الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفاوضات خيار استراتيجي وليس السلام؟!

اديب طالب

2009 / 7 / 25
السياسة والعلاقات الدولية


إذا كانت الإدارة السورية والإدارات الإسرائيلية المتعاقبة، ومنذ مؤتمر مدريد، تجأران أن السلام خيار إستراتيجي، فالواقع التاريخي، والزمن الراهن، يقولان إن ذلك الجئير غير صحيح. الصحيح أن المفاوضات والمفاوضات فقط هي الخيار الإستراتيجي، لا أكثر، والطرفان متفقان، ولن نقول، سراً أو علانية، وانما نقول متفقان من حيث النتيجة وكفى!
أما "التوازن الإستراتيجي" و"ليبق الصراع مستمراً" و"لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" و"ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"، فهي شعارات ملّ منها الحبر والورق والناس جميعاً. كل شيء على الطاولة ممكن وموجود، إلا السلام فمستحيل ومفقود، مفقود "يا ولدي".
اثر اتفاقية فكّ الاشتباك في كانون الثاني 1974، والتي كانت تالية لحرب تشرين التحريرية عام 1973، اثر ذاك "الفك"، تكرست في الساحة السياسية والعسكرية بين إسرائيل وسوريا لاءان ونعم واحدة. أما اللاءان، فالأولى: لا حرب من الأراضي السورية ضد إسرائيل، والثانية: لا تغيير في النظام السوري. أما النعم الواحدة فهي: المفاوضات ان توفرت ظروفها خيار إستراتيجي، إذاً مفاوضات ونقطة انتهى. ثمة ما يتكرس بقدرة قادر والله أعلم بالسرائر.
مع مجيء الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما الظاهر يبدو أن الوضع المناطقي والإقليمي والدولي سيصبح مختلفاً باتجاه أن يكون السلام خياراً إستراتيجياً، وليس المفاوضات أو تهيئة ظروف انطلاقها، ووصولها الى "اللاسلم واللاحرب" لا أكثر، وفق الرؤية وألّلهم الإرادة الأوبامية. على السوريين والإسرائيليين أن يعيدوا النظر بمعادلاتهم، فلقد أصبحت قديمة ولا بد من تغييرها، السيد الأميركي مجيئه تغيير ووعوده تغيير، ومساره للرئاسة الثانية هو التغيير، وحتى لا تلتبس الأمور، فالتغيير لن يطال الحكام في المنطقة، وانما يجب أن يطال سياساتهم والعلاقات فيما بينهم، بحيث نصل الى السلام، وعلى كافة المسارات وبأكبر قدر من التلازم، وإلا فالمهزلة والفوضى هما طابع السنوات القادمة في العالم كله. ألا يبدو وأرجو أن أكون مخطئاً أن ثمة قدراً من حلم اليقظة في الرؤية الأوبامية لراهن ومستقبل المنطقة والعالم؟ أرجو المعذرة فقد نسيت الشعوب، الشعوب وحقوق الأنسان فيها، لا تعني هذه التفاصيل و"الثانويات" السيد أوباما مباشرة، وفي رأيه أن السلام ان حصل فسيفيض بعض من فضائله ومنافعه على تلك الشعوب، كعطايا ومكرمات وهبات واحسانات يتفضل بها حكامها عليها، وشيء أحسن من لا شيء، وعلى الشعوب أن تحل إشكالاتها مع حكامها بنفسها وبوسائل سلمية دون أي تدخل خارجي، فالسيد أوباما يكره العنف مع الحكام، ويكره المس بسيادتهم "الوطنية"، وقد يهمس في أذنهم بلطف شديد: الراحمون يرحمهم الرحمن. مؤكد أنه سيفعل ذلك في لحظة ضمير! نحن لا نتجنى على أحد هنا، فموقف الرئيس الأميركي من الانتفاضة الخضراء الإيرانية، أوضح وأصدق دليل على ما ذهبنا اليه من قول فيه قليل من اللغو والهزل الأسود. وآسف على هذا الاستطراد الطويل حول الشعوب، فثمة لحظة ضمير مرتفعة الحرارة نمر بها وتمر بنا هذه الأيام. السؤال ما هي آليات ووسائل السيد أوباما لتحقيق رؤيته؟
الذاتي، الموضوعي، الضرورة، الحرية، تطابق المفاهيم، تعارضها، الإرادة، اللحظة المؤاتية، كلماتٌ مفيدة في محاولة الاجابة على السؤال الهام والبسيط في آن واحد، ولكن المفيد أكثر، وبعيداً عن أحكام القيمة، والمثل والمبادئ الأخلاقية التاريخية، من حرية وعدالة ومساواة ورفق بالحيوان والبيئة... المفيد أكثر هو التعامل باللفظ المباشر، واستخدام لغة المصالح والمنافع والبازار.
السيد أوباما استعمل في المئة يوم الاولى من رئاسته، وسيفعل نفس الأمر في الأيام المئتين القادمتين... استعمل قاعدة فقهية إسلامية من صلب الحضارة العربية والإسلامية، وهي قاعدة الترغيب والترهيب. قال للسوريين انه سيكلمهم وجدد قانون محاسبة سوريا. قال ان سفيره أو سفيرته الى دمشق تكوي ملابسها الرسمية التي ستقابل فيها الرئيس السوري بشار الأسد، وصرح أن ثمة ما يقلقه في تصرف الحكام السوريين. الشخصيات الأميركية الرسمية وغير الرسمية، تهرول الى دمشق، والكونغرس الأميركي يردد أن سوريا لا تفعل شيئاً مهما في إطار الضغط على حماس لتقبل بتهدئة طويلة، ولتقبل بالمشاركة بحكومة وطنية فلسطينية، تحد من القتال الفلسطيني الفلسطيني. ولا تفعل شيئاً مهما في ضرورة ترك لبنان للبنانيين بحيث تولد حكومتهم بهدوء دون عمليات قيصرية، أما الحبل السري بينها وبين إيران فقوي وممتلئ بالمال الحلال وبالدم الحلال.
السوريون هرولوا، وبكل عنفوان الهيام والشوق الى أن تحظى مفاوضاتهم الغير مباشرة الراهنة والقادمة مع الإسرائيليين... ان تحظى بالرعاية الأميركية، والسيد أوباما لا حياة لمن تنادي، وفي الوقت نفسه يتقدم المبعوث الأميركي السيد ميتشل بمسودة لرد الجولان الى سوريا عبر صيغة ما. الأسد دعا السيد أوباما لزيارة دمشق، وبنيامين نتنياهو دعا الأسد لزيارة تل أبيب، مؤكد أن الزيارتان لن تتما، وحظ الأولى في المقبل من الأيام ممكن، إلا أن حظ الثانية في حكم المستحيل. فالأسد يريد التفاوض كخيار إستراتيجي، وليس السلام الآن، والسيد أوباما يريد السلام الآن، يريد قلب معادلات عاشت وتعودت عليها المنطقة وصراعاتها أكثر من خمسة وثلاثين عاماً.
الإسرائيليون عندما اقتربت، ولو باللفظ فقط، حالة سلام بينهم وبين السوريين، عندها جاؤوا بالعنصريين المجرمين بيبي وليبرمان الى الحكم وقلبوا الطاولة في وجه السلام أو شبه محاولة للسلام.
هل يقدر السيد أوباما على تغيير المعادلات المتفق عليها بالتخاطر التلبائي بين الخصوم، أم أن الرؤية الأوبامية حلم يقظة قد تطول وقد تقصر؟؟
الجنرال الوقت ليس مع قاعدة أوباما في الترغيب والترهيب، ولولا أن عصا موسى قد لقفت ما صنع سحرة فرعون لبقي فرعون في حكم العالم كله وليس مصر فقط حتى الآن. اين عصا أوباما إذاً ؟ أوليست العصا مقوّماً رئيساً من مقوّمات قاعدة الترغيب والترهيب الأوبامية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - برافو
سوري ( 2009 / 7 / 25 - 05:50 )
من أهم ما قرأت عن النظام السوري المحتال والمحتل
ولا أوافقك الرأي بالنسبة للخواتم، فسيرحل أوباما بعد 4 أو 8 سنوات ونحن في نفس المكان الممانع والصامد المتصدي، والفرق الوحيد انه ستزيد الثروة الأسدو-مخلوفية بضعة مليارات، في حين سيظل الشعب الغنمي السوري خائفاً من مصير مشابه للعراقي وهو لا يدري أنه تجاوزه بمراحل

اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو