الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقسام الفلسطيني حل من الداخل او حل من الخارج

فاطمه قاسم

2009 / 7 / 18
القضية الفلسطينية


الانقسام الفلسطيني الذي وقع في الرابع عشر من حزيران يونيو 2007، يستمر في عامه الثالث، وسط توقعات متضاربة، حيث بعض هذه التوقعات تقول أن نهاية هذا الانقسام قد اقتربت، بينما توقعات أخرى تقول أن عمر هذا الانقسام سوف يطول أكثر، وخسائره سوف تتضاعف، وآلامه قد تذهب بالفلسطينيين إلى تجارب مؤلمة أخرى.

على العموم:

فإننا حين نريد أن نفهم طبيعة هذا الانقسام، والظروف المحيطة به، والإمكانيات المتاحة أمامنا لإنهائه، والعوائق التي أمامنا لجعله يبقى ويستمر ويتجسد فإننا يجب أن نعود إلى المبادرة المصرية التي انطلقت فور وقوع الانقسام، وتجددت خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، والتي جرى تأييدها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1860 الخاص بإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة في "كانون الثاني"، من هذه السنة، كما تأكدت في قرارات القمة الطارئة في الدوحة، وقمة الكويت الاقتصادية، والقمة العادية، وحتى في قمم شرم الشيخ الدولية.

المبادرة المصرية أو الورقة المصرية كما تسمى في مجال العمل التطبيقي، وتتضمن عدة نقاط من بينها إنجاز المصالحة الوطنية على قاعدة قيام حكومة توافق، تكون مهمتها الرئيسية إنجاز الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وانتخابات تجري للمجلس الوطني على قاعدة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وإنجاز مصالحة وطنية فلسطينية تنهي تداعيات الانقسام وآثاره، وتبني أجهزة أمنية بمعايير مهنية ووطنية، وتثبت ذلك كله بإنجاز صفقة تبادل للأسرى مقابل الإفراج عن جلعاد شاليط، وتثبت التهدئة الموجودة كأمر واقع،ولكنها غير ثابتة وقابلة للانفجار ، باتفاق مكتوب.

سوف نلاحظ هنا:

أن المبادرة المصرية تتضمن عشر نقاط، بعضها بعيد الأجل وبعضها طويل الأجل على الصعيد الفلسطيني، ولكن بعضها يدخل فيه الإسرائيليون كطرف رئيسي.

الطرف الإسرائيلي موجود في النقطة الرئيسية التي هي الأساس، وهي إنهاء الحصار، لأنه بدون إنهاء الحصار، فإن كثير من الاتفاقات بين الفلسطينيين ستفقد بعدها العملي، كما أن المواقف سوف تتباين حتى من قبل الوسيط المصري، الذي لديه ما يؤكد أن العملية برمتها، ومنذ بدايتها، أي منذ قررت حكومة شارون في 2003 الانسحاب الأحادي من قطاع غزة، ونفذته فعلياً في 2005، وما حدث بعد ذلك، ليست سوى حلقات في سياق واحد، وهو القاء مشكلة قطاع غزة المتفاقمة في ذاتها في المرمى المصري، وهذا ما ترفضه بشكل قاطع ضرورات الأمن القومي المصري.

وهكذا:

فمن أجل أن يصبح اتفاق المصالحة له جدوى، لا بد من إنهاء الحصار الإسرائيلي، وإنهاء الحصار يمكن أن نجد مفاتيحه في صفقة تبادل الأسرى، وفي اتفاق تهدئة أو هدنة.

دعونا نتخيل أن المصالحة الفلسطينية تمت، ولم ترفع إسرائيل الحصار، فسوف تكون الشقيقة مصر محرجة، ومطالبة بفعل هذا الإحراج بفتح معبر رفح، وحينئذٍ يكون قد تحقق المطلب الإسرائيلي، بدفع قطاع غزة بكل مشاكله في الحضن المصري، وهذا هو المأزق.

نحن هنا نتحدث في ضرورات السياسة، وليس تحت ضغط المشاعر المتغيرة، بمعنى أن المصالحة الفلسطينية في حد ذاتها، بدون نضوج العوامل الأخرى، قد تريحنا أخلاقياً، ونفسياً، ولكنها لا تستطيع أن تتقدم على الصعيد العملي، فإذا بقي الحصار، وبقيت الأنقاض، فإن الانقسام بمعناه الموضوعي سوف يبقى أيضاً، وسوف تجعل الشقيقة مصر تتحمل أعباء ومضاعفات ذلك كله، وهذا في السياسة الواعية أمر مرفوض تماماً.

إذاً:

نحن أمام ثالوث صعب، تشكل فيه المصالحة أحد الأعمدة التي لا تترسخ إلا إذا دعمت بعمودين آخرين وهما صفقة التبادل، واتفاق التهدئة، ولدينا تجربة حكومة الوحدة الوطنية في آذار من العام 2007 التي لم تثبت إلا قليلاً.

ولذلك قد تكون البدائل الممكنة صعبة وتحتاج إلى خيال سياسي، فقد يكون استمرار الحوار الوطني متقطعاً دون التوصل إلى اتفاق مصالحة بالكامل حتى نهاية هذه السنة، وقد يكون الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية هو الممكن الوحيد في بداية العام القادم، وحتى هذه الانتخابات قد تتم في الضفة الغربية فقط إذا لم يتم التوافق على إجرائها في شطري الوطن، علماً بأن الانتخابات تجريها هيئة مستقلة يعترف الطرفان الرئيسيان فتح وحماس باستقلالها، وبالتالي، يمكن الركون إليها في إدارة الانتخابات في الضفة والقطاع إذا جرى اتفاق نهائي على قانون الانتخابات، وهذه الانتخابات إذا جرت في الضفة والقطاع، فمن حسناتها تجديد شرعية الرئاسة والمجلس التشريعي، أما إذا جرت في الضفة فقط، فقد يكون الغطاء الوحيد الممكن القول بأن قطاع غزة يعيش تحت ظروف طارئة، وأعتقد أن هذا ما لا ترغب به حماس.

لا بد من التغلب على الصعوبات التي تحول دون اكتمال صفقة تبادل الأسرى، واكتمال اتفاق التهدئة أو الهدنة، فهما القناتان الرئيسيتان لإنهاء الحصار، وبالتالي جعل إنهاء الانقسام ممكن موضوعياً، وربما في هذا الاتجاه قد تشهد الساحة الفلسطينية تصاعداً في الاحتجاجات الشعبية التي تطالب بحراك جدي لإنهاء الانقسام، وهي احتجاجات قد تبدو محبطة في الوقت الراهن، ولكنها قد تصبح المتنفس الوحيد والخيار الوحيد، لأن البديل عن ذلك هو انتظار الحلول التي تأتي من الخارج، وهي في العادة أسوأ السيئ، بدلاً من أي حل داخلي يتم تحت عنوان أفضل السيئ.

الخيارات ضيقة، وعالية الثمن، وخطرة أيضاً، ولكن هذه هي السياسة، إذا ضاع الوقت سدى فإن ما كان يمكن الحصول عليه مجاناً، يصبح فادح الثمن.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ