الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات - حتى تبقى الأجراس تقرع والتراتيل تصدح !

رضا الظاهر

2009 / 7 / 22
الارهاب, الحرب والسلام


تأملات
لا يريدون للعبرات أن تهدأ ففجروا كنيسة "تهدئة العبرات" في شارع فلسطين يوم الثاني عشر من الشهر الحالي. توجه حقدهم الى "سيدتنا ذات القلب المقدس" في حي المهندسين ليمزقوا هذا "القلب المقدس". واختاروا معهما كنائس أخرى في قلب بغداد، وقبلها بالموصل، ليستكملوا مسلسل ذبح الأبرياء وترهيب المسالمين.
أما الحكومة فمصرّحوها يتحدثون عن تعزيز الاجراءات لحماية المواقع الدينية. ولو أن هذه المواقع لم تتعرض الى الاعتداء لكفانا الله صخب التصريحات عن اجراءات تأتي دائماً بعد فوات الأوان، بل وأحياناً لذر الرماد في العيون.
ولم يفعل الحكام وبرلمانهم، وهم مشغولون عن محن الناس بصراع الامتيازات و"التسييس"، غير أن ضربت سلطات أمنهم طوقاً على الطرق المؤدية الى الكنائس، بينما يتواصل ولعهم بالتصريحات، وتعبيرهم، كالعادة، عن "قلقهم" و"مراقبتهم الوضع عن كثب". فيا لسذاجة الحلول وقصر النظر !
كم من الكنائس ينبغي أن تفجَّر، وكم من الأبرياء ينبغي أن يُذبحوا حتى تتوقف تصريحات الادانة اللفظية، وتتخذ الاجراءات الفعلية لحماية الناس، وهي اجراءات لا يمكن أن تكون منعزلة عن اجراءات الأمن والاجراءات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الشاملة في البلاد لحل معضلاتها وإخراجها من أزمتها ؟
وحقَّ لأسقف الكلدان شليمون وردوني أن يكون "في حيرة" من أمره، وعاجزاً عن الرد على المطالبين بالهجرة، ممن تعجز الجهات المعنية عن حماية حياتهم في البلد الذي صنفته منظمة "حقوق الأقليات الدولية"، مؤخراً، باعتباره ثاني أخطر بلد في العالم بالنسبة للأقليات الدينية والعرقية.
فهذه الأقليات، التي كانت تشكل ذات يوم ما يصل الى 14 في المائة من سكان البلاد، باتت فريسة لحملة عنف ديني وعرقي وجنائي تسعى الى تصفيتها. ويشير معنيون بالشأن الى أنه اذا ما جرى احصاء جديد للسكان المسيحيين في العراق لوجدنا أن العدد تقلص الى ما يقل عن النصف. وهذا، في الواقع، حال أقليات أخرى بينهم الصابئة المندائيون.
وما من شك في أن أحد أهداف التفجيرات الأخيرة يكمن في السعي الى منع عودة المسيحيين الى بيوتهم وأعمالهم السابقة، وهي العودة التي بدأت ملامحها تتبلور خلال الأشهر الأخيرة، ارتباطاً بالتحسن الأمني النسبي، حتى جاءت الأحداث الأخيرة المروعة لتشوش هذه الملامح وتعرقل العودة، بل وتدفع بالمزيد من الضحايا الى التفكير بالهجرة.
ويبقى الهدف الأساسي إثارة المزيد من الفوضى والتيئيس والارتياب بقدرة الحكومة على أداء واجبها في حماية المواطنين. وبالتالي فان على أبناء الأقليات أن يغادروا البلاد بحثاً عن ملاذ آمن.
ومن الطبيعي أنه لا يمكن النظر الى أحداث تفجير الكنائس باعتبارها أحداثاً منعزلة. فهي جزء من موجة جديدة تصاعدت منذ نيسان الماضي، وتجاوزت بغداد والموصل وكركوك، مثلما تجاوزت الكنائس الى الحسينيات والجوامع وسائر دور العبادة والأسواق والتجمعات.
الظلاميون الوحوش يريدون بأفعالهم أن يوجهوا رسالة حقد تكشف عن إيغالهم في مشروعهم الشرير الساعي الى إثارة فتنة طائفية وحرب أهلية في بلاد يراد أن تحكمها شريعة الغاب وسيوف الظلام.
غير أنه لا يمكن، بالطبع، أن تستمر "منهجية" تسجيل الجرائم "ضد مجهول"، واللامبالاة بحقائق الواقع المأساوية، واتخاذ الاجراءات بعد فوات الأوان، ونسيان هذه الأحداث المروعة بعد أيام من وقوعها، والتعامل مع الانسان باعتباره أرخص رأسمال. فهذا السلوك ليس ما يلجم الظلاميين وسائر مرتكبي الجرائم، بل إنه قد يحفزهم على المزيد من الأفعال الشنيعة.
والحق أن الحكومة مطالبة ليس فقط باتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية حياة وحقوق مواطنيها، وإنما، أيضاً، بالكشف عن الجناة ومن يقف وراءهم. ويحق لمعنيين القول إن استمرار هذا المسلسل الدامي منذ "مابعد التحرير" حتى الآن يضع علامة استفهام على مدى جدية الجهات المعنية بحماية الناس.
* * *
هذه البلاد التي كانت ذات يوم بلاد وئام قومي وديني ومذهبي، أمست اليوم بلاد "شيعة وسنة وأكراد" في ظل محاصصات مقيتة. أما "الآخرون" فلا مليشيات لديهم تحميهم، وعليهم أن يرحلوا عن بلاد هم أهلها الأصلاء.
الظلاميون يهددون "أهل الذمة" بالذبح ما لم يدفعوا الجزية أو يشهروا إسلامهم.. يريدون طرد من شيدوا هذا البيت عن بيتهم العراق، وهو يتفتت أمام أنظار محبيه العاجزين عن حماية أنفسهم .. ويخشون الأطياف إذ يفرضون لوناً واحداً، حتى يسود ليل ظلاميين يحجب نهار أهل الشمس ممن منحوا العالم نور المعرفة والجدل والأمل.
هذه البلاد العاجزة عن حماية أنبل بناتها وأبنائها، الصامتة عن ذبحهم، الخانعة حتى لم تعد تبصر فسيفساءها وجذوة تنوعها وجمرة غضبها .. هذه البلاد الى أين تسير وحدها دونما محبين ؟
أيتها البلاد التي يريدون لها أن تمضي يائسة الى حتفها، استيقظي وانهضي من خنوعك.
خصومك يريدون قتل التسامح.. لا تتسامحي معهم،
ومحبوك يريدون الوصال فلا تهجري أيامهم.
إنهضي ياربيبة الشمس .. إنهضي حانية على الأبناء
حتى تنهض بك قيامة العراق ..
حتى تبقى الأجراس تقرع، والتراتيل تصدح
... وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرّة !




طريق الشعب - 21/7/ 2009








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شهادة حق لرجل نزيه
مصلح آلمعمار ( 2009 / 7 / 22 - 01:06 )
قتلت امرأة واحدة بأيدي احد المجرمين في المانيا ورغم ادانة هذا آلعمل من قبل جميع الاديان ، الا ان آلمسلمين ارادوا جعل آلحادث اضطهاد وآرادوا غزو المانيا لأن دمهم آلوحيد هو آلدم آلطاهر في هذا آلعالم ، اما قتل آلمسيحيين وتهجيرهم من آلعراق فذلك امر عادي مادام ابو سياف اعتبرآلمسيحيين من آلكفرة ، شكرا جزيلا اخ رضا على تسليط آلضوء على هذا آلموضوع مع آلتحيه


اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو