الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو جبهة مدنية واسعة لخوض الانتخابات التشريعية

عبد الرحمن دارا سليمان

2009 / 7 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم تكن الانتخابات التي درج النظام الديكتاتوري السابق في العراق، على فبركة نتائجها الأسطورية والمضحكة، شكلية وكمالية فحسب، وإنما كانت ساخرة من العقل والإدراك ومهينة للكرامة والحرية والإرادة العامة أيضا . فالأصل في ابتكار فكرة الانتخابات هو تجسيد السيادة الشعبية، وتداول السلطة بالوسائل السلمية، وإتاحة الفرص للبرامج والأفكار والآراء والاقتراحات والاجتهادات الوطنية المختلفة، للتعبير والمساهمة والمشاركة في الحكم، من أجل إيجاد الحلول الأمثل للمعضلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية عامة، وبالصورة التي تخدم المصالح العليا للبلد .

ورغم أن العراق الجديد لم يرث ثقافة ديمقراطية حديثة ومكتملة، إلا أنه نجح بالفعل في وضع الكثير من الأسس والآليات السليمة التي تجاوزت الصورة النمطية القديمة والهادفة إلى تثبيت السلطة السياسية الحاكمة، والتمديد الدائم لها، وبالتالي حرمان المجتمع من أي أمل في التغيير والإصلاح .

ولا شك أن هنالك الكثير أيضا مما ينبغي فعله في هذا الإطار، بخصوص استكمال سن القوانين والتشريعات والتعديلات الضرورية، للحيلولة دون استغلال الدورات الانتخابية والآليات الديمقراطية لتحقيق المآرب الشخصية وتنفيذ الأجندات الضيقة، التي تسعى لتحويل الانتخابات، إلى حفلة أو مباراة ،تعيد فيها توزيع الامتيازات والحصص والمنافع على الفائزين ، كي تعاد الكرة ثانية لتجميد الأوضاع، واستمرار الأزمات السياسية، وتبديد الثروات والجهود، ومن ثم انسداد الآفاق أمام المحاولات الوطنية المخلصة، لصياغة برنامج وطني شامل يمكنه التوفيق بين مطالب الفرقاء، ويساهم في أيجاد الحلول المناسبة لحل النزاعات فيما بينها .

لقد سجل العراقيون بطولة لاتنسى في تحدي الإرهاب، من أجل الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية عام 2005 ، وعكست حقا رغبتهم العميقة في الخروج من دوامة العنف والحروب، بعد أن ذاقوا مرارتها وباتوا يتطلعون إلى أوضاع إنسانية آمنة ومستقرة انتظروها طويلا . ولكن ما أحاط بتلك الانتخابات من ظروف وأوضاع سياسية وأمنية استثنائية، انعكست بقوة ورغما عن أرادة الناخب الحقيقية، في اصطفافات أثنية ودينية وطائفية، ما زلنا نعيش تداعياتها المستمرة ومأزقها المستمر هذا اليوم .

وفي الوقت الذي لا يمكن فيه إنكار أن ذلك الالتفاف والتلازم حول الهويات الجزئية ، قد جاء على حساب الهوية الوطنية الجامعة بعد تعرضها للضربات الشديدة نتيجة تلك الظروف والملابسات الكثيرة، ينبغي الاعتراف أيضا بأن لا مخرج للأزمة العراقية عموما سوى في إعادة تشكيل وتجميع الوطنية العراقية، وسد المنافذ أمام المشاريع الثانوية الضيقة والأجندات الساعية ،لابتذال العمل السياسي وتحويله إلى تجارة رابحة باسم التعددية والقانون والدستور .

وقد يكون من المجدي تكرار القول ، أن الانتخابات ليست غاية بحد ذاتها وإنما هي وسيلة من أجل تحقيق غايات عديدة من بينها التنظيم الأفضل للحياة السياسية، وطرح البرامج البديلة، واكتشاف حدود القوة الفعلية ميدانيا لهذا البرنامج أو ذاك، وفيما عدا ذلك، فلا معنى ولا مغزى حقيقيين هنا، لمنطق الربح والخسارة أو لتحقيق المكاسب الخاصة بكل جماعة من الجماعات ، إن استمر العقد الوطني الأساس، في التدهور والتفكك والاضمحلال واستمرت معها حالة التخندق والابتزاز وسوء التفاهم المتبادل بين الأطراف السياسية .

إن المخرج الحقيقي للأزمة السياسية الراهنة في العراق ، هو في توسيع جبهة العلمانية وشمولها لرجال الدين وللأحزاب والتيارات الدينية التي يهمها حقيقة بناء الدولة المدنية ودولة القانون والمؤسسات، مع احترام خصوصية الدين والاعتراف والتأكيد على دوره البالغ الأهمية، في إنتاج منظومة القيم والأخلاق، علاوة على ما اكتسبته تلك القوى والتيارات الدينية من خبرة سياسية مهمة خلال العقود الماضية، ولما لها من عمق تاريخي ومجتمعي لا يمكن إنكارهما ، ومن الخطأ الجسيم، النظر إليها على أنها كتلة صوانية واحدة لا تقبل التفاعل والتأثر بالمتغيرات من حولها .

والواقع ، ليس هنالك في مسارات العلمانية المتعددة والمعروفة في عالم اليوم، ما يمنع من ابتكار السبل والطرق الجديدة ،إن توفرت الإرادة الحقة والنوايا الصادقة لذلك، فالشعوب تبتكر دوما طرقها المحلية الخاصة للخروج من أزماتها، لأن معركتها الحقيقية، لم تعد فلسفية ولا وجودية، وليست معركة بين الأيمان والإلحاد هذا اليوم، وإنما هي معركة على الأرض لبناء الدولة المدنية الضامنة للخصوصيات المحلية، وكما على العلماني المتطرف أن يعيد قراءة العلمانية بدلا من ترديدها ، فعلى المؤمن المتزمت العودة إلى أدبيات عصر النهضة بخصوص العلمانية المؤمنة والاستفادة من التجربة التركية القريبة في المنطقة في هذا المجال .

إن للدولة المدنية أنصارها من العرب والأكراد والسنة والشيعة وكل الطوائف والمكونات الأخرى، وهي القاعدة الصلبة لإعادة صياغة الوطنية العراقية المبتغاة .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ابتعدوا عن الاحزاب الدينيه
nfsa ( 2009 / 7 / 17 - 22:23 )
لست ضد التحالف في جبهه يكون اساسها التفاهم وعدم الغاء الاخر.لقد كنتم مع الاحزاب الدينيه في المعارضه وكنتم متفقين على اسقاط الدكتاتوريه والدفاع عن الشعب المظلوم وتعويضه عن كل ما اصابه من حرمان واراقة دماء ولكن ما ان وصلوا الى السلطه حتى استاثروا بالسلطه واداروا ظهرهم الى الجميع وكانهم هم من قدموا التضحيات لوحدهم وقارعوا النظام البائد ,مستعدين لعمل اي شيء بعيدا عن ضمائرهم لسبب واحد ان لا يفقدوا السلطه والكرسي ولا يهمهم الشعب المسكين الذي صدقهم يعملون لزيادة امتيازاتهم فقط وباعتراف منهم فان الديقراطيه مجرد شعار وليست ممارسه .لا داعي للتعب فليس من فائده كما لم يكن من فائده لغيركم يوم قامت الجبهه الوطنيه في العراق لقد وضحت الصوره ولم يعد احدا يثق بالمتاسلمين.


2 - قانون الأحزاب
أحمد السعد ( 2009 / 7 / 18 - 19:02 )
كيف يمكن أن تجرى أنتخابات ولم يصدر لحد الآن قانون للأحزاب ينظم عملها ويضع أسا صحيحة للعملية السياسيه ، أن احزابا عراقيه لاتمتلك أكثر من مائة شخص قفزت الى السلطه وخرجت الينا تيارات وتجمعات ومنظمات لاتحمل سمة او صفة الحزب وسمح لها بالمشاركه علما انها لاتمتلك نظاما داخليا وغير معروفة التوجهات ولايعرف مصدر تمويلها أومؤسسوها فى حين تتراجع الأحزاب العريقه ذات التاريخ النضالى الطويل .
لقد أصدرت المفوظيه العليا للأنتخابات قانونا عصريا ومتوازنا للأحزاب ما زال يرال ينتظر الأقرار من قبل مجلس النواب منذ ثلاث سنين . هذا هو حال العملية السياسيه يا أخى فلا يستغرب تعثرها وأخفاقها وبقاء الوطن معلقا بين نهب ثرواته وحرمان شعبه من التمتع بها وبين سطوة قوى الأسلام السياسى التى وجدت الفرصة الذهبيه للأغتناء والنهب والسرقه تحت غطاء الدين .

اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو