الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يمن ما بعد الرئيس

بكر أحمد

2009 / 7 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


تناقلت وسائل الإعلام المختلفة عن إصابة الرئيس " برضوض " جراء ممارسته لرياضته الاعتيادية ، وحتى كتابة هذا المقال مازال الرئيس محتجب عن عيون الجماهير ، وهو كما قيل في سياق الخبر يُعالج في مستشفى ( مجمع الدفاع ) وهو وعلى ما يبدوا مستشفى مجهز بمعدات طبية عالية ، كما أن هذا المستشفى لم يكن يعرف عنه أي شيء من قبل ، إلا أنه مثل باقي الأشياء المبهمة التي يتمتع بها الرئيس والمقربين منه ، الغريب في الخبر أن الرئيس لو أصيب بحالة رشح بسيطة يذهب إلى ألمانيا للعلاج و إجراء الفحوصات الطبية ، وربما تلك الرضوض المعلن عنها لم تسمح بنقله مباشرة ، أو أن الإعلان عن تلك الرضوض أتى كحالة تشتيت لذهنية المواطن اليمني عن المجزرة التي حدثت في زنجبار وراح ضحيتها ما يقارب الثمانية عشر مواطن أريقت دمائهم لينضموا إلى قافلة القتلى المتزايدة في الجنوب ، حيث سربت إشاعات بأن أوامر إطلاق النار في زنجبار جاءت بدون موافقة الرئيس الذي كان يعالج في المستشفى ، فهل وأن صدقت هذه الأقاويل يعني بأن الرئيس كان هو من يصدر الأوامر بإطلاق النار على المدنيين والمتظاهرين وقتلهم في أوقات ماضية !

كلما تعرض الرئيس لوعكة صحية ، أطل علينا سؤال من عنق الزجاجة يسأل عن مصير البلاد من بعده ، وكيف سيكون حالنا ، ومن لنا ، وكيف سنعيش من بعده ، وهل سيبقى أوكسجين كافي للجميع حتى نستنشقه ، ثم تندلق ملايين الدعوات لهذا الرئيس حتى يتعاطف الله معنا ويرحمنا من هذا اليتم المبكر ليعيد صحته إلى سابق عهدها وربما أفضل ، ولنا أن نتصور دولة في هذا العصر تعيش بمثل هذا المنطق ، كل غضها وقضيضها متعلقة بشخص واحد تعتقد أنه أن رحل فلا بقاء لها من بعده .

يا له من حال بؤس ، ويا لها من حالة مرضية مخجلة لشعب طالما شهد له التاريخ أنه في طليعة رواده ، أصبح الآن يعيش حالة شبيهة بحال القطعان التي تساق إلى المسلخ كل يوم وتقتل كل ساعة ، فأن لم يكن بالرصاص ، فهو أما بالاختطاف أو التقطع أو الثأر أو الجوع.



لا أريد أن أجلد الذات أكثر مما يجب إلا أن الأمر في غاية الخطورة ، والوطن على كف عفريت ، والكل مسئول أمام التاريخ عن ما سيحدث لبلادنا ، والتاريخ لن يرحم أحد مهما عظم شأنه أو صغر ، فكل شيء حولنا آيل للسقوط بشكل لم نعهده من قبل ، والمشاكل صارت لديها حالة تضخم تزيد يوما عن يوم ، وإنا حتى الساعة لم ألحظ محاولة جادة لإيجاد حلول لها ، وكأن الوطن أصيب بحالة شلل وبات الجميع يراقب ما يحدث بذهول مفرط بالأنانية ، الجميع رفع يده عما يحدث وصار يلقي بالمسئولية على الطرف الآخر ، والمشاكل المرحلة أخذت دورتها وعادت من جديد تبحث عن الحلول .



افهم مثل غيري أنه لا توجد مشكلة مستعصية ، وأن كل ما يحدث في اليمن يمكن إيجاد حزمة حلول شاملة لها أن وجدت الإرادة والرغبة في ذلك ، لكن ومن الواضح أن ديدن الرئيس في التعامل مع كل القضايا المزمنة لن يتغير ، إلا أن التأزم الحالي لن يسمح له بممارسة ذات الأسلوب ونفس الطريقة ، وعليه أن يفهم أن كل شيء تغير واستجدت أمور لم يعد هو يستطيع أن يرحلها أو يماطل في حلها كالمعتاد .

وعليه أن يفهم أن الجميع يتابع ما يجري وبكل التفاصيل ، حتى أنه يرقب اختفاء نائبه الذي ظهر فجأة على الساحة كدليل على أن الجنوبيين لهم مناصب عليا ثم اختفى مثلما ظهر ، كما أنه يستطيع أن يستوعب ويفهم مبررات الحراك الجنوبي ويتعاطف معه بشكل أو بآخر كما أنه معروف لديه بأن الرئيس لو أراد أن يجد حلول لكل هذه المشاكل لفعل ، بمعنى أن الوضع لم يعد يقبل أي حركات مسرحية أكثر .



لكن ، ماذا لو أراد الله أن يتسلم أمانته في الرئيس ، كيف سيكون الوضع في بلد مثخن بكل هذه الجراح دون أسس نظامية أو قانونية يساعد على تماسكه ، فالبلاد في فوضى شامله والمؤسسات الأمنية شبه مشلولة وتعاني من مركزية متطرفة بعد أن صادر الرئيس كل الصلاحيات والألقاب وبعد أن قام بتصفية الجميع وتهجيرهم وبعد أن صار الاقتصاد في عهده تحت الصفر وعانت الجماهير الأمرين ، كما تفشت ثقافة الفساد وبات الجميع مستعد أن يعمل أي شيء مهما كان هذا الشيء مخالفا للقيم والأخلاق .

ماذا سيحدث للوطن أن رحل هذا الرئيس بعد أن فرغ دستوره من محتواه ، وجعل من مجلس النواب ظاهرة صوتية نشاز والأحزاب اليمنية مهشمة ومقسمة وضعيفة ، بعد أن ضعفت قوة الدولة ولم تعد تستطيع أن تسيطر عن أية مواقع خارج المدن بعد أن جعل من هذا الوطن خرابة تعشش فوقها الغربان .



حتما وبكل تأكيد سيحدث ما لا نرجو حدوثه ، لذا نأمل أن يفهم الرئيس بأن رحيله عن البلاد لن يترك له أي ذكرى إيجابيه له مالم يرعوي ويقدر حجم المسئولية الملقاة على عاتقه وأنه بات من الضروري و في الوقت الحالي إيجاد مخرج عقلاني وسليم لكل هذه الأزمات وأن يفكر جديا بالتخلي عن النظام والحكم وتأهيل الوضع لمرحلة جديدة ، فالإنسان وأن كثرت أخطاءه يستطيع مادام على قيد الحياة أن يصحح أو أن يؤسس ما يساعد على محو كل الفشل والانحدار السابق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً