الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نَزفُ جُرحهنَّ صَدى عيد

نبال شمس

2009 / 7 / 15
الادب والفن


(التقيت بها...قصّت قصتها...فنزف قلمي..
كانت ليلة عيد لامرأة دمشقية مغتربة تقيم في الجولان....لم تر اهلها منذ سنين طويلة...لم تستطع شم رائحة والدتها في مثواها الاخير، ولم تستطع تقبيل والدها وهو يستحضر الروح فتضاعفت المعاناة وتضاعف الم الغربة.
قضية ليست شائكة...بل اولئك الذين تولوا هذا الملف زرعوا الشوك على صفحته الاولى....واولئك النسوة دفعن الثمن دمعا وشوقا وحنينا لاهلهن
قضية لعشرات الدمشقيات تزوجن الى الجولان وحملن قضية لم يلتفت اليها احد، لا من سلطات الاحتلال ولا من سلطات وطنهن الام، فالمرأة الدمشقية المقيمة في الجولان هي الوحيدة الممنوعة من الزيارة الى سوريا رغم انه في كل سنة يسافر الى سوريا مئات الاشخاص لكنهم من الذكور ((رجال الذين))
قضية انسانية ...لملف ما زال يترنح على عشرات الطاولات
*****************************

أيتها الدمشقيّة النقيَّة!
يا من تَحملينَ بينَ راحَتيكِ بَصيص جرحٍ والغِياب طالَ عن أهلِ الدارِ!
لنزفِ جرحكِ نزْف البركانِِ.. فما من ابجدية توقِف صدق عَبَراتك السَخيَّة
ولا مِن أَبْجدِية تحمِلُ بَراكين اللوتس ونور البَنفْسَج بين حروفك البَيضاء كحمامةٍ عَلت من عُمق وسادَتكِ الى أقاصي السَماء....
ָָָָָָָָָָָ
نَزفُ جُرحهنَّ صَدى عيدٍ، ونَزف مُعاناتهنَّ صدى صمتٍ وعزلةٍ في أَركانِ النفوسِ الباحِثة عن بَهجةَ عيدٍ او نور أملٍ.
هل لِصدى الزمنٍ أن يردَّ لَهنَّ رائحة الطفولةِ ويُسمعهنَّ لِمرَّةٍ واحِدةٍ نغمات الأّمل وشَذى زيْت الزيتونِِ.
نورَه* طِفلة في الثامِنة من عُمرها، أخْبرتني عن العيد قائِلةً:
"للعيد في بيتنا رائحة زهرِ اللوزِ، وما جَنينا من زهْر اللوْز سوى مُرّهِ.
أمي امْرأة مُغترِبة..
أمي زَهرة دِمشْقية تَفيض صَمتاً ورحيق الياسَمينٍ..."
قلت وكُلي رَهبة:
"تعالي لنقترب من المُعاناةِ الثلاثية...
لنقْتَرب من نَزف جرحٍ أصْبح صدى عيدٍ حَزينٍ يبحثُ عن صَدرٍ ورائحة خبزٍ وزيتٍ.
عيدٌ يبحثُ في دَمعهنَّ عن لقمةِ فرحٍ مجبولةٍ بأمل العبور.
فلا من بلوغ للقْمة خبزٍ دمشقيّية ولا من بلوغ للعبورِ.
لم تَكن فَسحة فَرار للهَربِ من ذلك الاقترابِ ومن تِلك المعاناةِ التي تَحْملها نوره وتَرسمها بصمتٍ وسكينةٍ في أركان البِطاقة.
في عينيِّ نوره سَمعتُ صدى نَغمات العود، صَدى صوت مارسيل خليفة يُغني كَلمات الراحِل العَظيم محمود درويش، ولا من عودٍ ولامن كتابٍ حملناهُ في تلك اللحْظةِ سوى ما تمتمتهُ الشفاهِ المُتَعطشّة لكلمات نوره.
هَرمت ، فردي نُجوم الطُفولة
حتى أشارِك
صِغار العَصافير
دَرب الرجوع ..
لِعشّ انتِظارك .. !
في عينيِّ نورة رَأيت عينيَّ أمها الخضراء تبكي بِصمتٍ كي لا يراها أطفالها تئنُ وجَعاً وَغربةً، صمتأً وحنيناً للبيت القديمِ والزهرِ النابت على مشارفِ الطرقات وأروقةِ الجامِعات نقطة العُبور الاولى.
أيتها الدمشقيّة النقيَّة!
يا من تَحملينَ بين راحتيكِ بَصيص جرحٍ والغِياب طالَ عن أهلِ الدارِ!
لنزفِ جرحكِ نزْف البُركانِِ.. فما من ابْجدية توقِف صدق عَبَراتك السَخيَّة.
ولا مِن أَبْجدِية تحمِلُ بَراكين اللوتس ونور البَنفْسَج بين حروفك البَيضاء كحمامةٍ عَلت من عُمق وسادَتكِ الى أقاصي السَماء....
أيتها المُغتربة النازفَة دمعاً وألماَ..
العابرة لحدود المكانِ.. فتجاوزتْها الامكنةِ والازمنةِ وبعبورها اشتد طوب الاشرطةِ.....

نوره الجَميلة ما زالت تُحدثني عن أُمها الجَميلة الحاضِرة في عيدها والغائِبة في جَميع اعيادها.. تُطرّز الفرح خِلسة في عيون اطفالها..
نغمات العود تعلو وتَعلو ومارسيل خَليفة يغني ويُغني وأصابعه لا تتوقف عن العَزفِ، ونوره لاهِية في تَحضير بِطاقة العيد تَعيش الم امها بِصمتٍ وسَكينةٍ وتبْدع بحريةٍ بين زَوايا البِطاقة علَّ عينيِّ نوره ترسمُ وهجَ فرحٍ للعيد القادم...
مضيتُ اتمتم كَلمات العَظيم درويش وافكر في ظَفيرة نوره التي سَرحتّها لها أمها صَباح العيدِ وغابَت كزهرةٍ دِمشقيةٍ تَعد زهرات الرمّان في حديقةِ الدارِ:
أحنُ .. الى خُبز أمي
وقَهوة أمي
ولَمسةُ أمي ..
و تَكبُر في الطُفولة
يوماً على صَدر أمي
وأعْشَق عمري لأني
اذا مُت
أخْجل من دَمْع أمي !
وسيبقى للعيد في بيوتهنَّ رائحة زهرِ اللوزِ، وما جَنَيْنَّ من زهْر اللوْز سوى مُرّهِ.
*نوره: اسم مُستعار لِملفٍ صعبُ الاستعارةِ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل