الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقدم علمى تأخر فكرى .. (3) أنيس منصور ومصطفى محمود

سامح سعيد عبود

2009 / 7 / 28
الطب , والعلوم


إن ما يدلل على دور أجهزة الإعلام والثقافة والاتصال فى تضليل البشر والتلاعب بعقولهم وغسيلها هو ما سوف يتم إيراده من أمثلة تم اختيارها من الواقع العربى القريب من القارئ وتم مراعاة تنوعها لتشمل الصحافة والتليفزيون والكتب و مجالات البحث العلمى .‏‏
‎‎أ-ساعد أنيس منصور وهو أحد كبار الصحفيين والكتاب المصريين على انتشار ثقافة الخرافات من أمثال الذين هبطوا من السماء، والذين صعدوا إليها حتى عرف بأنه كاتب الجن والعفاريت ،وهو المعيد السابق بقسم الفلسفة بالجامعة ،وقد روج لكم هائل من الخرافات من خلال كتاباته الفاقدة لأى قيمة ،فى أشهر الصحف وأوسعها انتشارا ومنها قصة جيللر ذلك الدجال الإسرائيلي الذى كان يدعى أنه بقوة نظره السحرية يستطيع لى الأشياء المعدنية الصلبة !.وإليكم بهذا الصدد ما قد قرأته مصادفة فى جريدة الحياة اللندنية اليومية،وذلك فى تحقيق يعتبر فى اتجاه معاكس تماما عما تعودناه فى الآونة الأخيرة فى الصحافة وأجهزة الإعلام المختلفة ،وربما يكون هذا إثباتا للقاعدة فلكل قاعدة شواذ تثبتها، فقد كان التحقيق يتناول ظاهرة انتشار الإيمان بالخرافات والظواهر غير الطبيعية وغير المفهومة، وقد ذكر فى التحقيق أن اللجنة العلمية العالمية المكلفة بدراسة الظواهر غير الطبيعية ،قد أثبتت فى معرض بحثها حالة هذا الدجال أن المسألة تعتمد على سرعة حركة الدجال وخداع البصر الذى يوهم مشاهديه ،ذلك الخداع الذى أشار إليه عالم سوفيتى باعتباره السبب فى ظواهر مشاهدة رؤية زوار الفضاء الغامضين ،والأطباق الطائرة ،والتى أرجعها إلى الرؤية الخادعة بسبب ظواهر طبيعية غير مفهومة تضخم فيها العقلية غير العلمية القابلة للإيحاء وسوء النية .وقد أشار التحقيق إلى أن أزمة الفيزياء المعاصرة ،هى السبب فى انتشار الأوهام ،ويقر مايكل هتشنسن أحد كبار أعضاء اللجنة المنوه عنها فى نفس التحقيق إلى "إنه قضى 30 عاما فى التحقيق فى ادعاءات الخوارق ،ولم يكتشف خلالها صدق أى إدعاء فى الاتصال بكائنات فضائية ،وامتلاك أى قوة خارقة فى تنويم الناس مغناطيسيا ،أو ثنى المعادن أو غير ذلك"7. كما يمكن للقارئ الرجوع لكتاب الإنسان التائه بين الخرافة والعلم ل د.عبد المحسن صالح من سلسلة كتاب عالم المعرفة حيث يرى تفنيدا قويا لكل تلك الخرافات العصرية التى يروج لها كل من أنيس منصور وعبد الرازق نوفل ورؤوف عبيد ومصطفى محمود وكل من هم على شاكلتهم.‏‏
‎‎ب-مثال آخر لصحفى وكاتب مشهور هو مصطفى محمود والذى واكب ارتداده من اليسار إلى أقصى اليمين فى السياسة ارتداده من العلمية إلى أقصى درجات اللاعقلانية فى الفكر،وقد بلغت شهرته الآفاق بسبب الردتين وكتاباته قمة الانتشار والتأثير الجماهيرى الواسع حتى أنه مما ساعدوا بقوة فى حفر الاتجاه السائد الآن فى منطقتنا فى انتشار الإيمان بالخرافات والرجعية السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية ،وقد أصبح بذلك رائدا فى مدرسة هى الأكثر انتشارا الآن يشاركه فيها العديد من أشهر الكتاب وأنصاف العلماء والمفكرين الرسميين والإعلاميين فى نفس الوقت،وقد ساعدت هذه المدرسة على ترسيخ التخلف والجهالة واحتقار العلم والعمل والمنهج العلمى فى التفكير وأسمى وأنبل ما قد وصلت إليه البشرية عبر تاريخها من مثل وقيم حول العدالة والحرية والتقدم.‏‏
‎‎ولعل أشهر ما يفعله هذا الكاتب هو تقديمه لبرنامج تليفزيونى مشهور له من الشعبية الكثير ،وتخصص له أفضل ساعات الإرسال ،وفى هذا البرنامج يعتمد على عرض أفلام علمية ثم التعليق المتعسف عليها دون طرح التفسير العلمى الصحيح لما يشاهده المشاهد من ظواهر فيوحى للمشاهد الساذج والمحروم من وسائل المعرفة الحقيقية ،والمتعصب بحكم طريقة تربيته وتعليمه صحة استنتاجاته المتعسفة واللاعقلانية وغير المرتبطة بالفيلم المعروض ،وذلك لتأكيد أفكاره المسبقة والمعروفة لدى المشاهد ،دون
أدنى قدر من الموضوعية والأمانة العلمية والتى تقتضى استخلاص
الأفكار من الواقع الذى تعرضه المادة العلمية ،لا فرض الأفكار المسبقة لتفسير المادة المعروضة .وقد شاهدت له حلقات حول التنويم المغناطيسى ومعجزات الشكل الهرمى ،وهى أيضا الخرافات التى يروج لها كاتب الجن والعفاريت السابق ذكره ،ولا يجرؤ أحد من الأساتذة والعلماء فى الكليات العملية على الرد على مثل هذا التهريج باسم العلم ،فهم إما مشاركين فى الهوجة لأسباب عديدة ،أو مرعوبين من الاتهام بالكفر فى مجتمع استبدادى،أو ممنوعين من الكلام أصلا ..وما حدث لنصر حامد أبو زيد عبرة لمن لم يعتبر.وحتى لو ردوا بشكل ما مثلما فعل عبد المحسن صالح فغالبا لن يلتفت إليهم أحد فى أجهزة الإعلام الأكثر انتشارا وتأثيرا فى الجماهير مثل الإذاعة والتليفزيون.‏‏
هذا الكاتب فى برنامجه المشهور العلم والإيمان كان يطالعنا على أفلام علمية تتناول الظواهر المختلفة فى الطبيعة الحية ،وليكن على سبيل المثال فيلما عن جيش من النمل يسير بانتظام حديدى .ثم يعلق على ما نشاهده بتعليقاته المعروفة سلفا ،واستنتاجاته المتعسفة ،وإجاباته الجاهزة حول من علم النمل السير فى انتظام ،ويجيب وكأنها بديهة ،أنه لابد وأن هناك عقلا ما وراء سيره هذا..والتى تجد استجابة مقبولة وتأويل خاص يرضى الجمهور المتعصب من أنصاف المتعلمين لما برمجوا به من معتقدات.‏‏
‎‎وهو فى كل هذا لا يذكر بالطبع السبب العلمى الذى يفسر تلك الظاهرة الكامنة فى طبيعتها المادية ،وإلا تعارض هذا مع استنتاجاته المتعسفة،وبالتالى فإن هدفه الدعائى لن يتحقق ،أما عن حقيقة الظاهرة المذكورة فى هذا المثال فهى أن النمل يتتبع مواد الأثر التى تفرزها غدد خاصة تتصل بإبر اللدغ الموجودة بمؤخرة النمل ،ولو مسحنا بإصبعنا على طريق النمل فأن أول نملة ستصل للمكان الممسوح ستضطرب خطواتها وتعود القهقرى كأنما اصطدمت بجدار ،فالذى حدث هو أننا مسحنا مادة الأثر التى كان يسير على هديها النمل .. لاشك أن هذا المثل المذكور على تكريس الخرافة عبر الرطانة العلمية هو ما أصبح يشكل مادة خصبة للتجارة التى تشجع على ترويجها أجهزة الإعلام..أما ما نحن متأكدين منه هو أن كل عمليات الحياة تعتمد على تفاعلات كيميائية بين جزيئات كيميائية عضوية ،وهو ما يؤدى لكل عمليات الحياة من حركة وتكاثر وإحساس وفكر ونمو وتغذية وإخراج ..و ما مواد الأثر والإنذار وجاذبات الجنس والروائح التى تطلقها العديد من الحشرات والنباتات سوى مفردات لغة خاصة بها ،تعلن بها عن رغباتها الخاصة فى تلبية إحدى احتياجاتها الحيوية ،وما هى إلا مركبات كيميائية استطاع البشر تركيبها واستخدامها فى نفس الأغراض المخصصة لها مثلما استطعنا صنع مكسبات الطعم واللون والرائحة ..وهو أمر لا يمكن أن يثبت أو ينفى على أى نحو من هو سيد هذا الوجود وصاحبه؟ وما هى ماهيته؟.
7 ‎‎جريدة الحياة اللندنية اليومية-عدد3/8/1990-ص8.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أنيس منصور
محمد الخليفه ( 2009 / 7 / 28 - 09:55 )
ياسلام عليك ياأستاذ سامح إنه مما يبعث في الأمل والسرور هو أن مصر الأم لا زالت تنتج رجالاً ونساء ذوي أفكاراً خلاقة ومبدعة رغم الزمن الأغبر الذي تمر به هذه البلاد الطيبة ، ولكن لم أراك تذكر زغلول النجار وهو على قمة هرم الدجالين والمزيفين، أشكرك بإسم مرتادي الحوار المتمدن وأتمنى أن يكون أمثالك كثر ،مع أعطر تحية


2 - معقول تنسى زغلول النجار الي زغلل العقول
سارة ( 2009 / 7 / 28 - 13:48 )
يا عمي حلقات مصطفي محمود هي فسحة وتحليق في عالم الطبيعة بالربط بين الايمان بالخلق والخالق انا لا ارى في برنامجه خطر
خلينا في الاعجاز العلمي
في انشقاق القمر وتحليل الحجر الاسود وماء زمزم وصوت الاذان على سطح القمر والنجوم التي ترجم رواد الفضاء فيرجعون
والمناعة المكتسبة من جناح الذبابة والقائمة تطول
الله يمتعنا بعقولنا اميييييييين




3 - إجابات
سامح ( 2009 / 7 / 28 - 15:06 )
السيد محمد خليفة والسيدة سارة
موضوع المقالات قديم ومن ثم فالأمثلة قديمة و هناك المزيد من الأمثلة فى المقالات القادمة فلا تستعجلوا و بالطبع سوف أضيف أمثلة حديثة عن الدجالين الجدد من أمثال زغلول النجار وإن كنت فى الحقيقة غير متابع له حتى الآن ولكنى أوعدكم بسرد أمثله عنه وعن آخرين شكرا على متابعتكم وتوريطكم لى فى هذا الوعد
سامح

اخر الافلام

.. مبادرة فردية في السودان لمعالجة أزمة المياه


.. “اختر فرنسا”.. مايكروسوفت تتعهد باستثمار 4 مليارات يورو لتطو




.. بعض شركات الأدوية طلبت رفع الأسعار.. ورئيس غرفة صناعة الدواء


.. كلمة أخيرة - التكاليف زادت.. د.علي عوف يوضح سبب طلب بعض شركا




.. مش بنحس بقيمة اللي بنحبهم غير لما يمشوا.. المعلم عرف ان زمزم