الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلنا مشاريع قص رقبة

نضال الصالح

2009 / 7 / 22
كتابات ساخرة


عدت قبل أيام قليلة من زيارة مطولة إلى الأهل والأقارب والأصدقاء في الأردن، حضرت أثناءها عرسين أحدهما "إسلامي" حيث يحتفل الرجال في قاعة منفصلة عن النساء والآخر مختلط. كما حضرت جنازة قريب لي، رجل فاضل مربي أجيال وشاركت في العزاء الذي أقيم له في خيمة كبيرة نصبت لهذا الغرض والذي دام ثلاثة أيام. لقد التقيت وخاصة في أيام العزاء باصدقاء لم أرهم منذ أكثر من ثلاثين عاما ولاحظت عليهم علامة الشيخوخة الفكرية التي طغت على الجسدية. لاححظت إزديادا ملحوظا لعدد الملتحين والمسبحين والمتمتمين للأحاديث النبوية والآيات القرآنية وتسابيح أخرى مختلفة، كما لاحظت كثرة المساجد التي بدت في كل شارع وزقاق وكثرة المصلين فيها. ولكنني في المقابل لاحظت تحت غطاء هذا التدين أو ما اعتاد على تسميته رموز الفكر الديني "بالصحوة الدينية" إزديادا ملحوظا للأنانية والامبالاة بالغير والجشع والرياء والنفاق الذي بدا واضحا لعين كل مراقب حتى المتدينين المخلصين لفكرهم ودينهم. لقد أصبح اللباس "ألإسلامي" غطاءا لكل المظاهر السلبية حتى بات لباسا لكثير من العاهرات اللوات يضعنه على جسدهن العاري تماما( وذلك على ذمة الرواة الذين أكدوا ذلك) يبعن أجسادهن في شارع مكة وغيرها من شوارع العاصمة .
عندما غادرت إلى عمان أخذت عهدا على نفسي في أن لا أدخل في جدال ديني مع أحد وأن أستمتع بلقاء الأهل والأصدقاء وبأكل الطعام العربي وخاصة الكنافة النابلسية المشهورة. فكنت أسمع ما لا يسر وما يهين العقل والذي يرفع الضغط في كثير من الأحيان وأظل صامتا متجاهلا.
في اليوم الثاني من أيام العزاء خاطبني رجل ملتحي وفي يده مسبحة طويلة قائلا: " قرأت كتابك " المأزق في الفكر الديني" وهو كتاب مليئ بالختل والكفر." قلت له: " رأيك وانت حر فيه"، فرد بعصبية:" هذا ليس رأيي وإنما رأي الدين، والكفر في ديننا جزاءه القتل". قلت له:" هل جئت معزيا أم جئت تهددني بالقتل؟". صمت وعلامات الحقد قد غطت وجهه. نظرت إلى الجالسين وهم كثر فرأيتهم صامتين يهزون رؤوسهم علامة الموافقة على قول الرجل. لم أجد رجلا واحدا يعترض على هذا القول وكان الإجماع على أن من خرج عن دين الإسلام حق عليه القتل.
أخذت على عاتقي أن أسأل كل من أقابلهم أثناء إقامتي سواء من الأهل أو من الأصدقاء، رجالا أو نساءأ، أطباء ومهندسين ومختلف المستويات العلمية والأكاديمية عن رايهم في هذه المسألة وكاد الجواب أن يكون بالإجماع بأن من خرج عن الدين الإسلامي حق عليه قص الرقبة. حتى أن زوجة قريب لي وابنة قريب وصديق أعتبرها مثل إبنتي خاطبتني قائلة:" عمو! تخرج عن ديننا نقص رقبتك" وأشارت بأصبع يدها على رقبتها مشيرة إلى طريقة الذبح فتحسست رقبتي وتخيلت كيف أذبح وكيف يسقط رأسي عن جسدي فسارت في أنحاء جسدي القشعريرة ونشف اللعاب في فمي وتقلص مدخل حلقي وصعب علي بلع ريقي.
عدت للبحث عن معنى الخروج عن الدين الذي يستحق قص الرقبة وكنت قد كتبت فيه سابقا ولا يضير أن نعيده حتى يرسخ في عقل القارئ ويعرف بنفسه إن كان مرشحا لأن يكون مشروعا مستقبليا لقص الرقبة.
الدين الحق في رأي علماء الفكر الإسلامي هو الاسلام وفق فهمهم, الدين المنزل من رب العالمين الخالص من البدع والتحريف وهو دين الإسلام الحنيف الذي لا يقبل الله من أحد سواه، إِنَّ الدين عند الله الاسلام [عمران:19]، وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [عمران:85].
وحفظ الدين في رأيهم هو أهمُّ مقاصد الشريعة الإسلامية، ولا يمكن أن يكون هذا المقصد العظيم معرَّضاً للضياع والتحريف والتبديل؛ لأن في ذلك ضياعاً للمقاصد الأخرى وخراباً للدنيا بأسرها.
الردة أو ترك الدين الإسلامي والخروج عنه أو منه أو بمعنى آخر الكفر في منطوق الفكر الديني، هي أخطر جريمة تهدِّد دين الإنسان وتنقضه، ودين الإنسان بطبيعة الحال هو الدين الإسلامي كما فصله علماء الفكر الديني.
قال البعلي( المطلع على أبواب المقنع (ص )8).: 37 ) الردة هي الإتيان بما يخرج به عن الإسلام إما نطقاً وإما اعتقاداً وإما شكاً و قال ابن تيمية: "وليس من السيئات ما يمحو جميع الحسنات إلا الردة.(مجموع الفتاوى (11/700.
وعقوبة الردة هي الموت وعن ابن عباس أن النبي محمد قال ( من بدل دينه فاقتلوه) أخرجه البخاري في استتابة المرتدين، باب: حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم (6922). وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة). أخرجه البخاري في الديات (6878)، ومسلم في القسامة والمحاربين (1676).وقال ابن قدامة: "وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتدين. المغني (12/264). ويقول ابن تيمية في الحكمة من قتل المرتد: "فإنه لو لم يُقتَل لكان الداخلُ في الدين يخرج منه، فقتلُه حفظٌ لأهل الدين وللدين، فإن ذلك يمنع من النقص ويمنعهم من الخروج عنه" مجموع الفتاوى (20/102). ويقول عبد القادر عودة: "وتُعاقب الشريعةُ على الردة بالقتل لأنها تقع ضدَّ الدين الإسلامي وعليه يقوم النظام الاجتماعي للجماعة، فالتساهل في هذه الجريمة يؤدي إلى زعزعة هذا النظام ومن ثمَّ عوقب عليها بأشد العقوبات استئصالاً للمجرم من المجتمع وحماية للنظام الاجتماعي من ناحية ومنعاً للجريمة وزجراً عنها من ناحية أخرى، ولا شك أن عقوبة القتل أقدر العقوبات على صرف الناس عن الجريمة، ومهما كانت العوامل الدافعة إلى الجريمة فإن عقوبة القتل تولِّد غالباً في نفس الإنسان من العوامل الصارفة عن الجريمة ما يكبت العوامل الدافعة إليها ويمنع من ارتكاب الجريمة في أغلب الأحوال" التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي (1/661، 662.
واذا لـم يـكـن الـمرتد عن الاسلام مولود من مسلمين او من مسلم فانه يؤمر بالتوبة ,فان تاب قبلت توبته ولم تجر عليه تلك الاحكام , واما اذا لم يتب جرت عليه الأحكام. أما المولود من مسلمين أو من مسلم فيقام عليه الحد وهو الموت. ويرفض الفكر الديني مقولة ان حكم المرتد هو نوع من الارهاب العقائدي والفكري, خـصـوصا أن اولئك المرتدين الذين وجب عليهم الحد هم الذين ولدوا من ابوين مسلمين وترعرعوا في محيط اسلامي , فانه من البعيد جدا انـهـم لـم يـتعرفوا على محتوى الاسلام , وعليه فان ارتدادهم عن الاسلام اقرب ما يكون الى سؤ القصد والخيانة منه الى الاشتباه وعدم إدراك الحقيقة , وهـدفـهـم من ذلك زلزلة اعتقادالمسلمين باسلامهم وايمانهم فمثل هؤلاء يستحقون جزاء الارتداد. فهم في الحقيقة يعلنون عن ثورتهم ضد الحكم الاسـلامـي ,وعـليه فمن الواضح ان هذه الصرامة والشدة في حقهم ليست خالية من الدليل , كماانها لاتـتـنـافى ابدا مع حرية الراي والعقيدة(كذا). والسكوت عن المرتدين يشكل خطرا على الإسلام ويسمح لأعدائه بالتمرد عليه. ويعتبر الفكر الديني أن الردة عن الإسلام ليست مجرد موقف فكري، بل هى أيضاً تغير للولاء وتبديل للهوية وتحويل للانتماء. فالمرتد ينقل ولاءه وانتماءه من أمة إلى أمة أخرى فهو يخلع نفسه من أمة الإسلام التى كان عضواً فى جسدها وينقم بعقله وقلبه وإرادته إلى خصومها ويعبر عن ذلك الحديث النبوى بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه: (التارك لدينه المفارق للجماعة) رواه مسلم ، وكلمة المفارق للجماعة وصف كاشف لا منشئ ، فكل مرتد عن دينه مفارق للجماعة.
الفكر الديني يعتبر إن التهاون فى عقوبة المرتد ، يعرض المجتمع كله للخطر ويفتح عليه باب فتنة لا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه. فلا يلبث المرتد أن يغرر بغيره ، وخصوصاً من الضعفاء والبسطاء من الناس ، وتتكون جماعة مناوئة للأمة تستبيح لنفسها الاستعانة بأعداء الأمة عليها وبذلك تقع فى صراع وتمزق فكرى واجتماعى وسياسى ، وقد يتطور إلى صراع دموى بل حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس.(كذا
لقد بين علماء المسلمين من المذاهب الاربعة أنواع الردة فقال النووي الشافعي في كتابه روضة الطالبين ما نصه :" الردة : وهي قطع الإسلام ، ويحصل ذلك تارة ‏بالقول الذي هو كفر وتارة بالفعل ، وتحصل الردة بالقول الذي هو كفر سواء صدر عن اعتقاد أو ‏عناد أو استهزاء " و قال الشيخ محمد عليش المالكي في كتابه منح الجليل ما نصه :" وسواء كفر ( أي المرتد) بقول صريح في الكفر كقوله: ‏كفرت بالله أو برسول الله أو بالقرءان ، أو: الإله اثنان أو ثلاثة ، أو : العزير ابن الله ، أو بلفظه ‏يقتضيه أي يستلزم اللفظ للكفر استلزاما بينا كجحد مشروعية شىء مجمع عليه معلوم من الدين ‏بالضرورة ، فإنه يستلزم تكذيب القرءان أو الرسول ، وكاعتقاد جسمية الله أو تحيزه" . و قال الفقيه ابن عابدين الحنفي في رد المحتار على الدر المختار ما نصه :" قوله: وركنها إجراء كلمة ‏الكفر على اللسان، هذا بالنسبة إلى الظاهر الذي يحكم به الحاكم، وإلا فقد تكون بدونه كما لو ‏عرض له اعتقاد باطل أو نوى ان يكفر بعد حين" ‏. و قال البهوتي الحنبلي في شرح كتابه منتهى الإرادات ما نصه :" باب حكم المرتد : وهو لغة الراجع قال ‏الله تعالى : ﴿ ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين (21)﴾ [ سورة المائدة / وشرعا ‏من كفر ولو كان مميزا بنطق أو اعتقاد أو فعل أو شك طوعا ولو كان هازلا بعد إسلامه ".
و من الردة سب الله اوأحد من رسله او القرآن او الملائكة او شعيرة من شعائر الدين الإسلامي او تحريم الحلال البين كالنكاح و البيع و الشراء أو تحليل الحرام البين كشرب الخمر أو السرقة. كذلك من الردة السجود للصنم او الشمس أو القمر أما السجود لإنسان فان كان على وجه العبادة فكفر. و من الردة ايضا اعتقاد ان الله علمه لا يشمل الكليات او الجزئيات او انه عاجز عن شيء او انه يشبه شيئا من خلقه او محتاج الى شيء من خلقه. من وقع في الردة بطل نكاحه و صيامه و تيممه وحبطت كل أعماله و إن مات على ردته فلا يرث و لا يورَّث و لا يغسَّل ولا يكفَّن ولا يصلّى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.( مقتبس من عدد من الموسوعات الإسلامية الألكترونية وعلى الإنترنت)
الموقف من الردة أو الكفر والخروج عن الدين الإسلامي هذا متفق عليه في الفكر الإسلامي ومن قبل جميع أطياف هذا الفكر ولو طبق بحرفيته لسبب في قتل نصف الأمة أو يزيد. حتى الشيخ القرضاوي الذي يحلوا للبعض وصفه بشيخ المعتدلين يخلق الأسباب والعلل لعقوبة القتل لما يدعى بجريمة الردة. ففي الوقت الذي يتحدث فيه عن حرية الدين في الإسلام ويردد الآيات" لكم دينكم ولي دين" فإنه عندما يصل إلى موضوع الردة يقول أنه إذا أراد أحد أن يكفر بالإسلام فيلكفر فهو حر ولكن إذا أراد أن ينشر هذا الكفر بين الناس فسيصبح عنئذ خطرا على الأمن القومي. وكل دين وكل مجتمع يعمل على حماية نفسه وحماية الأسس العامة حتى لا يتعرض المجتمع للتفكك والإنهيار. وهو يؤكد على معنى الحديث النبوي"التارك لدينه المفارق للجماعة" بأنه يعني تغير الولاء وتغير الإنتماء وليس من حق أي مجتمع أن يفتح الباب لأن في ذلك خطر على الأمة.(موقع القرضاوي الألكتروني_ من حديث له على قناة الجزيرة.
القرضاوي إذن كغيره من رموز الفكر الديني يعتبر الخروج من بوتقة الفكر الديني الإسلامي خيانه وعقوبتها الموت. كأنما الإنتماء للأمة والوطن لا يكون إلا بالإنتماء للفكر الديني والموافقة على كامل منطوقه. وكأنما أحد الشروط للوطنية والإلتزام بها وحب الوطن والدفاع عنه لا تكون إلا بالإنتماء لهذا الفكر والإلتزام به. فإذا أردت أن تكون لا دينيا أو مسيحيا أو بوذيا أو حتى مسلما رأيك مخالف لدوغمة الفكر الديني وأن تكون في نفس الوقت مؤمنا بربك، وطنيا مخلصا لوطنك وأمتك وتراثك، فهذا غير مسموح به على الإطلاق فإنتمائك للأمة والوطن يكون من خلال إنتمائك لمنظومة الفكر الديني.
لذا يا سادة يا كرام، فكل من تنطبق عليه منكم إحدى هذه الصفات التي وردت سابقا للمرتد أو الكافر سواء كانت قولا أو فعلا فهو مرشح لمشروع قص الرقبة. فانتبهوا يا سادة يا كرام إلى رقابكم وحافظوا عليها من أن تقص على يد معتوه مسلح بفكر معتوه ليس له علاقة لا بالدين ولا بالألوهية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لو كان الإسلام دين الله لما احتاج إلى السيف
رياض الحبيّب ( 2009 / 7 / 22 - 15:30 )
بعد أطيب التحايا والتقدير للكاتب نضال الصالح

واصلت قراءة مقالتك بعدما انتهيت من قراءة مقالة لك سابقة تحت عنوان: (رفض الغير ليس حكراً على الغلاة والمتشددين الإسلاميين) وهي مقالة راقية صالحة للتعليم- كما تفضل أحد المعلِّقين في هامش التعليقات

أرى الدين الذي يحتاج إلى سيف أو سكين من بدايته إلى نهايته- قريباً إن شاء الله- ديناً غير شرعي وغير مشرّف لأحد لا يزال يتبعه. إن كان الدين منسوباً لله فإن الإسلاميين بتطبيق حدّ الردّة يؤكدون على ضعف إلههم في الدفاع عن شخصه وعلى إفلاسه من الردّ على المتسائل أو المنتقد وخزيه بالنتيجة المحصّلة قدّام العالم الذي يعيشون فيه.

وأرى المدافعين عن دين كهذا بطريقة التكفير وإعلان حدّ الردّة- بتطبيقها أو بدونه- مجرمين مع سبق الإصرار والترصّد ومطلوبة محاكمتهم إمّا أمام القضاء العادل إن وجد أو أمام محكمة دولية.

ها أني مسيحي قد عشت في أوساط إسلامية وقد عجز المسلمون من مناظرتي على أني كافر- بسبب عدم اتباعي الدين المحمدي!

كنت أقول لهم داخل وطني وأنا من سكّانه الأصليين: إقرؤوا كتابي فإن وجدتم فيه ما يدعو إلى الكفر فلكم الحق في تكفيري.
أمّا بعد تركي الوطن للمجرمين واللصوص والسفلة بما في الكلمات الثلاث من معانٍ وبعدما شعرت بالأمان

اخر الافلام

.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات


.. الشاعر أحمد حسن راؤول:عمرو مصطفى هو سبب شهرتى.. منتظر أتعاو




.. الموزع الموسيقى أسامة الهندى: فخور بتعاونى مع الهضبة في 60 أ


.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟




.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا