الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
احبكِ عدة مرات في حب واحد ( 1 )
عبد العظيم فنجان
2009 / 7 / 17الادب والفن
انتِ فكرة في مخيال الشعر ، يكتبها الشعراءُ جيلا بعد آخر .
أبحثُ لكِ عن وجه :
أنتِ الموصوفةُ بالعطر ،
وروحكِ لا تشرق إلا على الغصن ، مثل وردة .
لن أقطفكِ كما يفعل العشاق ، إذ لستُ أحدا من هؤلاء ولا من اولئك :
إنني شاعر يجدل سلة أحلامه من دخان النوم على المصاطب ،
ومن الرحيق الذي يتصاعد من مسام اسمكِ .
اقيمُ هناك بينكِ وبينكِ ، فلا بيت إلا الذكرى ، ولا سقف إلا غيابكِ .
إنني متورط ٌ بما لا أعرفُ كنهه :
لا أعرفُ ما الحبَّ ،
الا إذا كان هذا الذي يوّترني مثل قوس ٍهو الحبُ ،
إلا إذا كان هذا الطيران ، كالريشة ، من يدكِ هذه الى يدكِ تلك هو الحبُ ،
إلا إذا كان هذا الحبل الذي يتدلى من سقف العالم ، وأنا أتأرجح معه ، هو الحبُ ،
إلا إذا كان هذا الشغف بأن أتيه في أقاصي وجهكِ هو الحبُ .
ألا إذا كان هذا الخطر المحفوف بهديل الحمامة هو الحبُ .
إلا إذا كان هذا النعاس المقيم في مهد السهاد هو الحبُ .
الا إذا كان هذا السرير المحروس بقبائل من القلق هو الحبُ .
إلا إذا كان ازدهار الرقة في الشوك ، وتفاقم الخشونة في الحرير هو الحبُ .
إلا إذا كانت هذا السهم الذي ينطلق نحوكِ فيمزق قلبي هو الحبُ ،
لكنني أعرف مسارات كثيرة ،
وكل مسار نهايته أنتِ .
لا أقول : " احبكِ " لأنني قلتُ ذلك لأُخريات قبلكِ ،
لأنني خِطتُ على قمصانهن أزرارَ صعلكتي وعُريي .
لأنني نمتُ في الممزق من صفحاتهن ، واغتسلتُ بالحار من مياههن العميقة .
لأنني كتبتُ بأصابعهن أغلاطي الجميلة .
لأنني شطفتُ يأسي بدموعهن ، وآخيتُ بين خيباتهن ودموعي .
مع ذلك فأنا احبكِ لأنكِ كلّهنَّ ،
لأنكِ السفينة وأنا الطوفان الذي يحدس أن مَن يوقفه عن الغرق في الطوفان هو أنتِ ،
ولأنكِ الفيء وأنا الجسرُ الذي لم ينم ، في حياته ، على وسادة من فيء .
أعرفكِ تماما كما أعرف الملائكة وأحبكِ ، رغم أنني لم أقابلكِ ولو مرة في حياتي .
لا أعرفكِ تماما كما لا أعرف الملائكة واحبكِ ، رغم أني أحفظكِ عن ظهر قلب .
أعرفكِ خائبة ، وأعرفني لا أفوقكِ الا في ذلك .
أعرفكِ تكتبين العثرات وأعرفني أقود خطواتي اليها .
اعرفكِ بمستوى المصابيح تكنسين عن اكتافي ظلام الأزقة .
أعرفكِ خلف العالم ، وألمحكِ ، خلف الشبابيك ، تجلدين المارة بخواطر ينسجها صمتكِ .
أعرفكِ تكرهيني ، وأحبكِ .
أعرفكِ تعبديني ، واحبكِ .
أعرفكِ مشطورة بينكِ وبينكِ .
أعرفكِ ذاهبة وقادمة .
أعرفكِ موشكة على خسارتي وعلى الربح معا .
أعرفكِ مما يسبب للبحر الدوارَ .
أعرفكِ مما يعود الصيادون به لينتبذوا بحرا بعيدا عن دموع زوجاتهم .
أعرفكِ مما يُفرّقون به بين الشِعر والنثر .
أعرفكِ مما يجعل القوارب آهلة بالعواصف .
أعرفكِ مما يجعل الشواطيء آهلة بالقبلات واللؤلؤ .
وأعرفكِ مما يجعل الشيطان والملاك في حيرة من أمر الله .
أشعرُكِ في اللانهاية ، هناك ..
في غرامياتٍ منسيةٍ ، وفي حبٍ لم يحصل بعد .
أشعرُكِ المختارة من الشِعر، والشاعرة من العاشقات .
أشعرُكِ امرأة .
أشعرُكِ هائمة ، على وجهكِ ، بحثا عن وجهكِ .
أشعرُكِ تنهبين المرايا طوال شعركِ .
أشعرُكِ المسافات ، الخطوات ، والبـُعد .
أشعرُكِ افقا من الغموض ، وغموضا يغسلُ الافق بحزنه .
أشعرُكِ تبحرين في نهرالكون وقاربكِ الزمن .
أشعرُكِ في الساعات تجرجرين الزمن من ياقته .
أشعرُكِ الطمأنينة عندما تتعطل حواس الأمان .
أشعرُكِ الأمان يكسو الخوف جلباب نومه .
أشعرُكِ الخوفَ يجلس مع الأمان على مائدة واحدة .
أشعرُكِ إنسانا ، وأشعرني ذائبا فيكِ ،
لكن ذلك هو ما يـُقلقني :
يـُقلقني أنكِ امرأة ويقلقني أنني رجلٌ .
يـٌقلقني أن الحبَّ لا يستطيع أن يصهرنا أكثر من أن تكوني الخيط وأن أكون الشمع ،
أو أن تكوني الشمع وأنا الخيط .
آه ،
الشـِعر هو الخلاص عندما يذيبنا كالشعلة في النار ،
فلنصرخ إذن : إن لم تجمعنا الحياة معا ، فليجمعنا الشـِعرُ ..
كلانا يعرفُ أن الآخر ليس هو الآخر ، وأن المستحيل كلمة فارغة .
كلانا يجهل أن الآخر هو الآخر ، وأن الحب لغة مستحيلة .
كلانا يؤمن أن الشعر هو الحب ، وأن الحب هو الشعر .
كلانا يكتب الشـِعر على صدر أيامه ، فيموت شهيدا .
يتبع
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - جميل
فراس الفتلاوي
(
2009 / 7 / 17 - 17:31
)
الشاعر المبدع عبد العظيم فنجان , جميل أن أقرأ لك من جديد ..
دام ألق شاعريتك
2 - مقولة لا تنسى
فراس الفتلاوي
(
2009 / 7 / 17 - 17:37
)
هذه المقولة للأستاذ عبد العظيم فنجان , تعكس رؤية , أعتبرها من بين أعمق ما قرأت عن الشعر :
كيف يمكن أن يحب أحد ما شعر الآخرين أو يتذوقه ؟ عندما سُئل الإمام الغزالي عن - طريقة - التصوف ، أجاب : إن طريقنا يـُعرف
بالذوق . وأنا أعتقد أن الشعر يعرف بنفس هذه الطريقة الباطنية ، و ليس بوصفات خارجية ، فالشعر يحفـّز مثيرات دماغية و باطنية ،
هي منطقة عمله الفسيولوجية ، و تلك المثيرات متفاوتة الإستجابة ، حسب طبيعتها و حسب خبرة القراءة ، و تراكم التجارب . و تفاوت الإستجابـة هذا من فرد الى آخر ، له علاقة بـ - شعرية - الشعر، كثافتها و شدتها .
تحياتي
3 - كيف ينتصر فنجانوو للجمال
ميثم العتابي
(
2009 / 7 / 17 - 18:44
)
هكذا تتحقق الرؤيا حينما ينتصر الجمال، وهو ما فعله ويفعله جاهدا فنجانوو في محاولة منه لخلق عالم برؤيا شعرية نافذة ، هنا انتصر فنجانوو للشعر وللجمال وللفن... اي محبة تليق بك.. ربما سأحبك عدة مرات
4 - رائع
أماني
(
2009 / 7 / 17 - 18:48
)
سلمت يداك على هذا الابداع الرائع
.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل
.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف
.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس
.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام
.. عشر سنوات على مهرجان سينما فلسطين في باريس