الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسييس الشعائر والطقوس الدينية

فراس الغضبان الحمداني

2009 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية



ليس فينا من ينكر او يتجاهل مكانة الرسول العظيم وال بيته الاطهار والكل يعلم انهم قدوة لكل المسلمين وليس لطائفة منهم ، ولعل استذكارهم وزيارتهم امرا يعد من الشعائر وطقوس الوفاء لاصحاب القيم والمباديء النبيلة .. ولكن التطرف والمغالاة يفسد هذه المناسبات فضلا عن استغلال الساسة للمشاعر الدينية للناس وتوظيفها وهذا يعد خلطا خطيرا للاوراق .

فمنذ سقوط النظام في 9 نبيسان 2003 حتى اليوم برزت ظاهرة تعضيد الشعائر الحسينية وكانت مقصورة على العشرة الاولى من محرم وحتى يوم الطف الدامي .. لكن التوظيف السياسي مد في عمر العزاء الى ما بعد الاربعين ثم الى مرد الروس .. وصرنا نتابع المشاهد المبرمجة في استغلال هذه المشاعر سياسيا .. والدليل على ذلك خلق شبكة واسعة من المواكب الحسينية في كل المدن العراقية .. وهي محاولة لخلق واجهات لبعض الاحزاب تستثمر كل عام لزيادة رصيدها في الانتخابات وكسب الولاء لخططها السياسية وللاسف ان هذا الامر يتم لتعميق الانفعالات العاطفية الشعائرية عند بسطاء الناس والسذج خاصة منهم .

فصرنا نشهد الملايين يتركون اعمالهم واحوالهم ويتفرغون للعزاء و السير على الاقدام للاماكن المقدسة في ضروف امنية مازالت قلقة واوضاع مهيئة لاستغلال هذه الحشود لاستفزازات طائفية والتعمد في تعطيل الحياة العامة وشلها بالكامل .. فضلا عن استنفار لكل الاجهزة الامنية وعرقلة الدوام الرسمي في الدوائر الحكومية وتاخير مصالح الناس وتعطيل الحركة الاقتصادية والتطرف بممارسة هذه الشعائر مما يسيء ليس فقط للشيعة بل للدين الاسلامي نفسه .

ليس من المعقول ان تشل دولة بكاملها وفي مناسبات متكررة على مدى العام الواحد بسبب احياء هذه الطقوس .. ونحن على يقين بانها لو كانت عفوية لكانت بسيطة اعتيادية وليس بهذه الضخامة المتعمدة والمبرمجة والدليل عشرات الالاف من المواكب التي تقبض شهريا والالاف من السرادق المحمية من حرس خاص وتحت اشراف كيانات سياسية توفر كل شيء للمد في عمر هذه الشعائر وتعظيمها .. ليس محبة بالائمة ولكن استغلالا بشعا للدين ومحاولة للابقاء على سذاجة الملايين وعدم اعطائهم الفرصة للتمدن والتحضر .

لو ان هذه الاموال الطائلة تنفق على هؤلاء الناس في هكذا مناسبات وتنظم منتديات ثقافية في الجوامع والحسينيات ويتولى اشخاص متعلمين ومتنورين من القاء محاضرات عن سيرة ال البيت وضرورة بعث هذه القيم في سلوكنا الاجتماعي الراهن وحث الناس على القيام باعمال تضامنية والاخلاص لجوهر الدين في الامانة والصدق في العمل والاجتهاد والاخلاص في اعمار البلاد وتحويل هذه المناسبات الى ظاهرة للتكافل الاجتماعي ورعاية الايتام والفقراء والمتعففين واستثمار اوقات الناس بالعبادات والزيارات الاعتيادية وليس المسيسة لكان الامر ياخذ شكلا اخر .

لو اننا تاملنا مالذي سيحدث في السنوات القليلة القادمة فان الاتي سيكون بكل المقاييس مرعبا ومخيفا وستتحول حياة الناس الى مجرد احياء للشعائر والطقوس وتتحول اجهزة الحكومة بكل مستوياتها ادوات لحماية وتنشيط هذه الظاهرة بدلا من القيام بواجبات اساسية وضرورية اشار الدستور للعشرات منها وهي ما زالت معطلة .

ان الحياة في العراق اصبحت فقط استذكارات لمصائب ال البيت وهم ابرياء من هذه المغالاة وهذا التطرف والتسيس بالدين والمتاجرة بمشاعر المسلمين .. فحتى الجارة ايران تعيش بضعة ايام على مراسم العزاء وهي على مدى العام تمارس حياتها الطبيعية وتحرك مصانعها وتنعش اقتصادها وتنظم مدارسها وجامعاتها وتعمل دوائرها الحكومية بدون عطل وتنساب الحركة بشوارعها ولا تستغل جيشها وشرطتها بتنظيم مواكب الزائرين .

اصبح هؤلاء الذين سيسوا الدين يتحكمون بمصائر البلاد ولا يسمعون ولا يذعنون لصوت العقلاء والمثقفين والسبب هناك مرجعيات صامتة لاتقوم بدورها الاخلاقي لايقاف المغالين والمتطرفين ومخاطبة بسطاء الناس من الاباء والامهات وحثهم على ان الحفاظ على اولادهم في بيوتهم امنين خير الف مرة من قيادتهم تحت لهيب الشمس ولمسافات طويلة وهذه تعد انتهاكا لحقوق الطفولة والمسنيين ايضا وانتهاكا لخصوصيات الارامل والامهات والزوجات والاخوات وهن يواصلن الليل بالنهار في الطرقات العامة .

نعم نحن نقدس هذه الروحية وهذه المحبة لال البيت ولكن على هذه الطريقة فان الحياة ستكون في العراق شبه مستحيلة .. لان هذه الكتل التي تنظم هذه المسيرات تفرض هيمنتها ليس على مسارات الحكومة فقط بل على الدولة بكاملها وسيبقى العراق مزدحما طوال العام بهذه المناسبات ... رغم الجميع يعلم ان البلاد اصبحت خراب فلا زراعة ولا صناعة ولا تجارة شريفة ولا علم ولا تعليم بل مجرد استثمار الناس واستغلال مشاعرهم والابقاء على جهلهم .

وليبقى العراق كما تريد امريكا ودول الجوار مجرد سوق تستهلك ما يصدره الجيران من بضائع فاسدة ولعلنا نستطيع ان نشتريها اليوم باموال النفط ولكننا ما ذا سنفعل عندما يهبط سعر النفط لاقل من دولار حينها سيتحول العراق الى سرداق كبير لعزاء دائم وطويل وحينها ستحل علينا لعنة الله ولعنة احفاد الرسول لانهم يقدسون العمل ولا يحبذون العطل .



[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - علماأسلاموسياسيون
تانيا جعفر الشريف ( 2009 / 7 / 20 - 07:32 )
ياسيد فراس والله ياأخي لقد صدعوا رؤوسنا هؤلاء الثلة الفاسدة التي تعتاش على سذاجتنا بفتاوى اقرب للكفر منها للإيمان ..
هؤلاء الين جعلوا من مكاتبهم منابر للنيل من الحسين لا تخليده واماكن لنشر الفرقة بين المسلمين لاتوحيدهم .زمشكلتنا مشكلة شعب لاقيادات دينيه أو إسلاميه فالناس هي التي تخلد ساساتها وتعطيهم (الشرعية الفوضويه ومن ثم تدفع ثمن جريرتها فغلى بئس المصير..تحياتي لك

اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م