الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خبر يستحق التأمل

محمد نبيل الشيمي

2009 / 7 / 28
الصحافة والاعلام


خبر تناقلته وسائل الإعلام الغربية من باريس فحواه قيام مدققين فرنسيين (أجهزة الرقابة المالية) بالإعلان عن أن نيكولا ساركوزي في حاجة إلى ضبط انفاقه على الطعام والسفر والتي تتم من خلال موازنة الدولة المخصصة لرئاسة الجمهورية كما طالب المدققون أن يقوم الرئيس بإعادة 20 ألف دولار صرفت له عن طريق الخطأ .
... شد هذا الخبر انتباهي وأصابني بشيء من الإعجاب والحسرة في آن واحد ... الإعجاب بالرئيس الذي لم يعترض ولم يمتعض ... ولم يقم بمعاقبة المدققين ولم يقل أن ذات الدولة ممثلة في رئيسها قد أهينت ... ولم تقم أجهزة الأمن الفرنسية بإلقاء القبض على الذين وجهوا الانتقادات للرئيس .. ولم ينقلوا إلى أماكن أخرى كعقاب لهم ... وهذا سر نجاحهم وتقدمهم وانطلاق قدراتهم وابداعاتهم فالكل متساوون أمام القانون ... والكل خاضع وملتزم بالتشريعات والقواعد المنظمة للشأن العام أما الحسرة فقد كانت على أوضاعنا كعرب فلا مساءلة لحاكم ولا فرق بين المال العام والمال الخاص فكما يملك الحاكم الرعية يملك أيضاً أن ينفق ما يشاء من أموال الدولة بغض النظر عن الظروف التي يعيشها مواطنوه والتي يغلب عليها الفقر واتساع الفجوة الدخلية بين الأغنياء والفقراء الملوك والرؤساء يبددون من الأموال الكثير في ظل فساد مستشرى لم يعد بالإمكان في المدى القصير السيطرة عليه نظراً لكونه مكون رئيس لنخب ارتبطت عضوياًً بالسلطة فأصبح المال مرتبطاً بالسياسة وسيطرت هذه القلة واستحوذت على كل شيء وفعلت كل شيء يصب في صالحها دون أدنى اهتمام بحقوق المواطنين ومن الغرائب أن مع ازدياد حالات الفساد زادت معاناه الشعوب وانهارت تماماً البنية الأساسية في المجتمع من صحة وتعليم وإسكان ونقل ... إلخ نعم ساركوزي يحاسب ويراجع ... وعليه أن يرد ما حصل عليه من موازنة الدولة بدون وجه حق ... أما نحن فما من سامع ولا من مجيب فهناك إساءة لاستخدام السلطة مع شخصنة النظم الحاكمة وفساد على كافة المستويات في استخدام المال العام لتحقيق مصالح وأغراض شخصية . فقد توجه هذه الأموال لحساب الأحزاب الحاكمة لخدمة لجانها و مؤتمراتها فضلاً عن تسخير موارد الدولة أو جزء منها لصالح القبيلة أو العشيرة أو العائلة.
هل يستطيع أحد أن يحاسب الحكام على تبذيرهم ؟ الواقع يقول لا فهم يعتبرون أن موارد بلادهم كلها هبات الهية يفعلون بها ما يشاءون حتى ولو بقيت شعوبهم جائعة محرومة وهناك رؤساء استولوا على إيرادات مشروعات قومية للانفاق على مطالبهم ... دون رقيب أو محاسب ... وهكذا تجري الأحوال في البلدان العربية لا مساءلة ولا شفافية
ولكن ماهى أوجه الاختلاف فى ادارة المال العام بين العرب والغرب؟
نختلف كثيراً مع الغرب وممارساته الاستعمارية ... وقد يرى البعض أن ماتعانيه الشعوب العربية حالياً من مشكلات بنيوية سببها الاحتلال الأجنبي والذي عمل على مساندة الطغاه والمستبدين من الحكام الذين يحافظون على مصالحهم من خلال تركيبة طائفية وعشائرية تضمن الولاء له .. ولكن هناك أسباباً أخرى أدت إلى إطلاق يد الحكام العرب في إهدار المال العام .
- غياب الحريات وإدارة الحكم بشكل ديكتاتوري قوامه القمع المادي والمعنوي ومن ثم ضعف الدور الشعبي في الرقابة على أداء الحكام .
- ضعف الدور الرقابي للبرلمانات وأجهزة الإعلام حيث من الملاحظ أن كل البلدان العربية يكون الوصول إلى عضوية المجالس النيابية من خلال انتخابات مزورة على حساب القوى الوطنية الممانعة والرافضة للاستبداد ... فضلاً عن وصول بعض رجال الأعمال المرتبطين بالسلطة وانحيازهم التام لها ومن ثم احباط أى محاولات من قبل القوة المعارضة بالبرلمان لمساءلة الحكومة بل وتمرير القوانين التي تخدم مصالحهم والتي تتعارض مع الدور الرقابي للبرلمان.
- وجود إعلام موجه غير قادر على محاربة الفساد ومن يحاول من الإعلاميين التصدي للفساد ويتناول أي من رموز الحكم بالنقد فإنه سيتعرض للعقاب بل والسجن أحياناً .
- عدم تنفيذ القوانين والتشريعات على كبار المسئولين إلا بالقدر الذي يوافق الحكام عليه ووفقاً لاعتبارات شخصية أو حزبية ضيقة
- غياب الشفافية ( تعرف بأنها ظاهرة تشير إلى تقاسم المعلومات والتصرف بطريقة معلنة ومكشوفة تمكن من الكشف عن المساوىء .. وعادة ما تمتلك الأنظمة ذات الشفافية إجراءات واضحة وتضع سلسلة واسعة من المعلومات في متناول الشعب تساعد على فهم ومراقبة كل ما يتعلق بإدارة الدولة .. وهي عنصر رئيسي من عناصر المساءلة يترتب عليها جعل كافة ما يتعلق بإدارة المال العام متاحاً للفحص الدقيق .
- غياب المساءلة بمعنى أن المسئولين من حكام ووزراء لا يقبلون تقديم التوضيحات اللازمة عن كيفية استخدام صلاحياتهم وتصريف واجباتهم .. وغياب المساءلة بمعنى إطلاق اليد وإساءة استخدام الموارد .
- طغيان دور السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية وهوالأمر الذي يؤدي إلى الإخلال بمبدأ الرقابة المتبادلة بين السلطتين .
- الالتزام الحزبي الضيق من قبل النواب وذلك ضماناً لمساندة الحزب الذي رشحهم على قوائمه الانتخابية وهذه صورة من صور الممارسة السياسية غير النزيهة في كثير من البلدان العربية حيث يكون الولاء للحزب الحاكم على مصلحة البلاد العليا وذلك ضماناً لترشيحهم في دورات انتخابية لاحقة ومن ثم فإن هؤلاء النواب لا يمارسون مطلقاً أي دور رقابي على المال العام وكيف ينفق .
- ضعف دور منظمات المجتمع المدني في مواجهة الفساد الحكومي نتيجة القمع أو نتيجة لارتباط بعضها بأجهزة السلطة .
... أعود فأقول .. إنني على قدر إعجابي بالأسلوب الغربي في إدارة الحكم والمال العام فإني أتحسر وبشدة على ما يحدث في وطننا العربي الغائب بفعل الحكم التسلطي المستبد الديكتاتوري .. الأسري العشائري ... والذي مكن حكامنا من الإسراف والتبذير والإفراط دون حساب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : شهادة طبيب • فرانس 24 / FRANCE 24


.. -يوروفيجن- في قلب التجاذبات حول غزة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الذكاء الاصطناعي يفتح جولة جديدة في الحرب التجارية بين بكين


.. إسرائيل نفذت عمليات عسكرية في كل قطاع غزة من الشمال وصولا إل




.. عرض عسكري في موسكو بمناسبة الذكرى الـ79 للانتصار على ألمانيا