الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة الوطن

حبيب النايف

2009 / 7 / 19
كتابات ساخرة


الوطن هو ذلك المكان الذي يضمنا داخله أو قل انه كلمة تحتمل أكثر من معنى لسحرها الخاص أنها لقمة العيش بكرامة كما يطلق عليها احد المواطنين الذي سئم الوضع البائد وعاش مشردا يتجول بين الاهوار متخفيا يبحث عن الأمان بعد أن طاردته القوى الأمنية وضيقت الخناق عليه لعدم انتمائه للحزب المقبور ..
رفعة العلم كل يوم خميس حيث تشعر بزهو خاص تدفعه رغبة حقيقية في البكاء للإحساس بأنك مفتون بهذا العشق الأزلي الذي رافقك منذ الطفولة لينمو معك وأنت تحلم وتنشد بصوت طفولي يصعد للسماء (موطني .. موطني .. الجلال والجمال والسناء والبهاء في رباك ..في رباك) لتحط أولى الخطى على طريق المستقبل الذي تحلم به مع أقران لك حيث رغبة التفوق والنجاح تلازم تفكيرك وتدفعك للتواصل بعد أن تشبعت أفكارك بذلك الحب العفوي الذي امتزج بأرغفة الصبح الذي تقدمه لك أم بسيطة لم تنل من التعليم قليلا لكنها مدركة لما تقوم به وتعمل حيث تدفعك للالتزام والحب والاحترام وتغذيك الطاعة والواجب والتفاني والإخلاص نابع من بساطتها المفتوحة للجميع والدور المتراصة مع بعضها بدون حواجز كأنها أسرة واحدة مندفعة ومتوحدة بطيبتها وتفانيها وإخلاصها اللامحدود .

انه الحلم الذي يداهمنا في ترحا لنا ليضيء لنا زوايا الغربة وينشر حولنا صور الذكريات الجميلة التي قضينا معا لتحس انك بدونه قارب وسط البحر تتلاقفك الأمواج وتنقطع بك السبل وتدفعك العواصف لتجد نفسك ضائعا وسط هذا المد الهائج لا تجد أرضا تؤوى إليها او مكان يحتضن جسدك الفاني .

إن هذا الوطن الرائع والمكان المقدس الذي نستظل بظلاله ونغفو على هديل حمائمه ونستفيق على أصوات بلابله ويكبر فينا صدى صوته الرائع الذي يدعونا للحفاظ عليه والتعامل معه على أساس حضاري وأنساني والتباهي به باعتباره ذلك الصرح العالي الذي يجب ان يبقى مرفوع الهام على مدى السنين كحضارته الشامخة وزقورته المنتصبة بعنفوان وحدائق بابل التي فاضت عطرا ليفوح شذاها بالأرجاء وثوره المجنح الذي حمل على جناحيه العراقيين بأطيافهم المختلفة وسار بهم للإمام ليتربع على قمة قلعة اربيل المتلألئة بالأنوار الساطعة لتكون ذلك الوهج الذي أنار للجميع أفق واسع انفتحت أماده بكل الاتجاهات لتعانق الشمس وتكتب بانوراما الحب والعمل وتحفر في أديم هذه الأرض سمو الحرف ورفعته وتزيد التلاحم ألحميمي الذي امتد إلى الجذور وتشابك بقوة وكبرياء مما جعله لحمة واحدة لا يمكن فصلها لذا بات على الكل الاغتراف من هذا النبع الصافي والحفاظ عليه لغرض ديمومته ونقائه وبالتالي دفع كل من تسول له نفسه للانقضاض عليه والعبث بمقدراته لأنه أسمى من كل الغرباء والمتسولين الذين ضاقت بهم السبل .
أن ما يتعرض له الوطن اليوم والتهديد المتواصل من غربان الشر والوحوش التي كشرت عن أنيابها بمختلف الأقنعة بعد أن أحست أن ما تقوم fبه قد توفر له الغطاء اللائم وربما الرسمي لتساهم بشكل أو بآخر على زيادة محنة الوطن وتعميق جراحة وجعله يعيش في واقع مرير يروح ضحيته ناس أبرياء امتدت يد الحقد والخيانة لهم سواء بالخطف والاغتيال او التهجير لتجعلهم يعيشوا حالة مأساوية لانعدام ابسط مقومات الحياة وعجز الدوائر الحكومية والخدمية من تقديم شيء يذكر لهم ليزيد من جراحهم وبالتالي يضيق الخناق حول رقابهم ويشتد طوق العنف بمختلف أنواعه مما يدفع الكثير من الفرار إلى الخارج أو العيش بخوف ورعب لتعيد إلى الأذهان حالة الخوف التي كانت سائدة سابقا .
إن من يدعون بالوطنية والحفاظ على الوطن بالعلن والانقضاض علية بطريقة غير مباشرة من خلال دعمهم للإرهاب ومساهمتهم بسرقات المال العام وتشجيع المفسدين قد ساهم في محنة الوطن وتعميق جراحه التي أريد لها أن تتعافى.
لكن لعنة الوطن سوف تبقى تطاردهم لتزيل عنهم الأقنعة المبرقعة التي غطوا بها وجوهم الكالحة وتكشف محاولاتهم الدنيئة التي قاموا بها بعد ان عجزوا من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لتعيد له مجده وعنفوانه ليبقى وطن الجميع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة جيجي زايد شقيقة الفنانة الراحلة معالي زايد


.. راجع اللغة العربية في ساعة.. أقوى مراجعة لمادة اللغة العربية




.. تغطية خاصة من حفل افتتاح الدورة السابعة والسبعين لمهرجان كان


.. حول العالم | موسيقى فريدة بأنامل أطفال مكفوفين في تايلاند




.. الدورة الـ 77 من مهرجان كان السينمائي.. ما أبرز ملامحها وأهم