الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملكي اكثر من الملك ... رد على تصريحات جلال الطالباني حول تعذيب السجناء العراقيين

جلال محمد

2004 / 5 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


صرح جلال الطلباني , بعد لقائه نائب رئيس وزراء الخارجية الامريكية بما يلي حول حول مسالة تعذيب السجناء العراقين في سجن ابو غريبهذا النوع من الانتهاكات يحصل في كل الجيوش, على سبيل المثال انه في تاريخ الجيش العراقي حدثت اشياء كثيرة مثل هذا, لا اعتقد ان هذا يمثل سياسة الولايات المتحدة الامريكية , اعتقد انه حادث فردي. يجب ان يعاقبوا, لا عذر لهم لكن يجب ايضا عدم تهويل الامر كما لو كان ما حدث هو شيء وحشي جدا او يستدعي تغيرا في السياسة . الولايات المتحدة جاءت وحررت بلدنا ومنحتنا الفرصة للديمقراطية وحقوق الانسان وهذا الرخاء الذي لدينا يرجع الفضل فيه للامريكين).

ليست التصريحات التي اطلقها جلال الطالباني , اثناء لقاء الاستجداء مع ارميتاج , امرا جديدا وغريبا عليه. فهو بوصفه احد ابرز قادة الحركة القومية الكردية خلال العقود الاخيرة لم يمارس سوى سياسة التعذيب والقتل والتصفية بحق كل من عارض سياسة حزبه الرجعية في كردستان العراق من الحركات السياسية الاخرى وخاصة من المنظمات و الشخصيات والاحزاب اليسارية والراديكالية والعمالية حتى وصل الامر به الى الانقلاب على الاحزاب السياسية الاخرى في الحركة القومية الكردية التي كان يتحالف معها في ظروف معينة , حسب مصالح حزبه السياسية الضيقة ليبطش بهم ويمارس بحقهم اشرس السياسات اللاانسانية التي ترفضها كل القيم الانسانية المتحضرة في ظروف اخرى. ان ايغال الطالباني في سياسة كبت الحريات السياسية وممارسة الارهاب الفكري والدموي بحق كل معارضيه وصل الى حد ممارسة اقسى اشكال التعذيب الجسدية والنفسية حتى بحق كوادر واعضاء قياديين في تنظيمات حزبه وحركته. الشواهد والادلة كثيرة على هذه الممارسات وجماهير كردستان العراق على علم واسع بذلك ابرزها ان مؤسسة حزبه القمعية
" هيئة الاطلاعات " رافقت نشوء الحركة التي قادها منذ السنوات الاولى لنشاطها وفعاليتها وكذلك الامكانيات المادية والبشرية الكبيرة التي خصصها لها ولا يزال وايضا الممارسات القمعية التي يمارسها اعضاء هذا الجهاز الدموي حتى تحولت الى نسخة من اجهزة القمع البعثية البغيضة ولذلك حينما يقول الطالباني في تعليقه على فضيحة تعذيب السجناء" بان هذا النوع من الانتهاكات يحصل في كل الجيوش و اعرف على سبيل المثال بانه حدث في تاريخ الجيش العراقي حدثت اشياء كثيرة مثل هذا" انما يبرر الممارسات الوحشية لاجهزة النظام البعثي القمعية ليصل الى تبرير ما يمارسه حزبه وجهاز امنه من سياسة البطش والتعذيب بحق كل معارضي سياسات حزبه الرجعية وليرسخ مع بقية الاحزاب والحركات القومية والاسلامية الكردية والعربية التي يتحالف معها في مجلس الحكم اللاهثة خلف السياسة الامريكية احد اركان النظام الاستبدادي القادم في العراق.
تكشف تصريحات الطالباني, اضافة الى ما اشرنا اليه ركنا رجعيا من اركان الحركة القومية الكردية الراهنة التي يقود الطالباني احدى فصائلها وتبين بان لا صلة لهذه الحركة بالنضال العادل الذي خاضته جماهير كردستان الواسعة طوال عقود طويلة من السنوات ضد الانظمة القومية الاستبدادية التي توالت على الحكم في العراق وتؤكد بان حركة الطالباني ليس الا عائقا جديا امام تحقيق مطالب ذلك النضال العادل. فالنضال المشروع والعادل لجماهير كردستان العراق يهدف الى التحرر من الاستبداد والقمع والى كسب الحرية السياسية والمدنية ولذلك يشكل جزءا من نضال كل جماهير العراق والمنطقة وجزءا حيويا من نضال القوى التحررية والتقدمية في العالم ولذلك تتعارض وتشكل نقيضا لكل اشكال الاستبداد والقمع التي كان يمارسها نظام البعث و دول المنطقة وحركاتها الرجعية وكذلك امريكا وبريطانيا في المنطقة سواء بشكل مباشر من قبل جيوشها او بشكل غير مباشر من خلال دعم الانظمة القمعية والاستبدادية في المنطقة والعالم. الا ان الطالباني الذي لم يمارس, طوال حياته السياسية العتيدة , الا سياسة التقرب والاستجداء من اعتى الدول الرجعية في المنطقة وخاصة من امريكا منذ نهاية عقد الثمانينات, ركب وحزبه, في سباق ماراثوني مع اشقائه من الاحزاب القومية الكردية الاخرى وفي غياب اليسار الشيوعي في الساحة السياسية العراقية , موجة النضال العادل لجماهير كردستان العراق ليربط مصالحها تارة بسياسة النظام الدموي البعثي في بغداد من خلال العمالة المباشرة والصريحة للبعث خلال نهاية عقد الستينات او من خلال جولات المفاوضات التي اجراها معه حتى صارت جزءا اساسيا من سياسة حزبه, وبالمناسبة فان القبلة التي طبعها الطالباني على وجنتي الدكتاتور صدام حسين خلال احدى تلك الجولات عام 1992 عندما كانت دماء ضحايا الانتفاضة لما تزال تنزف, باقية في اذهان جماهير الشعب الكردي وكل جماهير العراق لانها محفورة في عقولهم وقلوبهم تشهد على ان الطالباني ليس سوى النموذج الكردي ولكن الكاريكاتيري لصدام حسين, وتارة اخرى بمصالح الدول الرجعية في المنطقة خاصة ايران وتركيا وليتوج هذا المنهج السياسي خلال اوائل التسعينات اثناء انهيار الكتلة الشرقية وخاصة بعد احتلال الكويت وظهور بوادر شن امريكا لحربها ضد العراق, اقول ليتوج ذلك بالتسكع امام ابواب الخارجية الامريكية عساها تقبل به عميلا ذليلا طوع بنانها وقد داب منذ ذلك الوقت وهذه المرة ليس فقط مع من يقعون على شاكلته من القوميين الاكراد فقط بل مع كل من لفضهم النظام الدكتاتوري السابق من جلاديين وقتلة جماهيركردستان والعراق وكذلك مع عتاة الرجعيين من الاسلامين ورؤساء العشائر العرب والاكراد على الدفاع المستميت عن السياسة البربرية لامريكا تجاه جماهير العراق , كل العراق. فقد كانت سياسة الحصار الاقتصادي الرهيبة تطحن اطفال ونساء وشيوخ العراق وكان الطالباني يردد بان ذلك من مصلحة الاكراد كما كانت بقية مجموعته تقول بانها تضعف نظام صدام , وكانت حملات امريكا العسكرية وحروبها وسياستها القائمة على تقسيم العراق الى قبائل وطوائف واقوام واديان تنخر المجتمع المدني في العراق كان الطالباني ورفاقه يبررونها بكونها تحرر العراق وبان امريكا انما تجلب بتلك السياسة, الرخاء لجماهير العراق, وباختصار فان الطالباني ربط النضال التحرري والعادل لجماهير كردستان باعتى اعدائها واشدهم شراسة ودموية وفصلها عن اقرب حلفائها واصدائقها: جماهير العراق الواسعة والحركات التحررية في المنطقة والعالم .
الا ان الاهم من هذا وذاك هوالتحرك الاني الراهن الذي تكشفه هذه التصريحات وهذا يتضح من خلال القاء نظرة سريعة على اتجاه تطور الاوضاع السياسية في العراق ومتغيرات السياسة الامريكية التي تبدو ملامحها في الافق, فمسالة ما تسمى بتسليم السلطة للعراقيين وتشكيل حكومة مؤقتة وما يطرح هنا وهناك حول ابعاد اعضاء مجلس الحكم من هذه الحكومة او ابعاد بعضها واشراك اخرين فيها وكذلك افرازات احداث المواجهات الرجعية الدامية الاخيرة بين قوات التحالف والفصائل الاسلامية الرجعية وتبيان هامشية مجلس الحكم وهزالة دوره تؤكد لامريكا بان من الضرورة بمكان ان تراجع حساباتها على صعيد ارتكازها واعتمادها على الاحزاب والشخصيات التي يمكنها الاعتماد عليها في المستقبل المنظور وما يبرز من انباء بين حين واخر عن نية امريكا بعزل الجلبى ومجموعته العميلة هي بادرة سيئة للطالباني كما هي الانباء التي تسربت عن المشروع الذي طرحه الاخضر الابراهيمي , والعتب على الراوي, من تشكيل حكومة خماسية تستبعد الطالباني وتحدد دورا لمنافسه مسعود البارزاني , ان كل ذلك يفرض على الطالباني وحسب منطقه السياسي ومنهجه العملي ان يتحرك سريعا وان يتدارك الموقف ويعرب عن اخلاصه الصادق وولائه العميق لامريكا ولكل ما تفعله وتمارسه في العراق حتى اذا كانت بعض من تلك السياسات والممارسات محل انتقاد نفس المسئولين الامريكيين الكبار. وسواء كان ما جرى من حديث بين ارميتاج والطالباني في اللقاء الذي صرح الطالباني بعد انتهاءه بما صرح هو تهديد بعزله او تطمين له بانه ليس مشمولا بالغضب الامريكيى في هذه المرحلة فان النتيجة هي واحدة للطالباني: تاكيد اخلاصه ووفائه لامريكا ولعمري قد برع في ذلك حتى صار" ملكيا اكثر من الملك". فرامسفليد يصرح بان وزارة الدفاع كانت على علم بما كانت تمارسه قواته مع السجناء في العراق وهذ يعني بكل اشكال المنطق, بان هذه الحالة لم تكن فردية , الا ان الطالباني يصرح بان عمليات التعذيب تلك لم تكن الا حالات فردية. وحشية تلك العمليات وفظاعتها, رغم انها غيض من فيض, لا تزال تهز العالم وخاصة الجبهة الانسانية والمدنية حتى اجبرت جورج بوش على التحدث من خلال الفضائيات " العربية" والطالباني يطالب" بعدم تهويل تلك الامور".
ان تاريخ الجيش الامريكي ليس حافلا بهذه الممارسات فحسب بل انه جيش مبني ومكون على ممارسة البطش والابادة والتعذيب وما اجهل من يدعي خلاف ذلك وما احمق من يصدق غير ذلك , وتصريحات كبار المسئوليين الامريكيين كافية لاثبات ان هذه الممارسات ليست فردية .
ان انهاء الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق وقيام نظام سياسيي قائم على الارادة الحرة لجماهير العراق, نظام علماني , مدني وغير قومي يضمن الحرية السياسية غير المقيدة هو الضمانة الوحيدة لمنع هذه الممارسات وعدم امتهان كرامة الانسان .
ان تعريض الانسان وخاصة السجناء والاسرى الى اي شكل من اشكال الاذى والتعذيب الجسدي والنفسي هي اولا امتهان لكرامة الانسان ومصادرة لاولى حقوقه وضد كل الاعراف والقيم المدنية وهي ثانيا جزء لا يتجزاء من سياسة وممارسة الانظمة والاحزاب والحركات البرجوازية : القومية والدينية والطائفية.... وان الضمانة الاكيدة والوحيدة للقضاء على كل اشكاله هو في القضاء النهائي على النظام الراسمالي واقامة وتنظيم المجتمع الاشتراكي الذي يجسد بشكل واقعي قيمة الانسان بوصفه اثمن ما في الكون . ذلك" ان اساس الاشتراكية هو الانسان وان الاشتراكية هي حركة اعادة الارادة الانسان – منصور حكمت"

جلال محمد
6/5/2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا: ماذا وراء زيارة وزيريْ الدفاع والداخلية إلى الحدو


.. إسرائيل وحسابات ما بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة في غزة




.. دبابة السلحفاة الروسية العملاقة تواجه المسيرات الأوكرانية |


.. عالم مغربي يكشف عن اختراع جديد لتغيير مستقبل العرب والبشرية




.. الفرحة تعم قطاع غزة بعد موافقة حماس على وقف الحرب