الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخلق

ضياء حميو

2009 / 7 / 24
كتابات ساخرة


(نقطة الخاء عمياء،ضلت طريقها حياءا من الاسفل الى الأعلى ) شاعر عراقي متصوف حديثا.

نعم أخاف عليه ...ليس من عين الحسد، بل من عين كاتم الصوت وزمنه الأغبر، ولذا لن اذكر اسمه أو تفاصيله الخصوصية أو محل إقامته..!
مازال يعيش في إحدى مدن الفرات الأوسط في العراق ،ومنذ أن كان معنا في الدراسة الجامعية كان موهوبا في القراءة والإدراك والإبداع في مجال تخصصه ، هو الآن أستاذ جامعي من الجيل الشبابي في نهاية الثلاثينات من العمر ،لم يكن مخاتلا أو انتهازيا وصوليا ،بل كان بسيطا تلقائيا واضح الفكرة ومعارضا سياسيا يساريا في زمن الدكتاتورية ،لم يغادر ارض العراق إلى الآن ،هو الذي إذا ما سافر نادرا إلى بغداد يستحدث الخطى شوقا إلى مدينته ولا يرتاح إلا بين أهلها،يشتمها ويلعن اليوم الذي أنجبته فيه أمه في إحدى دورها الخربة ويقول وهو صاحب النكتة التلقائية : " اش جان " كان " يصير لو أمي فرنسية لو ألمانية..ومولود هناك بدل هنا ..!!.ولكنه ما أن يعود إلى مدينته يهرع "للحجية" مقبلا يدها والى برتقالة البيت حانيا على أوراقها..!

بعد سقوط الدكتاتورية عدتُ إلى ارض الوطن الذي غادرته لمدة عشر سنين ،عدت ابحث عن أصدقائي ورفاقي القدامى ،وكنت خائفا لماحدث لهم جسديا وفكريا ، أ ُعدم اثنان منهم زمن الدكتاتورية ،وقـُـتل آخر بسبب اسمه على الهوية ،وثالث لاتفارق أصابعه الآن "المسبحة " كنا نتابع سابقا أنا وهو بكل هم وأسى الإنسان ألأممي الصادق حقوق الإنسان وغزو قوات المارينز الأمريكية لبنما وغواتيمالا ،أما الآن فانه متعصب، يتابع حق أبناء طائفته وحدهم وحسب..!

أما الرابع فكان صديقي سابق الذكر التقاني بشوشا فرحا بمقدمي تعانقنا ودموعنا تنهمر فرحا، تفاءلت خيرا بهذه المقدمة، ولكني كنت متوجسا من" فيروس الطائفة" الذي أصاب غيره.. لم يمهلني كثيرا إذ قال :"أتعلم لم اشرب منذ سنين لااتذكرها ولكني والصحب الآخرون هذه الليلة سنحتفل بقدومك ،كل شيء جاهز ماعدا " زجاجة حليب سباع "..! قلت في سري:"الحمد لله مازال يشرب" ثم متسائلا " أين نجد زجاجة في هذا الجو المكهرب "..!؟ :" لاعليك اعرف واحد يبيع باقلاء ولبلبي " حمص "..!! قلت: "وما علاقة هذا بالزجاجة..!؟ قال بكل جد:" رفيق.. الظاهر أن الغربة أنستك المادية الجدلية..هنالك علاقة تاريخية جدلية بين" الباقلاء واللبلبي" من جهة وبين" حليب السباع "من جهة أخرى ..هذه العلاقة هي صيرورة تاريخية لايمكن نفيها أو إلغائها بأي من قوانين النفي..!!".
أوقف السيارة ونزل باتجاه صاحب عربة الباقلاء هامسا بإذنه..، بعد دقائق عاد الأخير حاملا صندوق عنب..!!
وضعه صديقي في السيارة وادار محركها مستديرا صوب بيته وهو يلحظ استغرابي من صندوق العنب ،قال :" لاتستغرب.. العن أبو ألغربه التي أنستك "الحذر الثوري" ،ليست زجاجة واحدة بل زجاجات ترقد بسلام وأمان مطمئنة أسفل العنب ،لم يتغير الزمن كثيرا مازلنا في زمن النضال السري"..!

غنينا تلك الليلة كل أغانينا القديمة، والقينا قصائدنا وروينا نكاتنا وشربنا نخب الصحب الغائبين، وتعانقنا أكثر من مرة..وهو كعادته في خضم الجد يسخّف التنظير.. وفي خضم حديثنا عن الرأسمالية والإرهاب والحروب وصراع الطوائف..قال مداخلا موجها الكلام لي:"اعتقد اعتقادا راسخا إن رفاقنا الشيوعيين كانوا يكذبون علينا حين كانوا يقولون إن الاتحاد السوفيتي هو الرفيق الثابت والوفي للشعوب.قلت مؤيدا: نعم أنت على حق ولكن الظرف التاريخي لواقع الحرب الباردة...قاطعني : لاظرف تأريخي ولا بطيخ ..ثَبُتَ لدي بحكم التجربة التاريخية "إن الرفيق الوفي والثابت للشعوب ليس الاتحاد السوفيتي بل هو " الجلق "العادة السرية..!!

بعد منتصف الليل غادرنا الآخرون وبقينا لوحدنا ،استلقينا إلى فراشينا ،وقبل الإغفاءة قال : أتعلم لقد ذهبتُ لجماعتنا بعد سقوط الدكتاتورية لأعيد تنظيمي ولكن بعد شهر طردوني قائلين: أنت " وجودي،تروتسكي تحريفي " ،ضحكنا بصوت مسموع سوية لهذه الخلطة واعتدلنا بقعدتنا...:نعم مازالت الكثير من الأمور على حالها لم تتغير..!
ثم أردف كمن لدغه عقرب :" بربك الواحد القهار رفيق ...هاي شنهو من شيوعية بكوريا الشمالية .. الأب يورثها لابنه والابن للحفيد .. عوف هاي " اترك هذه "...الشعب ميت من الجوع يستجدي حنطة والنظام يصنع أسلحه نووية...إما أن تعطوني حنطة أو اصنّع صواريخ نووية....أما في الصين الشيوعية يابعد عيني.. لو جَدَنا " ماركس " ينهض من قبره لشد عصّابة ولطم، ويتبجحون بأعلى معدل نمو في العالم فيها.. طبعا لان العامل يعمل 13 ساعة يوميا وممنوع حتى من حق الإضراب..!
قلتُ:" مازلتَ مهموما بالعالم"..!؟
قال: "نعم وسأظل مادام لدي إحساس إن هنالك في طرف قصي من العالم إنسان يحس بهمّي وآلامي..!".
ثم أردف وأنا كلي إصغاء لما سيقوله :
" إسمع..! ألنومه طارت فلنتحدث بموضوع أكثر جدية وفائدة...!
قلتُ متحمسا :" هات "..!
قال :"حدثني عن النساء الأوربيات الجميلات"..!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - والاكثر من ذلك
اسماعيل الجبوري ( 2009 / 7 / 23 - 21:50 )
تورث اخ الرفيق كاستروا راؤؤل كاستروا العرش والشعب الكوبي يعيش بالتقشف وبالكوبونات اي ببطاقة التموين. وكأن الشعب الكوبي لم يوجد فيه قائد الا من عائلة كاستروا.
برافوا على رفيقك الذي لم يخرج من العراق وعرف الحقيقة. فالمشكلة هي ان الكثير من الرفاق الذين عاشوا في الدول الاشتراكية السابقة والمرحوم الاتحاد السوفيتي العظيم والدول الاخرى ولايزالون يغنون نفس اغانيهم القديمة التي عفا عليها الزمن وملة الناس منها ولازالوا يغطون في نوم عميق ولايريدون اصلا معرفة الحقيقة.
تحياتي لك عزيزي ابو لينا ولصديقك المحترم


2 - هلو ضياء
الحكيم البابلي . ( 2009 / 7 / 24 - 04:38 )
إفتقدتك على صفحات إيلاف ، وها قد وجدتك مرة أخرى . موضوع جميل .. لآنه من قاع مجتمعنا العراقي ، ذَكَرَني بأصدقائي القدامى في بغداد ، أحدهم .. وكان اسمه بدر يشبه صديقك في وجوديته . الشيئ المُحزن الذي نسمعه دائماً من الناس العائدين من زياراتهم للوطن الأم ، هو أن أغلب الأشياء لم تتغير هناك ، وإن كان هناك أي تغيير فهو سلبي ، وكأن الزمن قد توقف هناك
لم أفكر بزيارة الوطن الأم أبداً ، لأنني أقفلتُ عيني على صوره الرائعة الحلوة يوم فارقته قبل سنوات طويلة جداً ، ولا أريد أن أبدل تلك الصور بأخرى مُشوهة ، وأرجو أن يغفر الوطن خطايانا جميعاً ، لأننا تركناه ولم نمد يد المساعدة في وقت كان هو بحاجة الى مساعدة أصغرنا وأضعفنا
تحياتي


3 - حليب سباع -البلبي- الجاجيك
محمود قيس ( 2009 / 7 / 24 - 16:58 )
انها اكلات ومشروبات بسيطه جدا يتناولها جميع افراد العراق تقريبا بما فيهم الاسلام السياسي السارق ولكنها ماكولات تحدد طبيعة النظام السائد ان كان نظاما دكتاتوري تافه ام ديمقراطي سيبقى الاسلام السياسي يتاجر بالامور البسيطه تاركا السرقات والاغتيالات والجرائم الكبرى بحق نساء ورجال واطفال العراق ا

اخر الافلام

.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا


.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟




.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا


.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال




.. لتجنب المشكلات.. نصائح للرجال والنساء أثناء السواقة من الفنا