الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين منير حنا وسيد القمني ... يا وطن أحزن!

صلاح الجوهري

2009 / 7 / 22
حقوق الانسان


أستعير هذا المثل من الدكتور والمفكر البطل والشجاع الدكتور سيد القمني في إحدى مقالاته الجريئة "من فهمي هويدي إلى القرضاوي يا وطني أحزن!".
لأن المفارقة بين رجل شهير مثل الدكتور سيد القمني وبين شخص مجهول اسمه "منير حنا" لابد أن تلفت الانتباه أي شخص حريص على حرية التعبير في هذا الوطن.
منير حنا رجل تعدى سنه الخمسين عاما يعمل موظفا ولديه أسرة بسيطة بدأ كتابة زجل وأشعار خفيفة ينتقد فيها مساوى الحياة ويتلوها على أصدقائه للتسلية، قبض عليه مؤخرا لأهانته السيد الرئيس مبارك، وحكم عليه بأقصى عقوبة 3 سنوات دون محاكمة عادلة ودون أن يدافع عن نفسه، برئ من التهمة بسبب شكليات في الحكم عليه.
وأنا اليوم أقول ما بين منير حنا وسيد القمني يا وطن أحزن وأبكي، لأن اليوم الذي قبض على هذا الرجل المسكين يوم أن حزنت فعلا ولا أذكر أني حزنت حزنا على رجل لم اعرفه قدر هذا الرجل، لا لأن السجن كان ينتظره، ولا لأنه مظلوم، ولكن لأن حديثة اللطيف الشجي البسيط أصبح محل مراقبة ومحاسبة. ومن سمعه في برنامج التاسعة مساءا سيكتشف مدى بساطة وعذوبة هذا الرجل فهو رجل مسن أكل الزمن عليه وشرب ولكن لم يفقده عذوبة كلماته الممزوجة بحزن عميق.
والأستاذ معتز الدمرداش عندما حاوره على الهاتف كان يتصور أنه يحاور مفكرا وشاعرا وفليسوفا عظيما أستطاع أن يجذب انتباه الرأي العام المصري لقصائده الجبارة، ولكن اللقاء لم يستمر أكثر من 3 دقائق أكتشف فيها معتز الدمرداش أنه يحاور رجلا عاديا جدا. ولم يخفى على المشاهد محاولة معتز سحب كلمات من هذا الرجل، ولكن كل إجاباته كانت بسيطة "أتعلمنا الدرس" "عاوز أعيش في سلام" "ماحدش حامى عني" .. إلخ ... وفي النهاية طلب منه معتز أن يتلو إحدى قصائده وأزغاله، فما كان من هذا الرجل أن بدأ في غناء بسيط أغنية للأطفال عن طفل يكو لجدو ومشقة الحياة بالنسبة للطفل وكيف يشكو هذا الطفل لجده بأسلوب طفولي ساذج بسيط صعوبة الحياة.
هنا ذرفت دمعة على حال الوطن ووحوش القضاء والأصدقاء، ذرفت دمعة على حال الوطن الذي لا يستحق أي دمعة منى الآن. لنه إن كان به ما به الآن فإنه غير مأسوف عليه. شعرت أني هذا الطفل وشعرت أنه جدي.
هذا الرجل لم ينشر مطلقا هجاءا في أحد الصحف أو المجلات وليس لديه موقع إلكتروني، وأشك أن يكون لديه كمبيوتر ليطبع عليه تلك القصائد. بل أنها خواطر داخلية وجدت طريقا لتسطر على صفحة بيضاء. ولكن عين الرقيب العمياء كانت له بالمرصاد فأخذته من بين أصدقائه ومن بين عائلته وهو الزوج والأخ والجد "وطسه" قضائنا الشايخ، نعم "الشايخ" طسه 3 سنين سجن وهي أقصى عقوبة يمكن أن يواجهها من يمس الذات الرئاسية، وبدون محامي وبدون دفاع أخذ المسكين الحكم كشاه سيقت إلى الذبح.
وطبعا أن العيب في الذات الرئاسية المباركة يرهب أي شخص في الدفاع عنه بل وفي الاهتمام أصلا بهذا الشخص المنزوي الذي بلا كرامة وهو في وطنه. خاف أن يدافع عنه المحامون عن الحق، وخافوا حتى الاقتراب منه، وفور علم منظمات حقوق الإنسان بهذا الأمر سارعت بالدفاع عنه وأفرج عنه بعد عناء، وفي حيثيات شكلية وإدارية فأفرج عنه لأنه لم يكن لديه محام أثناء الحكم عليه ... أرأيتم مدى نزاهة القضاء المصري؟؟؟
قاضي يحكم على رجل خمسيني (52) بالسجن 3 سنوات لإهانةته الرئيس دون أن توفر له المحكمة حق الدفاع عن نفسه. وهنا نتساءل لماذا تسرع القاضي وأصدر الحكم دون سماع دفاعا عن هذا الرجل المسكين؟؟ هل لأن أسمه حنا؟ يجوز. أم هل لأنه غلبان ومسن والضرب في الميت هذه الأيام مش حرام؟؟ أيضا جائز. أم أن القاضي له رأي آخر.
لو كان سب الرئيس في الصحف وفي المجلات المعارضة يتم يوميا ولا أحد يردع تلك الصحف ولا أحد يجرؤ على حبس صحفي بها مخافة الاتهام بتقييد حرية الفكر ومصادرة الآراء. ولكن مع رجلنا الغلبان يأخذ أقصى عقوبة. نسمع عن إبراهيم عيسى وكيف أنه واجه نفس التهم من قبل ولكن أفرج عنه بعفو رئاسي، ولكن صاحبنا أخذ أقصى عقوبة مع العلم أنه لم ينشر في أي وسيلة معروفة إلا الصفحة البيضاء التي ببياضها الناصع أظهرت سواد النظام والحكم والمحاكم في مصر.
كان من الممكن على القاضي المحترم أن يشد أذنه فقط، فالقانون ينص على أن من أهان الرئيس فإن العقوبة مدة تتراوح ما بين 24 ساعة إلى ثلاث سنوات. وكان من الممكن أن يعطيه شهرا أو ثلاثة شهور، أو قل سنة، ولكن ثلاث سنوات تعني إعدام وموت هذا الشخص المسن الخمسيني في السجن، يعني حكم جائر قاصي إلى أبعد الحدود وأتصور أنه لو كان بيد القاضي إعدام لأستخدمه وفي أقل من نصف دقيقة. (ملحوظة: معدل الحكم على القضايا المنظورة أمام المحاكم تجاوز 3 قضايا كل خمس دقائق)
قضائنا شاخ ولم يعد ميزانه مستويا، نعم هو أعمى ولكنه الآن أضيف إلى عاهاته القديمة العرج، فأصبح يترنح ترنح الشيخ قبل السقوط. فننتظر الآن سقوطه أو ننتظر من يسانده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة كولومبيا.. سجل حافل بالنضال من أجل حقوق الإنسان


.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح




.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف


.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي




.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية