الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يفوز الأصوليون إذا ما جرت انتخابات ديمقراطية في سورية؟

محمد حاج صالح

2009 / 7 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ثلاث جهات في سوريا تدفع باتجاه فكرة مؤدّاها أن الديمقراطية وصندوق الاقتراع الحر سيجلبان الأصوليين والإخوان المسلمين إلى الحكم. أولى هذه الجهات هي الأصوليون والإخوان أنفسهم، وثانيها علمانيون وحداثويون، وثالثها المستفيد الرئيس من هذه الأسطورة أي الحكم. هذه الفكرة الأسطورة لن تصمد أمام نظرة فاحصة. فالأرقام وتاريخ سورية يقولان غير ذلك. إذ أن تعداد سكان سورية للعام 2007 بلغ 19,405 مليون نسمة. الناس في سورية، كما هو معلوم، خليط من طوائف وقوميات. نعم العرب السنة أكثرية، لكن من يجرؤ على القول أن أكثرية العرب السنة أصوليون. ا
لنأت إلى محافظات الجزيرة الثلاث والتي يبلغ تعداد سكانها على التوالي، الحسكة 1,377 مليون، دير الزور1,049 مليون، والرقة 854 ألف. أي ما مجموعه 3,280 مليون نسمة. كم عدد الأصوليين بين أولاء؟ من المعروف أن تركيبة السكان هناك عشائرية بالأساس، ولذلك فإن أي تصويت حر سيجلب أبناء شيوخ أو متعلمين مهنيين أو وجهاء، وليس بين هؤلاء إخوان. ولا ننسى أن في هذه المحافظات وجوداً كردياً ذا تطلعات قومية لا تصب بحال من الأحوال في أصولية إسلامية. إضافة إلى تواجد آشوري وسرياني.
وفي محافظتي اللاذقية وطرطوس أكثرية علوية لن تصوت لصالح أصولية سنية بالطبع، حيث يبلغ عدد السكان حسب الإحصاء ذاته في اللاذقية 943 ألف، وفي طرطوس 750 ألف. أي ما مجموعه1,693 مليون. وفي السويداء 346 ألف نسمة من بني معروف "دروز". بالمناسبة كم هو عدد الدروز والعلويين في العاصمة؟ لا أحد يعلم. لكنهم كثر، كما هو معروف.
وماذا عن محافظة حمص التي يبلغ عدد سكانها 1,647 خليط من مسيحيين وعلويين وسنة، وقد تكون المثالثة، مع ترجيح سنيّ، أو ما يقاربها هي أرجح النسب. ومن السنة هنا عدد لا يستهان به من ذوي الأصول البدوية البعيدين عن التفكير الأصولي بطبيعة الحال.
دمشق وريفها أكثرية عربية سنية، لكن وكما أسلفنا فإنهما تضمان سكاناً من مختلف المناطق حيث عدد السكان 4,236 مليون، إضافة إلى أن تاريخها ينزع إلى الانحياز لدولة "مدنية" منذ الأمويين وإلى حاضرنا هذا.
أما حلب وريفها فوصل عدد السكان إلى 4,393 . هنا يمكن للأصوليين أن يحصلوا نصر انتخابي ما، ولكن علينا أن لا ننسى التدقيق في التركيبة السكانية، فهناك عشائر وارستقراطية قديمة وفئات حداثية التكوين تحن إلى أيام حزب الشعب، وإلى النشاط اليساري والقومي، وإلى دور حلب الاقتصادي والعمالي والثقافي الهام في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضي.
في حماة 1,491 مليون، وإدلب 1,359 مليون يمكن للأصوليين أن يحققوا إختراقاً أيضاً، لكن ما عدد العلويين والاسماعليين والمسيحيين في ريفهما؟ ليسوا قليلين. إنهم الأكثرية في الريف.
وليس من تاريخ أصولي إخواني ذي بال في درعا ذات الـ 916 ألف نسمة، ولا هو كذلك في القنيطرة ذات الـ 79 ألف نسمة.
تكلمنا بلغة خشنة، وتسميات فاقعة بهدف وحيد، هو إظهار زيف هذه الفكرة الخرافة، ولأن الغول المرشح للفوز والمتهم به، ذا تركيبة طائفية سنية، الأمر الذي يسهّل تثبيت هذه الخرافة، وأيضاً لأن هذا الغول المتهم يستمرئ الحالة ويتظاهر بأنه فعلاً قادرعلى تحقيق نصر حازم، إذا ما أجريت انتخابات حرة. إنه الوهم. وإنه الجهل بالعمل السياسي الذي يضع بيد الخصوم الذريعة لتخويف الطوائف الأخرى، و لتخويف العلمانيين والحداثيين وكل من يريد أن يمارس حرية اجتماعية. الأمر الذي اكتوت بنتائجه سورية منذ سبعينيات القرن الماضي.
ولإعادة شيء من الإنصاف للنخب من ذوي الأصول العربية السنيّة في زحمة الادعاءات العلمانوية والحداثوية، نذكر أنهم كانوا في أساس الانحياز لدولة مدنية تحت الاستعمار الفرنسي، وفي العهد الوطني، وأيام الوحدة، وهم النخبة المدنية العلمانية الوازنة الآن. لذلك فإن أي تجيير متعسف للسنة العرب لصالح الأصولية والإخوان، هو محض هراء، أي أنه غير واقعي. نعم، للإخوان ملعب ضمن الأكثرية السنية، لكنهم ليسوا اللاعبون الوحيدون، ولن يكونوا. في رأينا يمكن أن يحصل الأصوليون على نسبة ما بين 20 و 30 في المائة في الوسط السني تزيد قليلاً أو تنقص كثيراً، أسوة بإخوتهم في الأردن والكويت. ومن المحتمل أن تزداد النسبة إذا ما ازداد التأزم الطائفي، وإذا ما فشلت المعارضة المدنية في إبراز هوية سورية مدنية مناوئة للديكتاتورية، وللطائفية أياً كان مصدرها، وبآن معاً.
ولذلك فإن بعض العلمانيين والحداثيين المتوجسين من صندوق الاقتراع، بسبب خوفهم من وصول الإصولية والإخوان إلى الحكم عبر الانتخاب والآليات الديمقراطية، إنما يتبعون منطقاً خرافياً لا أصل له من اجتماع أو علم. إنهم يتبعون هوى الكراهية. وينحازون إلى استراتيجية الحكم في التخويف من الغول الأصولي. إنهم يساهمون في أن يجعلوا الحكم يضحك في عبّه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وجـهة نـظـر
أمجد ســرحـان ( 2009 / 7 / 25 - 22:51 )
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر تحليلية سياسية علمية معقولة جدا.ولكن لوحصل الأخونجيون والأصوليون على 30% من انتخابات نيابية حرة, لن يكتفوا بذلك, لأنهم يسيطرون على الشارع والمؤسسات التحتية في المجتمعات المغلقة وبين التجار الدمشقيةالسنة. وغالبية المجتمع تميل إلى التخلص من هذه الديكتاتورية البعثية العائلية الطائفية التي لم تصلح اي شيء في المجتمع السوري وغذت نفسها ومصالحها فقط خلال ستين سنة.
وكل ما نخشاه أن نهرب من الدب حتى نقع في الــجــب. حكم أخونجي في سوريا يكون حتما أسوأ التغييرات. نأمل أفضل..ولكن مـن؟؟؟ الحكم الحالي فرغ البلد من كل إنسان يمكن أن يفكر يوما...


2 - دمار شامل
سوري ( 2009 / 7 / 26 - 06:55 )
لقد قام هذا النظام بعملية دمار شامل مثل ما فعل القائد الضرورة في العراق، بحيث إما هم أو الخراب الشامل، ورغم أن الخراب الشامل يعم اليوم على أياديهم القذرة، لكن ببطء، حيث لا نرى الدمار مثلما نراه في العراق
ربما قدرنا أن يتحكم بنا أنواع مختلفة من السفلة، يوم نظام قطاع الطرق الحاليون، الممانعون الجدد، ويوم آخر المتخلفون الجدد-القدماء وهكذا دواليك
في حين الشعب الذي رفع شعار: اللي بيتجوز أمي بقللوا يا عمي، منذ استيلاء مكيافيللي الإسلام معاوية على البلد وإخضاعها بالفساد وحتى سرقة الحكم من قِبل مكيافيللي الوطن حافظ وأسرته وعصابته. وهذا الشعب الذي يمشي من الحيط للحيط ويقول يا رب السترة، وكذلك: اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين، ويرى في أمريكا الخطر الأكبر ولا يرى الشجرة الوطنية في عينه لن يغير أو يحرك ساكن، وهو يخاف على فتات الفتات الذي يرمي له النظام بها

هكذا شعب لا يستاهل إلا هذه الشراذم لتحكمه ولا يوجد أي بصيص ضوء في آخر نفقه المعتم الممتد للآنهاية

اخر الافلام

.. حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل


.. القوات الروسية تعلن سيطرتها على قرية -أوتشيرتين- في منطقة دو




.. الاحتلال يهدم مسجد الدعوة ويجبر الغزيين على الصلاة في الخلاء


.. كتائب القسام تقصف تحشدات جيش الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم




.. وزير المالية الإسرائيلي: إبرام صفقة استسلام تنهي الحرب سيكو