الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهالي الفلوجة في الإعلام الأمريكي ومنظور الناس في العراق

سمير عادل

2004 / 5 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ليس أهالي فلوجة ضحايا صراع الحرب الإرهابية بين الآلة العسكرية الأمريكية المجرمة من جهة والإسلاميين والقوميين وبقايا البعث من جهة أخرى فحسب، بل هم ضحايا الصورة التي رسمها الأعلام الأمريكي وزمن السلطة البعثة الفاشية. ولا يدري المرء هل يقول إن هذا هو حظهم العاثر الذي وضع أهالي هذه المدينة البائسة في محنة كهذه أم انه امتحان عسير لأهالي المدينة، وهي أي المدينة أمانة في أعناق الأمة العربية والإسلامية كما يعبر عنها الطفيليين الذين يعتاشون على دماء الأطفال والنساء والشباب الأبرياء. أن هذه الصورة اللانسانية تتلخص فحواها بأن أهالي الفلوجة جميعهم شاركوا في قتل 4 مقاولين أمريكان وحرقوا جثثهم بعد التمثيل بها. لان تاريخ تلك المدينة هو تاريخ الولاء للبعث وصدام حسين. وعليه فأن الحكم الصادر من قبل الإدارة الأمريكية بفرض العقوبة الجماعية على هذه المدينة من حصار اقتصادي وقتل أكثر من 800 شخص مدني وتهجير الآلاف المؤلفة منهم وما زال القصف الوحشي مستمر على المدينة...الخ. وفي الحقيقة يشبه حكم الإدارة الأمريكية هذا، حكم نظام صدام حسين على أهالي حلبجة عندما قصفها بالأسلحة الكيماوية حين دخلتها القوات الإيرانية بمساعدة الأحزاب القومية الكردية. والقاسم المشترك للسياستين هو المحتوى العنصري لهما. فمقابل 4 مقاولين أمريكان يجب أن يدفع أهالي مدينة الفلوجة ثمن الجريمة التي ارتكبتها الجماعات الإسلامية والقومية. فحياة أمريكي واحد في المعادلة الرياضية الأمريكية تساوي 200 إنسان من أهالي الفلوجة وقد يزيد هذا الرقم خلال الأيام القادمة. وليس غريبة علينا هذه السياسة العنصرية التي تمارسها الإدارة الأمريكية، فمن قبل فرضت عقوبة جماعية على جماهير العراق لمدة اثني عشر عاما لان نظام صدام حسين اخترق القوانين الدولية في حين أن نفس الإدارة خرقت القوانين الدولية عندما أشعلت حربا وحشيا دون موافقة مجلس الأمن ومازالت جماهير العراق تدفع ثمن تداعياتها. ولا الغريب أيضا عندما تحاول أوساط من مجلس الحكم تحميل أهالي الفلوجة دفع ضريبة سكنهم في هذه المدينة من سلامتهم واستقرارهم وحياتهم في الوقت الذي يستخدمهم الإرهابيين الإسلاميين والقوميين كدروع بشرية لهم. فلقد سبق لهذه الجوقة بتأييد الحصار الاقتصادي والحربين المدمرتين وكل السياسات الأمريكية التي كانت تحاك وتمرر على جماهير العراق. لكن الغريب وما يثير الأسف والألم هو عندما يتوهم عددا كبير من الناس بأن جميع أهالي الفلوجة مجرمين وبعثيين ويستحقون العقاب وهو نفس الصورة التي يروج الأعلام الأمريكي لها. أنها الموافقة العلنية على الكلام الفارغ واللاأنساني الذي يردده مجلس الحكم حول أهالي الفلوجة. وهو في الحقيقة إضفاء الشرعية على جرائم القوات الأمريكية التي ترتكبها كل يوم في الفلوجة. وان هذا التصور اللاأنساني هو محل نقد جدي وليس له مكان في مجتمع يتمتع بأدنى صفة إنسانية.

وبين هذا وذاك يقف ثلة من القوميين العروبيين والإسلاميين، وعدد من اليسار الغربي الذي بانهيار أمريكا ينهار هو أيضا، حولوا جرائم القوات الأمريكية التي ترتكب في الفلوجة إلى ترياق جديد لإدامة حياتهم، ويطلقوا على الفلوجة لقب المدينة البطلة والمقاومة للجيوش الإمبريالية . لكن ما لا يريدون أن يروه كل من جفت مشاعره الإنسانية، هو أن آلاف الناس الأبرياء في مدينة الفلوجة ليس لهم علاقة بما يحدث وهم ضحايا الصراع وليس طرفا في النزاع.

وأخيرا وبنفس القدر كما عبرنا عنه قبل قليل بأن سياسة الانتقام التي تمارسها القوات الأمريكية من أهالي الفلوجة لأخذ الثأر، تحمل من العنصرية، بنفس القدر تحمل هذه السياسة رسالة إلى جماهير العراق والعالم بأن الإرهاب الأمريكي سيطال كل مخالف للسياسة النظام العالمي الجديد. وان العراق ومدينة الفلوجة بالأخص نموذجا يمكن أن يجسد حقيقة العنجهية الأمريكية ونفاقها السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يتهرب من الإجابة عن سؤال حول إرسال قوات أمريكية للقتال


.. مهند مصطفى: إسرائيل بدأت تدرك صعوبة وتعقيد جبهة الشمال




.. غارة إسرائيلية على شقة سكنية في طرابلس شمال لبنان


.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا




.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق