الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللامنطقية في المعايير النقدية

تحسين عباس

2009 / 7 / 18
الادب والفن


الزمن يحصد ساعاته بسرعة الريح بلا تورع ٍ في المسؤولية فلا أفقَ للمفاجآت التي يجترحها أزميله ُ المتسللُ في الليل أو السائر في النهار فما أن تولي حقبة مملوءة بالدهشة والمفاجآت إلا وتأتي الأخرى مزدحمة بهما زاهدة في حس الحقيقة مادامت عاديات الأيام تغدو وتروح حافرة الغضون في جبين الأدب والفن سنواتٌ منطلقة من أفق الأزل تحل ، وسنوات آفلة نحو الأبد ترحل والقدر يخير قافلتنا حدواً على رنات الحداء المتناهي من الغيب ، ليلتقط طائر العمر حبات الأسى وحبات السرور والوجع يتكلس فوق صدأ الآه والأمل ينمو على رفاة الأمل في صدورنا التي تقيأت حبة الخردل مزيج من الصبر لايتحمـَّل نفسه حتى يخرج مافيه فالصبغة ُ التي يرتديها النقاد كثيراً ماتكون من ألوان قوس قزح المتدلية من الرأي الشخصي المُغمَّسة في الخيالات النفسية التي يعيشها الناقد مع ذاتهِ ناهيك عن العواطف الخجولة من العلاقات الاجتماعية فالمثال يعرض حروفه في ساحة الأسماع قصيدة تحملُ في كلماتها رقة الصياغة وموضوعها مطروق منذ مئات السنين والأخرى على العكس منها كلاهما الأول مكرر اراد الناقد أن يوفق بين المدرستين الأولى والثانية على حساب الواقع الأدبي فتـُجلى فكرة المدرسة المحايدة التي تجمع مابين الصياغة والموضوع لان الكاتب لم يكن مشهوراً ؟! فتصطحب الأخير السطور الأخيرة من الشكر لأجل المشاركة والآخر تزدحم القاعة بالرجال الكـُتاب وتفتقر النساء تعطى الجائزة للصبية الناشئة علماً أن قصتها لا ترتقي إلى الحداثة السالفة والحجة كالعادة تشجيع الكادر النسوي وماخفي لم يخف على الأذهان والأطرف من ذلك كاتب يراسل صحيفة ما فلا تنشر له مادة واحدة يرسل المادة نفسها بيد أديب معروف تنشر وفي الصفحات المهمة باسم الكاتب ويأخذ الأديب أجور مشاركته بجهود غيره لأنه أجهد نفسهُ بالوصول إلى حاسوبهِ ! والتالي اغرب من طرافة ٍ تـُذكر ، كاتبٌ يقارعُ الفقر فيطعمُ لسانهُ من ويلات العمل الطويل ليكتب شيئا جديداً ومهماً يرسلهُ إلى الصحف لاينشر يقوم بتغيير اسمه ينشر وعليه قبلات الشكر!!! متضادات لا تحمي أسبابها تكونت من العوامل النفسية التي عاشها الناقد فلو أتينا الأسس الأولى منذ انبثاق الأدب والفن لرأيناها قد انبثقت من العقول الراجحة التي حملت هذين التوأمين فلم يكونوا مؤسسيها من ذوي الشهادات العليا بل كان العقل الراجح المدرك بالموهبة الإلهية (الفطرة) هو الحكم في تقييم تلك النتاجات الناضجة فالأسس أساسها الفطرة ومنها انبثق التحديث لها في كل آونة فلو أخذنا مثلاً الموسيقى فهل كان عند السومريين أهل أوروك نظام للكتابة الموسيقية حتى يقيَّم العازف بمعرفته إياها فقد اكتشفت الموسيقى عن طريق خلايا خاصة بالدماغ تتحسس الذبذبات المتناسقة من اصطدام الريح بالأعمدة والأوتاد وقيل من خرير المياه وقيل من أصوات الحنجرة الموهوبة بالغناء ثمَّ وظفت هذه الأصوات على آلة القيثارة وبعدها تطورت القيثارة في الحقبة الثانية من حضارة السومريين في أور واريدو فأين القاعدة العلمية الثابتة للتعيين بأن هذه الأصوات هي متناسقة وتسمى الموسيقى فبالطبع كانت الخلايا الحسية هي القاعدة (الفطرة ) إذن فالمعايير العلمية أخذت من أعلى نقطة وصل إليها الأدب والفن واستمرت حتى شهدت التحديث طبقا لمستلزمات التعبير ولتأثيرات العوامل النفسية سلوك غير محسوس بل مجهول في النفس البشرية فالغرض من ذلك أن الناقد الفني جاءت آراءه من أسس ثبتت من الفطرة وهي الأخرى يمكن أن تمر بتدخلات نفسية طارئة فإذا كان الناقد رقيقا ً سيَّرَ نفسه لاختيار العمل الرقيق وإذا كان على العكس حكم بما يراه ومنهم من يحكم بالقواعد العلمية تاركاً التذوق ولقواعده مداخلات نفسية تكونت من إيحاءات استلمها من أستاذه الذي انجذب إليه أيام الدراسة فاستحوذت عليه من حيث لا يدري فرأي الأستاذ لايمثل التكامل النقدي في الفنون وان كانت آراءه النقدية نابعة من أسس علمية فللعوامل النفسية تأثير عليها ؛ فكان رأي احد النقاد في مفردة جاءت في نص شعري وهي ( رقصات الزئبق) أنها غير لائقة لان الرقصة مفردة مطربة ولطيفة والزئبق مادة كيميائية ثقيلة ذات رائحة غير طيبة ولم يأخذ تكوين الجملة بمعنى أنها رقصات فرّارة لا تمسك والسبب النفسي في ذلك أن أستاذه لما كان يمر على هذه المفردة يستهجنها في الشعر، وناقد آخر في الموسيقى يختار أنشودة بسيطة التكوين دوّارة بالتنغيم لان الجمهور صفَّق لها تاركا الأخرى التي تمتاز بتراكيب جملها الجميلة وتطابقها مع معاني شعرها لان الجمهور لم يصفق لها !! نعم أن الأولى كانت تمتلك جاذبية اكبر وتفتقر للتركيب والتطابق والثانية على العكس فهل يجوز الحكم لها بامتلاكها نقطة واحدة من أصل أربعة وأكثر؟ ! شتـَّان مايكون .

تحسين عباس









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكر وثناء
سلمى امين ( 2009 / 7 / 17 - 21:44 )
كنت دائما اتابع مقالاتك في بعض الصحف العراقية وقد طلبت اميلك منهم ورفضوا اعطاه قد يكون السبب حرصهم على الكاتب والان انا مذهولة بتحليلك النفسي للحالات التي يعيشها الناقد الادبي والفني
شكرا لك على هذا الكشف الوافي


2 - استفسار
ناهد الآلوسي ( 2009 / 7 / 18 - 10:22 )
السلام عليكم
اشكرك على هذا المقال الادبي الرائع واني اتسائل لماذا لم تنشره في جريدة الصباح وقد رايته في احد الصحف بالاضافه الى المواقع الالكترونية


3 - شكر
تحسين عباس ( 2009 / 7 / 18 - 12:28 )
اشكر اهتمامك بالنسبة لنشر المقال في جريدة الصباح مستحيل لانهم لايعتمدون على المادة الادبية بقدر ما يعتمدون على الاسماء ك دكتور أواستاذ معين اوَ لا ترين ان في صفحتهم الثقافية لايوجد احد من الاسماء الشابة الواعدة عكس ماترينه في جريدة الزمان

اخر الافلام

.. سكرين شوت | الذكاء الاصطناعي يهدد التراث الموسيقي في مصر


.. الطفل اللى مواليد التسعينات عمرهم ما ينسوه كواليس تمثيل شخ




.. صابر الرباعي يكشف كواليس ألبومه الجديد ورؤيته لسوق الغناء ال


.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس




.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-