الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هٌم فى القدس الكل فيه سواء

تامر المصرى

2009 / 7 / 24
القضية الفلسطينية


أريد للقدس وهي في أوج احتفاليتها، عاصمة أبدية للثقافة العربية، أن تؤول إلى احتمالات وفرضيات وجودية، ذات علاقة بتحديد المصير والمآل، كأن تكون أو لا تكون، أو أن تبقى أو لا تبقى، في ذروة استشراس حملة التهويد والوعيد والتهديد، التي تستعر في الآونة الأخيرة، سعيا لطرد العرب، بمسلميهم ومسيحييهم، من القدس الشريف، إلى خارجها، لتكون القدس بذلك كما أعلن بنيامين نتنياهو، يهودية خالصة، دون أن يتوقع أحد قابلية إسرائيل التفاوض بشأنها لاحقا .. ألا ساء ما يحكمون.

نكاد نجزم بيقين المتابعين، أن مدينة القدس لم تتعرض إلى حملات تهجير قسري، وحصار خانق، وتضييق على ساكنيها، وتقطيع لأوصال رحمها الجغرافي، مع شقيقاتها الفلسطينيات، من مدن الضفة الغربية المحتلة، وهدم لبيوت عمارها، أيا كانت دياناتهم، برسم لسانهم العربي، كما تتعرض الآن. ليبدو أن دولة الاحتلال تسابق الزمن، لخلق واقع جيوسياسي جديد، تكون فيه القدس خارج السياقات الفلسطينية تماما، أرضا وشعبا، وفي ذلك حذر مقدسي رهيب، يتناهى إلى طلب المؤازرة والعون، إن بقي هناك عرب يؤازرون.

لم تكن تصريحات المتطرف الليكودي، القابع في رئاسة الوزراء الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، هذا الأسبوع، حول يهودية مدينة القدس، أكثر من جمل متأخرة، أتت على توصيف ما تم البدء فيه إسرائيليا، بخطوات يشهد عجزنا العربي، على أنها تخلص إلى نزع إسلامية ومسيحية المدينة عنها، مرة وإلى الأبد، لصالح تهويدها، وعزل أجندتها عن أجندات التفاوض والتباحث. وكأنه شرط من شروط سقوط مبدأ التفاوض، الذي لا يستقيم إلا باستقامة الزمان للقدس، عاصمة للدولة الفلسطينية، وفاتحة الكتاب الوطني المقدس، وصائنة شرف التاريخ، وشاهدة الوحي الذي اهتدى إليها، وأصل اصطلاح قاموس الفلسطيني، أينما تقاذفته دروب المنافي والسفر والشتات، كهوية وعنوان ومطاولة على المسير، لما فيها من اختزال للروح والوجدان والإيمان.

لم ينفك المقدسيون عن وصف حالهم، والتحذير من خطورة مآلهم الذي هم يسيرون إليه، في حال بقيت العربدة الإسرائيلية قائمة ومستمرة، على حساب المكان وأهله. فيما لا ينفك المحتلون أيضا، عن الحديث حول استحواذيتهم على المدينة، بالشكل الإقصائي الإلغائي المستنفر لنا طردا، وهم يعجلون من ممارساتهم ويسابقون الزمن، نحو تغيير ما في القدس من أسماء وعلامات، وكأنهم يبقرون بطن التاريخ، ليعبروا فيه زورا، فيقولوا كنا حيث كان التاريخ فينا محتكم. وتلك استراقات كيانية، بالإزاحة والمصادرة والإحلال، لم يشهد زمان على مثلها كما نعرف .. دون أن نفعل الآن شيئا، سوى الإسراف على أنفسنا، إكثارا وإفراطا من عبارات الشجب والاستنكار، التي أضاعتنا ما شاء لنا التيه ضياعا.

في القدس، مكاسرات ذات حد وجد واحد، أصلها موزع بالنوائب على العرب الفلسطينيين فيها، أحنافا ونصارى، الذين هم في الهم شرق، والكل في الهم سواء، في مواجهة مخرز الاحتلال، المتقمص عن غير مرة، صورة المستوطن المدجج بالسلاح، المدعي لحق لم يسمع به سابقا، كما لم يعرف له طريقا، إلا بشفاعة البندقية والهمجية. أو وجه الاحتلال المتقمص لمرات، صورة الجندي الرسمي، الذي يتحصن بقرار الدولة، وما تحفل به من قوة عسكرية وأمنية وقضائية وإلزامية، لقهر فلسطيني مسيحي مثلا، كما حدث في البلدة القديمة بالقدس الشرقية مؤخرا، لإجباره على هدم بيته بيده، تجنبا لدفع الضرائب التي لا طاقة له بتعداد أرقامها، بحجة أن بناءه لبيته القائم على أرض جده الثاني بعد العشرين، وارثا عن وارث، كان بناءً دون ترخيص من حكومة دولة إسرائيل الممثلة ببلدية القدس الاحتلالية، التي قامت بعد كسرتنا الحزيرانية عام 1967م .. وتلك من أعاجيب الدهر والقهر.

رائع موقف السلطة الوطنية الفلسطينية، برفض التفاوض ما لم يوقف الطرف الإسرائيلي الاستيطان كليا سيما في القدس، وجيد أن يكون العالم شاهدا على جنوح إسرائيل عن السماع لما يطالبها به المجتمع الدولي، ومنطقي أن يكون مهر المفاوضات وبالتالي العملية السلمية، هو وقف الاستيطان دون رجعة إليه، تمهيدا لبحث كارثية ما تم بناءه، على الأراضي المصادرة في الضفة الغربية، وحريٌ بنا أن نعمد إلى استجلاب دعم سياسي عربي، لموقف السلطة الفلسطينية، المتشدد من المفاوضات قطعيا، مادام الاستيطان مستمرا، دون اللجوء إلى أنصاف حلول قد تفرض علينا، بضغط دولي فيما بعد، كوننا الحلقة الأضعف، أمام تعنت إسرائيل ومناوراتها لكسب الوقت، على حساب تصفية القدس، من عروبتها ودياناتها. قد يكون الاستيطان قد أنهى القدس في عامها المقبل، دون أن يكون متاحا، ما نراه هذا اليوم صعبا للوصول إليها، وهنا تقع مسؤولية عربية وإسلامية ومسيحية وإنسانية، نحن فيها رأس حربة، شرط توافر نوايا الدعم العربي أولا، سياسيا وماديا، لمقاومة مشاريع تهويد القدس وتصفية الوجود العربي فيها، وهذا أضعف الإيمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصام لطلاب جامعة غنت غربي بلجيكا لمطالبة إدارة الجامعة بقط


.. كسيوس عن مصدرين: الجيش الإسرائيلي يعتزم السيطرة على معبر رفح




.. أهالي غزة ومسلسل النزوح المستمر


.. كاملا هاريس تتجاهل أسئلة الصحفيين حول قبول حماس لاتفاق وقف إ




.. قاض في نيويورك يحذر ترمب بحبسه إذا كرر انتقاداته العلنية للش