الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جواز سفر

سعد صالح

2009 / 7 / 16
الادب والفن



بعد مشاجرة عنيفة مع حبيبته يجلس وحيدا .. هادئَ .. متأملا ..يستعيد ذكرياته معها كفيلم سينمائي طويل .
التقيا صدفة .. منذ اللحظة الأولى أحس أن شيئاً ما يربطهما وكأنه يعرفها منذ زمن ، حاصرته بنظراتها الساحرة وأسرته بحضورها الروحي فأصبحت لا تفارق مخيلته وسلبته هكذا بكل بساطه عقله ، وقلبه فسقط صريعا في محراب حبها وتعددت اللقاءات فكان الغرام .. كيفما استطاعت هذه المرأة أن تختصر نساء الأرض بشخصها ؟ فأحبها حبًَ عميق ولأبعد درجات الحب العذري ..
كيف استطاعت أن تختزل عالمه بطوله وعرضه ليصبح وجودها فقط عالمه كله وهو الذي عاش حياته يتنقل من حب إلى حب ومن امرأة إلى أخرى ، فكان العتيد في دروب الحب ومتاهاته فلم يعرف حدوداًَ لسفره أو مرسى لسفينته حتى التقاها فكانت إلام والأب .. الأخ والأخت .. الحبيبة والصديقة .. المرسى والشاطئ ، والمحطة الأخيرة لسفره الطويل .
لكنه اليوم متمرد على سلطانها وثائر على احتوائها له ، أنها ليست المرأة المثالية يقول في نفسه ..
فكيف أحبها .؟؟
أنها عنيدة ، ومتمردة ، ومتسلطة .. فكيف أحبها .؟؟ وأحب أنانيتها وغرورها وقسوتها في بعض الأحيان .؟؟
لطالما حرمه حبه لها من فرص عديدة فرص للحب والمغامرة وكم أضاع من عمره أسيرا في قفص وفائه لها وهو القادر على الطيران والتحليق بعيدا ليتمتع بنشوة الحرية والانطلاق ، لكنه اليوم قرر إن يتحرر فلا حب يقيده بعد اليوم ولا قفص يحتويه ويستعبد حريته ولا وفاءًَ يمنعه من تجارب جديدة يجدد بها شبابه وحياته ، نعم لقد قرر التمرد عليها والتخلص من حبها والتحرر من عبوديتها ، سوف ينساها ويسافر لأبعد حدود الأرض ، نعم خير طريق لنسيانها هو السفر يقول في نفسه .
ينهض ويتصل بصديقه يسأله عن موعد سفره .؟
يجيبه : غداًَ طائرتي ستقلع عند السادسة صباحاًَ .
يرد عليه : احجز لي مقعداًَ رجاءا ، قررت إن أسافر معك .
ينهي المكالمة ويتجه نحو حقيبة السفر كم اشتاق لها يرتب ملابسه وإغراضه فيها ، يبحث عن جواز سفرة في إدراج مكتبه فلا يجده ، في خزانة ملابسه فلا يجده ، يحاول إن يتذكر أين وضعه ، أخر مره كان ذلك منذ زمن .؟؟
نعم لقد تذكر ، انه في حقيبته اليدوية يبحث عنه فيجده أخيرا.
ماذا بقى بعد .؟؟
لم يبقى شي ، يسترخي بجسده المتهالك على الاريكه ويجول بنظرة إرجاء شقته وكأنه يودعها .
يمسك بجواز سفره بكلتا يديه ويضعه على صدره وكأنه يقول لنفسه هذا جواز سفري إلى دنيا جديدة ، يضبط المنبه تمام السادسة صباحا ، يغلبه النعاس ، ثم .. ثم .. احد ما يقرع الباب .؟؟
من القادم في هذه الساعة المتأخرة يسأل نفسه .؟؟
ينهض ببطء ويسير باتجاه الباب وكأنه يجر إقدامه جراًَ ، يفتح الباب ..
يألهي .. عينها الساحرتين .. طولها الفارع .. شعرها الفاتن .. أنها هي .. أنها هي ..
لا تعطيه فرصة للسؤال ولا حتى لاستيعاب المفاجأة وببراءة طفل تقول :
جئت لاعتذر .. إنا أسفه حبيبي .. احبك ..
قبل إن يتدارك مشاعره ترتمي في أحضانه وتهمس له .. اشتقت إليك ..
دون أن يعرف كيف ولماذا يجد نفسه يطوقها بذراعيه ويعترف .. أنت حبيبتي .. أنت وطني ..
يسكت الكلام .. يتوقف الزمن .. يتلاشى المكان .. ويسقط من يده ليقع تحت قدميها جواز سفره !! .



المخرج العراقي
سعــــــد صـــــالــح
[email protected]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا


.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور




.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان


.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل




.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين