليف الديمقراطية في العراق وهي ليست تكاليف الديمقراطية التي نعرفها في العالم بل تكاليف الديمقراطية العراقية حصرا . فأية ديمقراطية, نحن نعيش ! ؟ يبدو ان ديقراطيتنا العراقية تشبه مستورداتنا الغذائة والدوائية والصناعية وغيرها من "الفواسد والتوالف" التي يستوردها تجارنا وسياسيونا , أي ان بضاعة السوق السياسية لاتختلف عن بضاعة السوق التجارية الاّ ان البضاعة الاولى أي السياسية تحمل علامة " انتاج عراقي" وهي صناعة مُكلفة تنتج بضاعة تالفة ..
العراقيون غير مستعدين لدفع هذه التكاليف الباهظة للديمقراطية وعليهم البحث عن نظام اخر حتى ولو يتنازلون فيه عن بعض حرياتهم وحقوقهم مقابل حفظ ثرواتهم وسلامة بلدهم اقتصاديا وسياسيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا يتضمن قانون الجنسية الألماني الجديد؟ | الأخبار


.. موريتانيا: تأهب وتوتر قبل رئاسيات السبت المقبل؟




.. ردّ وزير التجارة الجزائري على اتهامات الاتحاد الأوروبي


.. 7 لحظات لا تُنسى من مناظرات الرئاسة الأمريكية في 6 عقود.. شا




.. غالانت يلوح بإعادة لبنان إلى العصر الحجري|#غرفة_الأخبار