الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرلمانيون وشرعية هيئة النزاهة

علي محمد البهادلي

2009 / 7 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لكي نعرف أن المسؤول الفلاني أو الوزير أو البرلماني قد أثرى على حساب الشعب بواسطة استغلال منصبه للأغراض الشخصية ، ينبغي لنا أن نعرف رصيده المالي في المصارف وما يملكه من عقارات وأملاك أخرى .
إن هذا الدور هو من ضمن اختصاصات المؤسسات الرقابية وهو ما قامت به هيئة النزاهة ، إذ إنها أكدت أكثر من مرة أن على المسؤولين سواء في السلطة التنفيذية ( الحكومة ) أو السلطة التشريعية ( البرلمان ) أو السلطة القضائية أو المدراء العامين ووكلاء الوزارات وغيرهم ممن يتسنمون مناصب من الممكن استغلالها لأجل الإثراء غير المشروع على حساب الشعب ، أن يقدموا كشوفات عن مصالحهم المالية ، وكان الرد دائماً هو عدم استجابة المسؤولين أو الاستجابة الضعيفة ، لكن فاجأتنا الهيئة أن مجلس الوزراء وهيئة رئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى قد كشفوا عن ذممهم المالية ، ولم يبقَ من مجلس الوزراء إلا وزيرٌ أو وزيران لم يكشفا عن مصالحهم المالية ، لكن المستغرب هو صدود أعضاء مجلس النواب عن دعوة الهيئة لهم بالكشف عن ذممهم المالية ، لا بل راح البعض منهم يشكِّك بشرعية عمل هيئة النزاهة وأنها ، أي الهيئة ، غير دستورية ، وأخذوا يصرحون بذلك في وسائل الإعلام والفضائيات المختلفة .
أقول : إن فوضى الحرية غير المسؤولة عمت كل شيء في العراق الجديد وتجاوزت الفرد العادي والمواطن البسيط لتصل إلى كبار المسؤولين ( غير المسؤولين ) !!في الدولة العرافية بعد 2003 ، ومنهم أعضاء مجلس النواب ، فمن المفترض أن تكون تصريحاتهم مسؤولة وعقلانية وأن لا تتجاوز حدود التنافس السياسي المشروع .
إذ إنهم هم من سنوا الدستور وكثير منهم شارك في كتابة قانون إدارة الدولة المؤقت قبله ، فلا يُعقل أنهم لم يقرأوا الدستور ولا قانون إدارة الدولة ، ولم يطلعوا على المادة المتعلقة بهيئة النزاهة والهيئات المستقلة في الدستور العراقي الذي صوَّت له الشعب العراقي قبل أكثر من ثلاث سنوات .
إذن ، لماذا يشكك بعض أعضاء مجلس النواب في دستورية الهيئة ؟! فوا أسفا على مثل هذه النخب ، إن الناس استبشرت خيراً في الأيام القليلة الماضية ؛ بسبب تفعيل دور البرلمان الرقابي ومحاولته لاستجواب الوزراء والمسؤولين الكبار والضغط المتواصل من أجل أن لا يكون هناك من هو خارج إطار المساءلة والاستجواب ، بيد أن موقف البرلمانيين من دعوة الهيئة إياهم لكشف ذممهم المالية يثير السخط والإحباط في الوقت نفسه لدى المواطن العراقي ، فيشعر المواطن أن المساءلة والقانون لا يطالان إلا المواطن البسيط ، أما من هم في مناصب متقدمة في الدولة فهم فوق القانون فلا يستطيع أحد أن يستجوبهم أو يخضعهم لسلطة القانون ، فهل هذا الوضع السيئ يسرُّ البرلمانيين ، فبدلاً من أن يكونوا قدوة يُقتدى بهم في الشفافية والنزاهة وتطبيق القانون يظهروا العكس من ذلك .
هناك سؤال يُطرح : ما هي الإجراءات القانونية التي يجب أن تُتخَذ ضد من لم يقدموا كشوفات مصالحهم المالية سواء كانوا من أعضاء مجلس النواب أو الوزراء أو المدراء العامين أو غيرهم ؟
إذا كانت هناك إجراءات رادعة منصوص عليها في القانون فالأجدر بهيئة النزاهة أن تلجأ إلى هذه الإجراءات وأن لا تتساهل مع أيٍّ من هؤلاء الذين لا يريدون لمبدأ الشفافية أن يسود ، بل الضبابية والعمل خلف الكواليس المظلمة ، وأن تتعاون مع السلطات الرقابية الأخرى كديوان الرقابة المالية يداً بيد من أجل تحقيق مبدأ الشفافية ، أما إذا لم يكن هناك قانون أو إجراءات تردع مثل هؤلاء عن الامتثال لأوامر الهيئات الدستورية ، فعلى هيئة النزاهة أن تضع مثل هذه الإجراءات بنظر الاعتبار في قانونها الذي يُنتَظَر المصادقة عليه في مجلس النواب .
لكنها مهمة صعبة وشاقة لا سيما أن البرلمانيين لا يعبأون بالقوانين المهمة سوى التي تُعنى بمصالحهم وامتيازاتهم ، لا التي تقيدهم وتحدُّ من إمكانية استغلالهم لمناصبهم من أجل الإثراء .
وحسناً فعلت الهيئة إذ نشرت أسماء البرلمانيين الذين قدَّموا كشوفات عن مصالحهم المالية ؛ ليميز المواطن بين الإنسان الذي يتميز بصفة الشفافية والنزاهة والآخرين المطعون في نزاهتهم ، حتى يستطيع في الانتخابات البرلمانية المقبلة انتخاب الشخصيات الشريفة المخلصة وإبعاد المشبوهين والفاسدين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا