الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل صحيح ان ثورة 14 تموز مباركة ؟ لا أعتقد ..!

محمود الشمري

2009 / 7 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


طالما تردد وصف ثورة 14 تموز عام 1958 بانها ثورة مباركة نقلت العراق من الملكية الى الجمهورية ..وكأنما أصبح الوضع أفضل في ظل الجمهورية و ان العراق انتقل من وضع سيء الى وضع طيب وهذا مالم يحصل بالمرة .
ان الفعل المبارك يعني ان الله قد منحه البركة بعد رضاه عن ذلك الفعل ..فهل كانت ثورة 14 تموز حقيقة مباركة واكتسبت رضا الله سبحانه بما حققته من مكتسبات للفقراء خصوصا وللمجتمع العراقي عموما .. أنا شخصيا لا أعتقد ذلك !!
فلقد فتح انقلاب 14 تموز الباب واسعا لسيطرة العسكر على مقدرات العراق وتدخلهم السافر في حياته , و تاريخ العراق الحديث يشهد أن العسكر قد أصبحوا اللاعب الرئيسي في الساحة السياسية العراقية وأنهم هم من لطخوا تاريخه ببقع الدم التي تشكل سمة وعلامة مهمة ورئيسية فيه .. والمتتبع لتاريخ العراق سيجد أن العراق لم يجني غير القتل والدمار من هذه السلسلة من الأنقلابات العسكرية التي فتح الباب على مصراعيه لها انقلاب 14 تموز الذي سبب للعراق الكثير من التغييرات وافرز الكثير من ألأمور على كافة الأصعدة والجوانب ومنها :

الجانب السياسي :

1- تسلم العسكر لمقاليد الأمور في العراق وتصفية السياسيين الحقيقيين أوخروجهم من الساحة .
2- استخفاف العسكر بالقيم والتقاليد السياسية ومباديء السياسة والحكم كالأنتخابات والحريات , وطغيان مبدأ القوة وفرض الأجندة السياسية بالقوة العسكرية والتصفيات بعد أن كانت الأجندات السياسية تتصارع اعتمادا على البرنامج السياسي .
3- تسلط الفكر الواحد والزعيم الواحد بعد أن كان نظام الحكم ملكيا بروتوكوليا برلمانيا ضعيفا متخلفا ولكن كان من الممكن تقويته وتطويره .
4- ااستسهال مبدأ القيام بأنقلاب وتزايد أعداد الطامحين بالتسلط وتكرر المؤامرات ودخول عصر الأنقلابات العسكرية .
5- صعود عناصر غير كفوءة الى سدة القيادة وليس لها أي خلفية سياسية قادت البلد الى المزيد من التخلف .
6- ظهور الشيوعيين كقوة سياسية غير منضبطة انذاك سبب تحديا لقوى اخرى مثل القوميين والبعثيين لدخول الساحة السياسية بشكل سري وبداية الصراعات المدمرة .


الجانب الأخلاقي :

1- قتل الملك فيصل الثاني الشاب الذي لم يقترف ذنبا هووالوصي عبد الأله وبعض افراد العائلة المالكة وخيانة العهد الذي قطعه العراقيين لجده بعدم التعرض لحياتهم, ومن ثم قتل نوري السعيد وسحلهم في الشوارع والتمثيل بجثثهم يعتبر وصمة عار لحقت بالمجتمع العراقي و تسببت بظهور النزعات الأجرامية البشعة والقيام بقتل وسحل مواطنين اخرين واعتبارها اعمالا بطولية ..

2- الأنقلابيين كسروا حاجز خوف العراقيين من انتهاك الأعراف والتجاوز على حياة الاخرين وأصبح استخفاف الناس بكل القيم والتقاليد والأعراف ممارسة تقدمية تثير الأعجاب والأهزوجة المشهورة انذاك هي (ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة ) دليل على استسهال عملية شنق الناس أو سحلهم والتحريض عليهما وقد حصلت حوادث كثيرة بهذا الخصوص .
3- الأنقلابيين استبدلوا الخنجر الذي كان يعتبر اخطر الأسلحة انذاك عند احتدام المنازعات بالرشاشة والمسدس مما أحدث نقلة في الأخلاق الأجتماعية سببت كوارث كبيرة ..
4-ظهور افكار تحض الناس على الاستهتاربالدين وبالمقدسات .
.

الجانب ألأجتماعي :

1-زعزعة حالة الأستقرار الأجتماعي للمجتمع والفرد ..
ولاتشفع طيبة عبد الكريم قاسم وزهده في الدنيا واهتمامه بالفقراء , لاتشفع له أو لأنقلابه حيث أن السوء الذي لحق بالعراق وبالفقراء جراء انقلابه وما صاحبه من تغييرات سلبية يفوق بأضعاف مضاعفة الفوائد التي جناها العراقيون من ذلك الأنقلاب .
2-اربعة سنوات ونصف مضطربة هي فترة حكم عبد الكريم قاسم ولم تنجز سوى بعض المشاريع الفقيرة وكانت الوعود التي لم تتحقق هي اهم علامات المرحلة التي سببت حالات تذمّر واحتجاجات وتوترات ..
3- قيام عبد الكريم قاسم بتوزيع قطع اراضي سكنية على الفقراء من المهاجرين من المدن العراقية الأخرى والريف الى بغداد سبب تغييرا كبيرا في بنية المجتمع المديني البغدادي واضمحلال قيم المدينة المناسبة للمدينة , وصعود قيم الريف المناسبة للريف فقط .
4- تجرأ الفلاحين والمواطنين الأخرين على خرق قيم اجتماعية قديمة محترمة مثل احترام شيخ العشيرة أوتقدير رجل الدين أو مختار المحلة واستبدالها بقيم غريبة لاتمت الى ديننا ومجتمعنا بصلة .
5-ظهور الطائفية الدينية بشكل اكثر وضوحا بعد أن جلب المهاجرون بجهل من الريف قيم التعصب الديني الى مجتمع المدينه المتسامح والمتعايش بسلام .
6 - ظهور مبدا الفساد الأداري و الوساطة للحصول على الوظائف بعد الانفجار السكاني الذي حدث بعد استقرار الأعداد الهائلة من المهاجرين وبروز مبدا التدافع الأجتماعي والتسابق على فرص العيش
7-هجرة الكثير من المزارعين الى المدينه سبب نكسة كبيرة للزراعة .
8- ظهور مبدا التجسس والعملاء السريين وفقدان الثقة حتى بالجار والقريب .
9-نزول المراة للعمل مع عدم وجود قوانين تضبط العلاقات مع وجود حالة من التخلف سبب مشاكل اجتماعية واستفحال ظاهرة التحرش والقتل لغسل العار والأنتقام .

وهناك الكثير من ألأمور لا مجال لذكرها ..

أما أهم ما ورثناه من حكومة القائد الطيب الأوحد عبد الكريم قاسم الضعيفة هو قيام البعثيين بانقلاب 8 شباط عام 1963 ونجاحهم بلا عناء بالسيطرة على مقاليد الحكم في العراق وارتكابهم لفظائع يندى لها الجبين ومن ثم انقلاب عبد السلام عارف وأخيه عبدالرحمن الذي سلم البلد على طبق من ذهب الى نظام البعث الصدامي المرعب الذي لايحتاج الى تعريف .
فهل لازلنا نعتقد أن العدالة الألهية سترضى بكل هذا وسيبارك الله هذا التغيير الذي يسمونه ثورة 14 تموز المباركة ؟ ...مازلت لا أعتقد ذلك رغم اعجابي الشديد بشخصية عبدالكريم قاسم طيب النيات , ولكن النيات وحدها لاتكفي .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لاستغرب نجاة الكاتب من التعليق!
ذو الفقار ( 2009 / 7 / 15 - 15:23 )
ياأستاذ محمود يظهر ان تبحث عن الطلايب بلا تواثي في إختيارك للمواضيع بحنكة! نعم الناس اليوم لايبحثون عن موضوعية هادئة في من خلقوا له التصور الذي يمكن محوه ابدا من جميل ذاكراتهم . هل تصدق ان هناك من يظن ان المرحوم عبد الكريم لازال حيا؟ ثم هل تعرف كم اسم عبد الكريم في سنوات حكمه في العراق خاصة؟ جمالية عبد الكريم في ذاكرة الناس هي انه كان محبوب الجميع برجوازيين وفقراء، شيوعيين قوميين وحتى بعض البعثيين اما رصيده عند الفقراء فلايحصى ثم لم تسال الناس يوما ما هل ابن الطاهرة كيفية من مذهب من؟ ذاكرة العراقيين تخزن له صور البهاء والنقاء وطيب المنبت ولو سمع ثائر الالوسي ابومصطفى صديقي بمقالتك دون ان يتمعنها لمزقك اربا بنقده اللاذع و بحواره الممتع فقد ارسل لي عن الزعيم صور الدكتاتورية التي الصقها البعث البغيض به والسفرطاس وملكوته الصوفي الذي كان يعيش. مع ذلك ارفع لك القبعة لم تنقد الزعيم انتقدت منهج العسكر وما جر العراق بعد ذاك الزاهد الفقير الصائم المظلوم المقتول غدرا ويقيني انت تعرف ذاك ولست بجاحده!


2 - مباركة وطاهرة ومقدسة
سلام شاكر ( 2009 / 7 / 15 - 17:27 )
نعم انها مباركة وطاهرة ومقدسة وان عبد الكريم قاسم طاهر ومقدس ومبارك وجليل لسبب واحد لاغير :
لان البعثيون هم من اغتالها
ولا يغتال البعثيون الغائطيون الا كل مقدس وجليل وطاهر لانهم هم لب النجاسة وعار التاريخ الاكبر ..ومن كان بعثيا فليتلفع بنقاب ليستر الناس من شر خلقته واخلاقه


3 - الأستاذين العزيزين ذو الفقار وسلام شاكر
الشمري ( 2009 / 7 / 15 - 17:51 )
تحية وبعد ..ارجو ان لايفهمني احد بشكل خاطيء فأنا مثل اكثر العراقيين من المعجبين بزهد عبد الكريم قاسم ووطنيته وحبه للفقراء ومحاولته خدمة العراق ولكن المد المعاكس ضده كان أقوى وأشد واجهض خططه الشريفة .. كما انني أعتقد أن الزعيم بقلبه الكبير لم يرضى بقتل الملك او أي واحد اخر ولكن كان عليه مثلما خطط للقيام بالثورة أن يخطط للحفاظ على حياة الناس وكان يستطيع ارسال سرية تابعة للواء 19 الذي يقوده لحماية حياة العائلة المالكة  


4 - الأستاذين العزيزين ذو الفقار وسلام شاكر
الشمري ( 2009 / 7 / 15 - 17:54 )
تحية للأستاذ ثائر الالوسي ولكل محبي الزعيم ولكل محبي الملك المغدور ولكل محبي العراق ولكل محبي الحقيقة
 

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر