الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقوع العقوبة والإفلات منها

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2009 / 7 / 21
حقوق الانسان


مسكين المواطن المصرى يتعرض للإهانة من الغرباء داخل أرض الوطن وكذلك يتعرض للإهانة كمغترب خارج أرض الوطن. ما يثير الأسى هو أنه لا يجد من يسعفه فى الداخل ولا يجد من يقف بجانبه خارج أرض الوطن. قلما تجد مصريا يعمل فى دولة عربية لا يشكو من سوء المعاملة التى يلقاها على يد سلطات الدولة التى يعمل بها أو على يد الكفيل الذى يستغله أسوأ استغلال وإذا تجرأ واشتكى فقد تحفى قدماه قبل أن يجد من ينصفه بل ربما يزج به فى السجن ولا يخرج منه إلا بعد أن يقضى عدة شهور أو سنوات.

من المعروف أن المرء حين تحط قدماه فى بلد ما فلابد أن يحترم قوانين وأعراف هذا البلد وإذا تبين أنه غير قادر على التكيف فعليه أن يحزم حقيبته ويرحل دون تسويف أو تأجيل. وعندما يخطئ المرء أو يرتكب جنحة أو جناية فإنه يعلم كل العلم أنه سوف يلقى الجزاء ولن تلتفت السلطات إلى كونه أجنبيا أو مغتربا جاء من أجل لقمة العيش. كلنا يعرف أن أشقائنا فى السعودية لم يخشوا من تدهور علاقاتهم مع مصر عندما قامت محكمة جدة الجزئية بمعاقبة طبيبين مصريين 1500 جلدة وسجن أحدهما 15 عاما والآخر 20 عاما. ونتذكر أيضا الطبيب المصرى الذى تعرض للجلد فى السعودية عقابا له على اتهام مدير المدرسة باغتصاب نجله، كما تم جلد طبيب آخر بحجة الاختلاء بإحدى المريضات. وفى عام 2008م تعرض مدرس مصرى فى المملكة السعودية لحكم قاسى عبارة عن 70 جلدة و20 يوما فى الحبس بتهمة التشهير بكفيله.

قد نتفهم ما يحدث للمواطن المصرى خارج أرض الوطن وقد لا نقف كثيرا أمام قسوة العقوبة طالما كانت هناك مخالفة للقوانين المعمول بها. ما يزعجنا هو أن ضيوفنا العرب دأبوا على مخالفة قوانيننا ثم الإفلات من العقوبات، فالضيف أو الزائر قد يأتى بنفس المخالفة أو قد يرتكب نفس الجريمة التى يعاقب المصرى من أجلها سواء داخل أو خارج وطنه غير أنه يفلت من العقاب لسبب سوف نكشفه فى نهاية المقال. لا شك أن المصرى يشعر بالغربة داخل الوطن عندما يقف ضيف عربى ليهدده بالثبور وعظائم الأمور تماما كما يحدث فى الخارج، فمنذ عدة سنوات كنت وأحد الأصدقاء نشاهد مسرحية "ماما أمريكا" التى كانت تعرض على مسرح قصر النيل فى وسط القاهرة وهذه المسرحية الكوميدية التى قام ببطولتها محمد صبحى تتعرض لعلاقة العرب فيما بينهم وعلاقتهم مع أمريكا وإسرائيل. ولسخرية القدر شاهدنا نموذجا للعلاقات العربية العربية قبل أن تبدأ أحداث المسرحية: كان هناك مواطن عربى يرتدى الجلباب الأبيض والعقال يجلس فى الصفوف الخلفية ويضع ساقا فوق ساق وأخذ الرجل "يقزقز" اللب ويلقى بالقشر على أرضية القاعة فتقدم نحوه أحد العاملين وطلب منه ألا يفعل ما يفعله فاستشاط الرجل غضبا وعنف العامل المصرى طالبا منه عدم الاقتراب حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه وبالفعل لم يقترب منه أحد حيث استمر فى ممارسة هوايته حتى انتهاء المسرحية. التفت لصديقى الذى يجلس بجانبى وقلت له تخيل لو كان هذا السلوك بدر من أحد المصريين، فأردف قائلا: أظن أن العمال المصريين سيحملونه ويلقون به خارج القاعة.

قد نتحمل هذا السلوك الأهوج المتعالى فى مسرح كوميدى أو على أحد المقاهى غير أننا لا يمكن أن نقبل مثل هذا السلوك فى صرح تعليمى يحمل اسم أحد أبطال مصر وهو أكاديمية السادات للعلوم الإدارية. لقد أصابتنا الدهشة وألجمت ألسنتنا حين طالعتنا إحدى الصحف الخاصة بخبر مفاده أن ثلاثة طلاب عربا تعدوا بالضرب والسب على معاونى أعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية عقابا على منع أحدهم من الغش. ويا ليتهم توقفوا عند هذا الحد إذ تمادوا فى غيهم واعتدوا على مراقبى اللجنة وقاموا بتحطيم المقاعد الخشبية. والغريب أن أحد الطلاب هدد مراقب اللجنة قائلا بأنه سيقتله وسيحبسه فى مصر بلده وسيجعل سفارة بلاده أن تفعل كذا وكذا. لم أصدق ما قرأت وتخيلت بأننى مازلت فى قاعة مسرح قصر النيل أشاهد الفنان محمد صبحى وهو يؤدى دوره ببراعة. وقبل أن أفيق من هذه الصدمة تلقيت صدمة أخرى حين واصلت قراءة الخبر وسقطت عيناي على تصريحات السيد الأستاذ الدكتور المهندس عميد الكلية الذى قال—لا فض فوه—أن الواقعة "عادية" وبرر ذلك بأنها نتيجة التوتر الناتج عن الامتحانات ولا داعى لتضخيم الأمور حرصا على "العلاقات المصرية العربية". لعله من الصواب ألا نعلق على مثل هذه التصريحات.
قد يتفق معى القارئ أن الفرق بين المواطن المصرى وغير المصرى خاصة فيما يتعلق بتطبيق العقوبات هو أن المواطن المصرى يذهب إلى البلاد الأخرى للحصول على الأموال بينما المواطن العربى يأتى إلى مصر لإنفاق ما معه من أموال. هذا فى رأى هو مكمن الاختلاف بين وقوع العقوبة والإفلات منها. روز اليوسف، عدد 1231، 20 يوليو 2009م، ص9.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خسارة
جمعة الشوان ( 2009 / 7 / 21 - 08:04 )
المفروض أن يتعامل أى مواطن عربى بالمثل داخل مصر وتتطبق عليه القوانين بكل دقة ولا يجب ان يتهاون المصرى فى حقوقه سواء داخل أرض الوطن. أما خارج الوطن فعلى المصرى أن يحترم مواطنه المصرى ولا ينقل أخباره للكفيل الذى يتيقن أن المصريين يكرهون بعضهم. ..وشكرا


2 - خسارة
جمعة الشوان ( 2009 / 7 / 21 - 08:07 )
صحيح المصريين لا يحبون بعضهم البعض فى الغربة حيث يسعى كل منهم عمل أى شئ للحصول على المال غير مبالين بالقيم والأخلاقيات.

اخر الافلام

.. الأونروا: أكثر من 625 ألف طفل في غزة حرموا من التعليم بسبب ا


.. حملة اعتقالات إسرائيلية خلال اقتحام بلدة برقة شمال غربي نابل




.. بريطانيا.. تفاصيل خطة حكومة سوناك للتخلص من أزمة المهاجرين


.. مبادرة شبابية لتخفيف الحر على النازحين في الشمال السوري




.. رغم النزوح والا?عاقة.. فلسطيني في غزة يعلم الأطفال النازحين