الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسوار مملكة السر ( الفصل الثاني والثالث )

سعد الغالبي

2009 / 7 / 17
الادب والفن



الفصل 2

في حجرةٍ ملاصقةٍ لحجرةِ زوجها ـ تكاد تسمع مراسيم صلاته ـ دخلت حليمه تنظر ، ثمة فتاة تغط في نومٍ عميقٍ وبقربها فتى صغير لم يتجاوز السادسه من
عمره ، يرقد على فراشه, نظرت حليمه بعيون امتلأت شفقة وحنان بإتجاه الفتاة ثم استدارت لترجع غطاءاً الى سابق عهده بعد أن أزا حه عبث الفتى لكي يكمل نومه،خشية أن يوقظه برد الشتاء...اقتربت حليمه من الفتاة وانحنت عليها وراحت تهز جسدها الدافى برفقٍ ،إستيقظت الفتاة مبتسمة حين شاهدت وجه أُمها... أدركت حينها الفتاة , إنَ الصباح قادم ولابد أن يكون فطورالأب في متناول يديه ، بعد أن ينهي صلاته .

الفصل 3
أنهى الرجل الضرير صلاته وإتجه يقترب من جدارِ الحجرةِ وراح يتحسسه’ بيده ،عندئذ أيقن انه في مكانه الصحيح ،جلس مستندا بظهره على الحائط , ثم بدأ بأخراج مسبحته من جيب ثوبه العلوي وراح يداعب بأصابعه حباتها....عاد صرير الباب الخشبي من جديد وعادت معه حليمه وهي تحمل طبق كبير بين يديها ، تقدمت وأمام زوجها وضعته.
دخلت تلك الصبيةالى مكان جلوس الأب , تحمل بين يديها اناء قديم ممتلأ بالجمر، يكاد وهجه يضيء وجه الفتاة ، وضعت الفتاة اناء الجمر أمام الأب .
شعر الأب بالدفء ، حينها إستدار ناحية طيف الفتاة وقال: بوركت يابنيتي ،أشعر بالدفء عندما تحضرين وأنت حاملة هذا الجمر.
راحت حليمه تقرب الطعام المتواجد في الأناء الكبير من متناول يد زوجها قائلة:
- هل ترغب ..بتناول "الدهن الحر" أم هذا البيض المسلوق؟
لم يكن في حيرةٍ من امرهِ فيما سوف يختاره’ ...اذ انه’ أدمن طعاماً يتناوله كل صباحٍ منذ أن أصبح من سكان القرية , حيث أن طعام الدهن الحر؛كما يطلقون عليه سكان الريف ,هو الغذاء الذي يمنحه النشاط والحيويه .
وحين أنهى الرجل تناوله لطعامه حتى أسند ظهره على الجدار ,وراح يرتشف الشاي من قدح بين أصابع يديه وهو حذر من سخونة المشروب.
علا طرق على الباب الخشبي العتيق, الموجود في فضاء البيت الخارجي،جاعلاً الرجل الأعمى يتساءل من يكون القادم في هذا الوقت؟! اذ لا أحداً يحضر والسماء هذا حالها إلا لأمر هام , فما قولك ياحليمه ؟
أدركت حليمه , لابد لها من التهوض , دفعت بجسدها نحو الأمام تحاول النهوض , مما جعل خيوط " العّصابه " التي تشد بها رأسها ،تتحرك في اتجاهات عدة وكأنها فرس تريد أن تتهيأ للانطلاق في مضمار سباق .... حليمه وهي تحاول اجتياز المسافه التي تبعدهاعن الباب الخارجي للبيت , بدأت الأفكار تهاجم تفكيرها ... من سيكون خلف الباب ؟
لأنها تدرك قسوة الأيام وما تحمله من مفاجآت,هي تعرف – رغم بساطةالحياة التي تحياها مع عائلتها –أن الحياة قد تطرح شيئا مشوها يحول حياتهم الى جحيم لايطاق .
نادت حليمه :من القادم ...من يكون خلف الباب ؟
صوت رجل من خارج البيت : أنا .... أنا ياخاله .
قالت : عرفت’ الصوت .. إنه فاضل .
إبتسم فاضل لرؤيته حليمه وهي تضع ابتسامه على شفتيها,أحس بصدقها,لأنه كان يدرك دائماانها امرأة حنونه رغم كونها زوجة لأبيه.
قال فاضل :نعم ياخاله..أدركني بعض المطر وأنا في طريقي اليكم .
دخل فاضل ,وبعد أن استفسر عن وجود أبيه,أشارت له حليمه نحو مكان وجوده ...جاء الصوت من داخل الحجرة:من كان ياحليمه ؟
قالت حليمه :انه فاضل ياأبافاضل.
-عمت صباحا ياأبي.... قالها فاضل وهو يخطو.
مد أبو فاضل يده نحو ولده,رغبة منه بالجلوس قربه قائلا:
- تعال بقربي .
اقترب فاضل وأمسك كف اليد الممدوده وراح يقبل ظهر الكف,عندما أحس أبو فاضل بشفاة ولده تطبع قبله على كفه,قال:بارك الله بك ياولدي ...اجلس .
تناول فاضل طعامه عندما دعى والده الى ذلك ,فيما راح الأب يفكرفي سبب لحضور ولده في هذا الوقت المبكر ,وفى يوم ممطر كهذا...أيقن فاضل أن أباه في حيرة من أمره,عندما رمقه بنظرة,لذلك حاول جاهدا أن ينهي طعامه,مسرعا في ذلك,رغم انه كان جائعا نتيجة لبرد الشتاء والمطرالذي تعرض اليه ، حاول فاضل أن يبدأ الكلام ,ولكن الأب سبقه قائلا:
- لا أظن أن مجيئك في يوم كهذا رغبة منك,فقط لرؤيتي ,رغم اني أعرف مشاعرك نحوي ...اني أعرف أن للأنسان قوة وطاقه ولكن ..قوة الأنسان لايمكن أن تتجاوز قوة السماء ....أظن أن الأمر هام ؟
ابتسم فاضل قائلا: لاتصعب الأمر ياوالدي ...ان جل الموضوع هو أني كنت قادما اليك ثم وجدت نفسي بين طرفي طريق ,أما السماء فقد بدأت بالمطر ,فكنت بين خيارين ,اما أن أرجع ...أو أقدم عليك .
قال أبو فاضل :فأخترت القدوم ...اذن قل سبب هذا القدوم .
قال فاضل: بعض الناس تحاول عبثا ودون تفكير أن تجعل أرزاق الآخرين على جانب كبير من الضياع . .....أظن أن الرزق هبة من الله, ولايمكن لأحد أن يمنع هذه الهبه من الوصول .
قال أبوفاضل :ولايمكن ...وان حصل ، فلوقت قصير .. ولكن قل لي، هل نالك شىء يضر فيما قلته ؟
قال فاضل : ان ابن أخ ,لصديقك الحاج ياسر ، يقف معترضا لطريق الآخرين العائدين من الهور ، ويمنعهم من ارساء زوارفهم قرب الضفه ...بالأمس اشتكى منه شريكي في الصيد ,وأقصد موحان ,وسبقه بأيام ضيول ،وهكذا نحن .
اعتدل الأب في جلوسه، ثم قال :فاضل ...دعني أفهم الموضوع خطوة بخطوة ..أيهما من أولاد حميد؟
قال فاضل : انه الأصغر ,انه راضي ...يعتقد أن لرسو الزوارق تأثير سلبي على شباك
الصيد التي يضعها قرب الضفه .
اختلس الأب لحظات من الزمن للتأمل ,ولكنه لم يمنع نفسه من التفكير ، اذ راح يحدث نفسه حديث خفي قائلا:
-أظن أن الوقت قد حان لتصحيح وضع قد يصبح طريقه شائكا لو ترك دون حراك عندها يكون من الصعب اجتياز هذا الطريق ، سيما وأن شجار مثل هذا لابد أن
يحصل يوماً .. وأظن إنه قد حصل .. ألأجدر بي أن أبعث الى صديقي الحاج ياسر لعلني واياه نجد الحل .
نهض فاضل ووقف بين يدي والده ...
قال الأب : بعد طلوع الشمس ,اجعل الحاج ياسر على علم برغبتي في رؤيته.
عادت حليمه لتجد زوجها يجلس بمفرده ,غارقا في تفكيرهي تجهله ...أحس أبو فاضل بخطى قادمه قال: من حليمه هنا ؟
قالت: نعم ياابافاضل.
قال لها :
-ليعمل حمدان على تجهيز موقد النار في "الربعه" .
استغربت المرأة من طلب زوجها هذا....قالت :هل ترغب حقا بالجلوس في ذلك المكان رغم برودة الشتاء والأرض مختنقه بمياه الأمطار ؟!
قال أبو فاضل بثقة: أجل ، لأنني على موعد مع الحاج ياسر ، اني أعلم سرعة قدوم هذا الرجل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح


.. عرض يضم الفنون الأدائية في قطر من الرقص بالسيف إلى المسرح ال




.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل


.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع




.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو