الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق سينهض من جديد في حاضرة التاريخ

كريم الثوري

2009 / 7 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مَرت المدينة باطوار متعددة ما أن تنتكس ويلحق بها الخراب بطريقة اشبه بالسحر تعود لها العافية فيُكتب في قلب التاريخ هُنالك لغز ما إنها مشيئة الرب وهِبة السماء حينما تُعاين وجهها المعطوب الدامي وتشرذم ابناءها كذلك هو طلسم الوجود بين النفي والاثبات ومردهُ الى حكمة ولدت مع الأجنة حينما تخرج من غياهب الظُلمة والوجع باكية فما ان تُبصر النور حتى يستكين وجعها لكنها مع ذلك تظل تُعاني مُخيلة البيت الاول الحاضن الذي يحسبه الغافل من العدم لكنه مملكة تتغذى بعيدا عن اعين الناظرين في عالم يتشكل بعناية فالق الحَب والنُطق.
وفي حضارتنا السومرية قبل ما يزيد على سبعة الاف سنة تدلنا الشواهد المدونة شعرا اقرب الى المناجاة ما يطبب جراحاتنا نـحن المُتيمون بحب سومر وبابل واور ونرى البلاد تسير بين ظُلامات يدمغ بعضها بعضاً...
يقول شاعر أحدى الملاحم السومرية:
ياسومر أيها البلد العظيم بين جميع بلدان العالم/ أنت مغمور بالنور الثابت الراسخ الذي ينشر من مطلع الشمس الى مغربها النواميس الإلهية بين جميع الناس/ إن نواميسك المقدسة , نواميس سامية لا يمكن ادراكها قلبك عميق لا يُسبر اغواره/ المعرفة الصحيحة التي تأتين بها , كالسماء لا يمكن أن تُمس... فيابيت سومر عسى أن تتكاثر حظائر اغنامك وفيرة, وماشيتك لا عد لها/ عسى أن ترتفع معابدك, وترتفع الأيدي الثابتة نـحو السماء.
وبعد سومر وآكد جاء البابليون فداهمت المدينة اسراب البلايا وانتهكت حرماتها وخربت بيوتها واشتعلت النيران في معابدها وطال الدمار حتى كادت معالم المدينة أن تُفنى عن بكرة ابيها وتفقد ملامحها مما حدا باحد شعرائها واصفاً لمشهد الخراب والدمار مُناشد المعبود:
إني يالهي, عبدك المُنيب/ أدعوك دعوة من اثقلته الذنوب/ وقلبه يخفق أسى وحسرة/ نظرة منك بها حياة المرء/ فانظر اليّ وهبني منك عطفاً/واقبل دعوتي/وخذ بيد عبدك/ وهذه الحمأة التي تورط بها/ وقربه منك/وابدلني بالذنب رحمة/ وسخر الرياح بأن تحمل عني/ما حملت أنا من إثم/وجّدني من ذنوبي كلها/ كما تجرد عني ثيابي/ واصفح عني أنا الضارع الذليل/ لكي يمتلي قلبي غبطة/ كتلك التي تملأ بها قلب الأم حين تضع /وقلب الأب بابنه.
ثم جاء الغرباء عن سوء نية بحجة أعمار البلاد وتغيير المعوج واصلاح الفساد فانتهكوا ما تبقى من حُرمات أور ,فدمروها فاشتعلت رغبة احد الشعراء مناجيا المعبود يومذاك -أنانا-
أيُها الرب,انانا لقد دمروا المدينة/ كقطع الخزف المهشمة ملأ اهلوها جنباتها /هدمت أسوارها وناح الناس/ ناحوا عند البوابات العالية, حيث كانوا يتنزهون/ وفي الشوارع, حيث أقاموا الأعيادو نثرت اجسادهم /في كل الدروب, حيث كانوا يتنزهون, تناثرت الأجساد /وفي ساحاتها, حيث احتفلوا, تراكمت أكوام القتلى/ إيه ياأور... إن ضعفاءك وأقوياءك قد قضى عليهم الجوع /الأمهات والآباء الذين لم يغادروا منازلهم ,التهمتهم النيران /الأطفال في أحضان الأمهات جرفتهم المياه كالأسماك / وفي المدينة ,الزوجة تُركت ,والابن أُهمل ,والممتلكات نهبت /إيه أنا ,إن أور قد خربت واهلوها قد شتُتوا .
ثم نهضت المدينة من جديد أستجابة لحاضرة السماء وعضمت وجودها من سرها الذي لا يعلمه أحد وكأنها في قلب العالم النابض فكان نشيد الشاعر نرجال حين ترجل وهو يرى انهزام الخفافيش حين سطوح نور الابدي:
ترتدي النور/ وتحني رؤوس المتكبرين/ قوية هي أياديك, ورحب هو صدرك / وما أن تشع عظمتك الرهيبة/ فإن المسيء والشرير لابد أن يرتميا / في اصداع الأرض
ثم اردف جوديا يبتهل لنانشي (ساطرح هذه الكلمات ياامي ,ساسرد لك حلمي , فهل ترغب مفسرة الاحلام أن تفسره لي؟)
بهذه الاناشيد الخالدة يصور لنا التاريخ كيف نهضت أور من كوابيس الغزو الهمجي وكيف استعادت عافيتها كلما تعرض أُناسها واراضيها وممتلكاتها لغزو الدمار الطاعن في محوها وكيف استعان الانسان بقدرة الالهة فهي المخلص واليه ينوب العبد بعد ان يستفحل الخراب والدمار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذوبان تمثال شمعي لأبراهام لينكولن بسبب الحرارة الشديدة


.. ميقاتي: المدخل لعودة الهدوء إلى الجنوب يتمثل في وقف العدوان




.. إدارة جامعة أكسفورد البريطانية تسيّج محيط مخيم التضامن مع غز


.. فلسطينية تودع زوجها الذي استشهد في قصف إسرائيلي على غزة




.. أخصائي جراحة الأسنان خيام مقداد: تجديد الأسنان المفقودة من خ