الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة الكون عبر الزمان(29) الأدلة العلمية على تطور الكائنات الحية

سامح سعيد عبود

2009 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


التطور ليس مجرد فرض مطلوب اثباته أو نظرية مطلوب اثباتها فى البيولوجيا، لكنه سمة جوهرية من سمات المادة حية أو غير حية ، و التى تتطور من البسيط إلى المعقد، ومن الأدنى إلى الأرقى، عند توافر شروط هذا التطور، فالتطور هو تغير دائم في شكل الكائنات الحية وغير الحية، و فى تركيب تلك الكائنات ووظائفها. فكل نوع من الكائنات الحية وغير الحية نشأ من نوع آخر كان موجودا قبله أكثر بدائية وأبسط منه تركيباً. والتغيرات التى تحدث للكائنات الحية صغيرة جدا، ولكن تراكمها البطىء نسبيا بمرور الزمن يؤدى الى اختلافات كبيرة بين الأنواع، و لنشوء أنواع جديدة من الكائنات الحية.و لاشك أن عدد أنواع الكائنات الحية التى تواجدت على الأرض تتغير من فترة لأخرى، و من المؤكد أنها لم تظهر كلها في وقت واحد ؛بل ظهرت بالتدريج وتطورت حتى أصبحت على ما هي عليه الآن في أشكالها الحالية. وهناك أدلة تجريبية و عملية ملموسة على حدوث التطور فى الكائنات الحية ، فى حين أن أى تفسيرات أخرى تفتقد أى أدلة يعترف بها المنهج العلمى.
أوضحت الحفريات تدرج ظهور الكائنات الحية خلال العصور الجيولوجية المختلفة التى مرت على الأرض، وكيف أنها ظهرت أولا فى الماء ثم تدرجت لتظهر على اليابسة، وكيف أن تطور الحياة سار في الاتجاه نحو زيادة التخصص والتعقيد في تركيب أعضاء الكائنات الحية ووظائفها. واوضحت الحفريات النباتية كيفية ظهور الطحالب أولا ثم الحزازيات،ثم السراخس، ثم عاريات البذور ، ثم مغطاة البذور. و الحفريات الحيوانية أظهرت ظهور الأوليات ثم ظهور اللافقاريات ، ثم الفقاريات التي بدأت بالأسماك ،ثم البرمائيات، ثم الزواحف الضخمة التي نشأت منها الطيور والثدييات. ومن ناحية ثانية أظهرت الحفريات المراحل التطورية التى أدت لظهور حيوانات حديثة من أصول قديمة انقرضت، كالحصان والزراف والبشر.
التصنيف البيولوجي الذى تخضع له كل الكائنات الحية الموجودة في الطبيعة وهو على الترتيب التالى مملكة ثم شعبة ثم طائفة ثم رتبة ثم فصيلة ثم جنس ثم نوع ثم صنف، يثبت وجود تدرج من البسيط الى المعقد تسلسلاً في الرقي .النباتات أصلها الطحالب وحيدة الخلية في النبات وقمة تطورها الزهريات والحيوانات أصلها الأوليات وحيدة الخلية، وقمة تطورها الثدييات. فتدرج تركيب الكائنات الحية يوضح فكرة التطور من البسيط إلى المعقد، ومن الأدنى إلى الأرقى.
تم اكتشاف الحلقات المتوسطة أو الانتقالية بين الكائنات الحية، لسد بعض الفجوات بمجموعة من الأحياء المنقرضة باكتشاف حفرياتها أو المعاصرة والتى تجمع في تركيبها بين صفات طائفة وصفات طائفة في شجرة النسب؛مثل:الأسماك الرئوية(حلقة متوسطة بين الأسماك والبرمائيات) حيث تتنفس بالخياشيم في الماء كالأسماك.و تتنفس بما يشبه الرئة الهواء عندما يأتي الجفاف(نتيجة تحور المثانة الغازية لرئة) و هي خطوة تطور من الأسماك الى أول الفقاريات البرية، و الجلد شوكيات من اللافقاريات الراقية ،نلاحظ أن لها هيكل داخلي من عظيمات جيرية؛ فهي حلقة وسطى ما بين الفقاريات واللافقاريات، الطائر العتيق (أركيوبتركس) يسد الفجوة بين الزواحف والطيور، و حيوان منقار البطة حيوان ثدي يبيض كالزواحف ولا يلد مثل الثدييات يعيش بأستراليا، يشكل حلقة انتقالية ما بين الزواحف والثدييات
أن تركيب الأطراف في الفقاريات تختلف في الشكل الخارجي بما يلائم ظروف البيئة وطريقة حركتها. ولكنها تتشابه في تركيب الهيكل العظمي الذي يدعمها. وفى نفس الوقت فأن الأطراف الأربعة للخركة تحورت لتلائم الوظائف المختلفة عند الكثير منها، مثل أجنحة الطيور وزعانف الأسماك ، والأصابع الخمس تحولت لأصبع واحد الحافر عند الحصان، فالتشابه والتماثل بين الهياكل العظمية لكل الفقاريات من جمجمة تحمى المخ وعمود فقرى يحمى النخاع الشوكى وقفص صدرى يحمى القلب والرئة، يدل على أن الفقاريات نشأت من أصل واحد مشترك. أما الاختزال في بعض الأعضاء والتغير في أعضاء أخرى لدى بعض الأنواع ؛فقد حدث أثناء التطور من هذا الأصل الواحد الى الأنواع والأجناس المعاصرة. فالكائنات الحية تتشابه في وظائفها الحيوية تمشياً مع تشابهها التشريحي، فتتشابه أجهزتها الحركية والهضمية والدورية والتنفسية والعصبية والتناسلية فى خطوطها الرئيسية، وتؤدى تلك الأجهزة وأعضائها نفس الوظائف فى كل الكائنات الحية.
التراكيب الأثرية فى الفقاريات مثل الزائدة الدودية وعظام العصص فى الإنسان ، والأرجل الخلفية الضامرة فى الحوت، هى نتيجة تطور من السلف المشترك حيث كانت تلك الأعضاء تقوم بوظائفها في الأسلاف القديمة،ولكن أصبحت الحاجة لا تدعو الى وجودها في الظروف الجديدة، فأصبحت بلا وظيفة ،ولذلك تزول هذه الأعضاء أو تتضاءل و تصبح أثرية ضامرة .. فأجسام الكائنات المعاصرة عبارة عن متحف للتراكيب الأثرية التي كانت ذات أهمية للأحياء القديمة ثم أدى التطور الى انعدام الحاجة اليها فأصبحت بلا وظيفة.
أدي انتشار الأحياء على مساحات جغرافية متنوعة الى عملية الانتخاب الطبيعي بتكيف الكائنات الحية مع عدد كبير من العوامل الجغرافية المختلفة،مما أدي الى تطورها.فتطورت الكائنات الحية في المناطق الجغرافية المختلفة المتباعدة تطورا مغايرا ؛فأصبح لكل منطقة مجموعة مميزة من الأحياء.فقارات العالم الجديد تتميز بنباتات وحيوانات لا توجد فى قارات العالم القديم، والعكس صحيح، ذلك لمرور ملايين السنين على انفصالهما، مما أدى إلى اختلاف مسار تطور الكائنات الحية فى كل منهما.
تتشابه الكائنات الحية في كيمياء الخلية، فتشترك جميع الكائنات الحية في تكوين خلاياها من البروتوبلازم، وتتشابه فى نفس المكونات الأساسية للخلية ووظائفها، وتتشابه سائر الكائنات الحية فى عمليات البناء والهدم وحرق الطاقة المعروفة بالأيض.و يتم انقسام الخلايا فى تلك الكائنات بنفس الخطوات في جميع الأحياء تحت سيطرة المادة الوراثية(الدنا) التى تتكون من أحماض نووية متشابهة، فالحقيقة أن المستنكفين لاعتبار أنفسهم منحدرين هم والقرود العليا من أصل مشترك،والذين مع تسليم بعضهم بتطور الكائنات الحية إلا أنهم يستثنون الإنسان منها لأسباب عاطفية و دينية، لابد و أن يعلموا أن وضعهم أسوء من ذلك بكثير، حيث أن جميع الكائنات الحية تنحدر من أصل مشترك أقدم هو خلية حية بدائية، فى حقيقتها ما هى إلا مجرد تجمع لجزيئات كيميائية محددة سبق الإشارة إليها، على رأسها جزىء كيميائى معين أسمه الدنا يوحد بينهم. ومع الوقت تفرعت شجرة التطور من بذرتها البدائية إلى ملايين الأنواع من الكائنات الحية، ليقف الإنسان العاقل على قمة مملكتها الحيوانية .
تبدأ جميع أنواع النباتات والحيوانات متعددة الخلايا، حياتها من خلية واحدة أولية تنقسم وتنمو الى أنسجة وأعضاء وأجهزة، وصولاً الى الكائن الحي بحيث تتشابه أجنة الحيوانات المختلفة في أطوارها الجنينية الأولى . حيث لوحظ أن أجنة الحيوانات متعددة الخلايا تمر بمرحلة يتكون فيها الجسم من طبقتين من الخلايا ،ثم بمرحلة الطبقات الثلاث.و كلما كانت الحيوانات أكثر تقاربا في طورها اليافع ازداد التقارب في أشكال أطوارها الجنينية كما لو كانت تعيد قصة تطور الحياة من بدايتها إلى النقطة التى توقف عندها تطورها.
اكتشاف التطور التدريجى لتركيب الحمض النووى الديبوزى فى أنوية خلايا الكائنات الحية المختلفة، والذى يحكى قصة تطور الكائنات الحية، من أصلها البدائى المشترك حتى قممها التطورية، مما سمح لعلماء الأحياء بدراسة سجل التطور المعطى في الشفرات الوراثية للكائنات الحية. و جدير بالذكر ان درجة التشابه والاختلاف في تسلسلات الشفرة الوراثية (الدنا) للأنواع الحالية من الكائنات أتاح لعلماء الوراثة أن يعيدوا بناء شجرة التصنيف أو شجرة التطور ، فعلى سبيل المثال فمن خلال مقارنة تركيب الدنا، وجِد أن درجة التشابه بين جينات الانسان والشمبانزي هي96%، ومن ثم فهو أكثر الكائنات الحية الموجودة قربا من الإنسان العاقل. و یرجع العلماء هذا التطابق النسبي الکبیر إلى أن الإنسان و الشمبانزي یلتقون في جد مشترك ظهر قبل ما یقرب من 6 ملایین سنة في القارة الأفریقیة .
تم اثبات وجود البروتينات الحيوية مثل الرايبوسوم ،والدنا ,وانزيم البلمرة ، و الرنا ، والأحماض الأمينية، في كل الكائنات الحية من أكثر أنواع البكتريا بدائيةً وحتى أكثر الثدييات تعقيداً. فالجزء الأساسي من البروتين موجود في كل أشكال الحياة، وهو يؤدي وظائفَ متشابهة.أما الكائنات الأرقى فلديها بروتينات اضافية أكثر تطوراً تؤثر بشكل كبير في قدرة الجنين، و الكائن الحى على مواصلة التطور الطبيعي لنموه وحياته، فكل الكائنات الحية لها أصل وراثي مشترك.على سبيل المثال كل خلية حية تستعمل الأحماض الأمينية وفقا لمادتها الوراثية،وتستعمل نفس العشرين حمضا أمينيا لبناء قوالب البروتينات المختلفة التى تحتاجها، كذلك كل الكائنات تستخدم نفس الشفرة الوراثية لتترجم رموز الحمض النووي الى بروتينات، والتى تنتهى لصفاتها المختلفة التى تميزها، أى أنها تتحدث كلها نفس اللغة الوراثية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المتحجر ايدا
فاضل فرج خالد/ ستوكهولم -السويد ( 2009 / 7 / 16 - 20:39 )

شكرا للاستاذ سامح سعيد عبود على هذه الطروحات والادلة التي جاءت لصالح نظرية التطور العضوي لدارون وفي الآونة الاخيرة عثر على متحجر لقرد يعتقد الاختصاصيون انه يمثل الحلقة المفقودة او الجد المشترك لكل من الانسان والقردة العليا وقردة العالم القديم فقد احتفل في المتحف الامريكي للتاريخ الطبيعي في نيو يورك( برفع الستارة قيل اربعة اشهر) عن متحجر لقرد عاش قبل 47 مليون سنة عثر عليه احد هواة التنقيب في كهف حجري جنوب شرق مدينة فرانكفورت الالمانية قبل 26 عاما وباعه الى جامعة اوسلو قبل ثلاث سنوات وخلال تلك المدة تمت دراسته من قبل الاختصاصين في كل من اوسلو ونيويورك ووجد انه يمت بصلة الى مجموعة الليموريات التي تعيش حاليا في جزيرة مدغشقر ونظرا الى لتشابهه في بعض الصفات مع الانسان في مفصل عظم الكاحل وكذلك تشابهه مع اصابع الانسان ووجود اظافر لها. وكذلك يمتلك صفات تقاربه مع القرود العليا لذلك فالدراسات الاولية تشير الى انه قد يكون هو الحلقة المفقودة او السلف المشترك بين الانسان والقرود والسعادين التي اشار لها دارون في بحثه عن اصل الانسان وقد اطلق عليه المختص النرويجي بدراسته اسم( ايدا) الذي هو اسم ابنته

اخر الافلام

.. روسيا : لماذا أقال بوتين وزير دفاعه ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. عنفت طفل من ذوي الهمم.. معلمة تثير غضب الشارع الأردني | #منص




.. تلون السماء وتهدد الاتصالات.. تأثير العاصفة الشمسية يصل بلد


.. بينَ إسرائيل والولايات المتحدة.. تقاربٌ وتضارب.. دعمٌ وتحذير




.. مهاجم مانشستر سيتي إيرلينغ هالاند يحافظ على لقب هداف الدوري