الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطة نتنياهو للتسوية خطة للسلام ام تخطيط للحرب

وجيه أبو ظريفة

2009 / 7 / 26
القضية الفلسطينية


اعلن رئيس الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة بنيامين نتنياهو انه بصدد الاعلان عن خطة اسرائيلية للتسوية مع الفلسطينين تستند في جوهرها علي مقترحات شريكه في الحكم وزير الحرب ايهود باراك التي اعتمد عليها لصياغة تصوره للتسوية الذي قدمه في مفاوضات كامب ديفيد 2 العام 2000 والذي رفضه في حينه الرئيس الشهيد ياسر عرفات والتي ادت الي اعتبار اسرائيل له لا يمثل شريكا يمكن التفاوض معه واعتبرته الولايات المتحدة الامريكية بانه ليس ذو صله وعمل الجانبان علي تغييره ومن ثم اغتياله ويقف وراء خطة نتنياهو ويدعمها الرئيس الاسرائيلي شمعون بيرس، وتقترح الخطة الاسرائيلية الموافقة علي اقامة دولة فلسطينية علي 80% من الضفة الغربية وتأجيل المفاوضات حول القدس واللاجئين وبقية قضايا مفاوضات الحل الدائم الي زمن تكون فيه الاطراف جاهزة للمفاوضات عليها بين الدولتين علي ان يمثل الفلسطينيين في هذه المفاوضات وفد من الجامعة العربية ولا يمانع نتنياهو ان يكون ممثل لفلسطين ضمن هذا الوفد.
ان خطة نتياهو والتي ربما لا تمرر في الحكومة المؤلفة من مجموعة من المتطرفين والكنيست الذي يسيطر اليمين علي اغلبية مقاعده منذ البدايه لا تصلح ان تسمي خطة للتسويه، فهي عندما تتحدث عن 80% من الضفة الغربية تعني الضفة بدون مساحة القدس الكبري والتي تمثل حوالي 20% من مساحة الضفة الغربية، اي ان الدوله الفلسطينية ستقام علي 80% من المساحة خارج القدس الكبري وهذا يعني ان مساحتها لن تزيد عن 64% من مساحة الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967، وتقوم اسرائيل بضم الباقي سواء القدس او الكتل الاستيطانية الكبري وحتي الطرق المؤدية اليها - اي الطرق الالتفافية والتي تقطع اوصال الضفة الغربية - مما يعني ان اسرائيل ستواصل السيطره علي المستوطنات والطرق وحمايتها بالطبع لانها لاتثق بحماية قوات الامن الفلسطينية مما سيعطيها الحق بحماية مواطنيها المارين علي الطرق التي تحت سيطرتها وهذا سيؤدي الي السيطره علي المرتفعات التي تحيط بالطرق والمستوطنات لاسباب امنية وربما بيوت الفلسطينيين داخل المدن الفلسطينية لان خطة نتنياهو لم تتحدث عن ازاله مئات المستوطنات المنتشره داخل المدن وعلي اطرافها، اضافة الي سيطرة اسرائيل علي غور الاردن والبحر الميت والحدود مع الاردن مما يجعل هذه الدولة المزعومه محاصرة بين سندان قوات الاحتلال ومطرقة المستوطنين، فلا حدود لها مع الاردن ولا تواصل جغرافي بين كانتوناتها التي تفصلها المستوطنات التي ينوي نتنياهو ضمها، وهذا كله في الضفة الغربية دون الاشارة الي اي تواصل لا مع القدس ولا مع قطاع غزه، بمعني اخراج القدس وضمها واخراج قطاع غزه وإلقاءه في البحر او في وجه مصر او في احضان حماس المسيطرة عليه الان بالقوة العسكرية، اي ان هذه الدولة في احسن الاحوال وبعد مفاوضات ربما لسنوات ستكون دولة الجدار، اي سجن كبير نزلاءه كل الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وهذه المرة يرغب نتياهو بان تكون بمباركتهم ورضاهم لا بلا يجب ان يقبض الثمن.
والثمن الذي يرغب نتياهو بقبضه هو التطبيع الكامل بين العرب واسرائيل وان تكون المفاوضات حول قضايا الحل الدائم بين العرب واسرائيل، بحيث تحل قضية اللاجئين اقليمياً عبر التوطين واعادة التوزيع بين الدول العربية وانشاء صناديق تنموية لتطوير المخيمات، علي ان تدفع اسرائيل بعض الاموال التي ستجبي فاتورتها من الولايات المتحدة الامريكية، ولا حاجة لتطبيق قرار 194 ولا حق العودة، فالمسالة تحل في اطار انساني اقتصادي ملائم.
اما فيما يتعلق بالقدس، فهي كما يعتبرها نتنياهو بالنسبة للمسلمين والعرب مسجداً آخر من مساجدهم، وبالتالي فإسرائيل كدولة يهودية تحترم الاديان ستسمح للمواطنين من ابناء الدول التي تطبع العلاقات مع اسرائيل بالحصول علي فيزا للقدوم الي اسرائيل والصلاة في المسجد الاقصي، وربما تنظم هي رحلات خاصة لتشجيع السياحة الدينية البينية بين دول الشرق الاوسط بما فيها اسرائيل وجيرانها العرب وغيرهم كدول تعيش بسلام وسكينه مع استثناء الفلسطينيين بالطبع لانهم غير ذي ثقة، وبالتالي قد يخربون بعنفهم المسجد الاقصي، وايضا هم يستيطعون ان يصلو علي الحدود أو بالأصح علي الجدار فانها ايضا اكناف بيت المقدس!
اما فيما يتعلق بقضايا المياه والسيادة والمجال الجوي والترددات اللاسلكيه والاتصالات وسلاح قوات الامن الفلسطينية والاسري، فهذه قضايا امنية واستراتيجية اسرائيلية لا تطرح علي طاولة المفاوضات اصلا وهي غير قابلة للنقاش، فهي حق مطلق لاسرائيل، ولكنها كبادرة حسن نية ربما تسمح للدولة الفلسطينية بإنشاء مطار صغير في قلنديا للتسهيل علي المواطنين ولكن تحت سقف المجال الجوي الاسرائيلي كما كان مطار غزه الدولي قبل تدميه من الجيش الاسرائيلي، وستعطي رخصا للاتصالات والبث التلفزيوني الغير معاد لاسرائيل، وستسمح لقوات الامن الفلسطينية بحمل السلاح الخفيف اضافة للهراوات لحماية الامن العام وربما لقمع المظاهرات او مظاهر التطرف والعنف والعداء لاسرائيل. وستفرج اسرائيل عن الاسري التي لم تلطخ ايديهم بالدماء وبالتدريج حتي لا تقفل السجون الاسرائيلية ويتحول العاملين فيها الي جيش البطالة مما سيكلف الدولة ملايين الشواكل.
ويشترط نتنياهو لتنفيذ خطته السلمية ان تكون هناك قيادة فلسطينية قوية تستطيع فرضها علي شعبها وحمايتها وتنفيذ بنودها بطيب خاطر، وبالتاكيد هذه القيادة ليست القيادة الحالية برئاسة ابو مازن المتهمة بالضعف والصراعات الداخلية وفقدان السيطرة علي غزة، والخوف من سيطرة جديده لحماس علي الاجزاء القليلة التي تسيطر عليها السلطة في الضفة، وبالتالي يجب تغيير القيادة الفلسطينية بما يتلائم مع متطلبات تنفيذ خطة نتنياهو السلمية، وان لزم الامر وكان هناك حاجة فلا مانع من تغيير كل الشعب الفلسطيني المقيم في الضفة الغربية عبر الترانسفير والطرد والتهجير والابقاء علي الفلسطينيين الذين يتوافقون مع متطلبات الخطه واحتياجات الامن والسلام الاسرائيلي.
كما يشترط نتنياهو قبول الجامعة العربية للخطة كبديل عن مبادرة السلام العربية، وتشكيل وفد عربي للبدء في مفوضات مع اسرائيل، وايضا يجب ان يكون الوفد متفهما لاحتياجات السلام والامن الاسرائيليين حتي لو دعت الضرورة لتغييرات في الجامعة العربية واختيار امين عام جديد، والذي من المتوقع ان يرأس الوفد العربي من رجالات السلام والتطبيع، وهناك الكثير منهم من اصدقاء اسرائيل، ومن الساميين والمخلصين لشعوبهم التي ستستفيد استفادة عظيمة من التعاون مع اسرائيل في مجالات التكنولوجيا والزراعة والسياحة والترفيه والدعارة والقمار وغيرها.
ان هذه الخطة التي تنهي القضية الفلسطينية وتقضي علي آمال وطموحات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال واقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس العربية وتحرير كافة الاسري والمعتقلين وضمان حق اللاجئين في العودة حسب قرار الامم المتحد 194 لم تكن لتأت لولا الحالة الصعبة التي نمر بها كعرب وفلسطينيين، فالانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس والانفصال بين الضفة وغزه والصراع علي السلطة والشرعية وفشل الحوار وانهيار المجتمع والاقتصاد اضافة للخلافات العربية العربية وسياسة المحاور والاقطاب جعلتنا لا نقدم شيئا للقضية الفلسطينية غير المزيد من الضعف والوهن والاستجداء، في الوقت الذي تتزايد المواقف العالمية في اوروبا وحتي في امريكا نفسها ضد اسرائيل وضد الاحتلال وضد الاستيطان بينما لايشغلنا الا الحكم والمال والصراع عليهما وعلى الملذات والامتيازات التي تحيط بها.
ان خطة نتنياهو ليست خطة للتسوية بل تخطيط لحرب جديده علي الفلسطينيين والعرب، حرب سياسيه وربما عسكرية لان من يرفض السلام الاسرائيلي يجب ان يجبر عليه، ومثلما تنص عقيدة اسرائيل العسكرية ما لا يمكن تحقيقه بالقوه فيمكن تحقيقه بقوة اكبر.

وجيه أبو ظريفة
الخبير في الشئون الاسرائيلية
عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جماهير ليفربول تودع مدرب النادي التاريخي يورغن كلوب


.. ليبيا: ما هي ملابسات اختفاء نائب برلماني في ظروف غامضة؟




.. مغاربة قاتلوا مع الجيش الفرنسي واستقروا في فيتنام


.. ليفربول الإنكليزي يعين الهولندي أرنه سلوت مدرباً خلفاً للألم




.. شكوك حول تحطم مروحية الرئيس الإيراني.. هل لإسرائيل علاقة؟