الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنصرية بين العرب و إسرائيل

أحمد عصيد

2009 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


لم يقبل العرب أن تقوم السلطات الإسرائيلية بإزالة اللغة العربية من واجهات الفضاء العمومي بإسرائيل، و هو السلوك الذي قامت به الدولة العبرية انطلاقا من زعم أنّ اللغة العبرية هي "اللغة الرسمية" لدولة إسرائيل، و أنّ العربية هي لغة أقلية، و هو ما اعتبره العرب نزعة عنصرية مقيتة و اعتداء على حقوق المواطنين الإسرائيليين العرب، و على حقهم في هويتهم و لغتهم العربية.
و موقف العرب في هذه النازلة موقف سليم تماما، يتطابق مع مبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، إذ ليس من حق دولة ما أن تمارس الميز بين مواطنيها و أن تبخس بعضهم حقه في لغته و هويته، بل الواجب هو المساواة في إطار مبدإ المواطنة الذي لا مجال فيه للمفاضلة المعيارية بين أعضاء المجتمع، أو التمييز بينهم بالأصل أو بالعرق أو باللون أو باللغة و الثقافة أو بالدين. و إذا كانت إسرائيل تعتبر مواطنيها من العرب مواطنين إسرائيليين فإنّ عليها الإعتراف بلغتهم في دستورها كلغة رسمية حتى تكون لها حماية قانونية، سيرا على نهج الدول الديمقراطية المتقدمة.
غير أنّ موقف العرب المعارض للسياسة العنصرية الإسرائيلية يصبح أقل مصداقية عندما يكيلون بمكيالين، و عندما يعتبرون أن بروز اللغات الأخرى بجانب اللغة العربية في البلدان التي تعتبر فيها العربية لغة رسمية فيه "تهديد لوحدة الوطن"، و أن الداعين إلى حقوق لغوية و إلى الإعتراف بالتعددية اللغوية و الثقافية هو "مؤامرة أجنبية للتفرقة" تحركها "أيادي خفية" و يدعون بدون تحفظ إلى فرض التعريب المطلق و الدفع باللغات الوطنية الأخرى إلى الهوامش المنسية ثم الإنقراض .
في هذا الإطار نطرح السؤال حول مقترح تقدم به أعضاء من حزب الإستقلال بالمغرب قبل عام فقط إلى البرلمان لما أسموه بـ "تعريب الحياة العامة"، مطالبين الدولة بالحكم بالغرامة على كل من استعمل لغة أخرى غير العربية في اللافتات و الإعلانات و الدعوات و التجمعات و الجمعيات و المحلات التجارية إلخ...، كما اعتبروا الحرف العربي وحده الذي له الحق في التواجد في الفضاء العمومي، و هي مبادرة غريبة لم تأخذ بعين الإعتبار مطلقا ـ عن سبق إصرار و ترصد ـ كل التدابير التي اتخذتها الدولة المغربية من أجل إنصاف اللغة الأمازيغية و حرفها الأصلي تيفيناغ منذ 2001 .
أليست هذه عنصرية بغيضة و خرقا سافرا لحقوق الأمازيغ في لغتهم الأصلية الأكثر عراقة من كل اللغات الأخرى بالمغرب ؟ و كيف لا يرى "عرب المغرب" تناقضهم بين إدانة عنصرية إسرائيل و ممارسة عنصرية مماثلة ضد مواطنيهم الأمازيغ، الذين ـ و هذا مثار العجب ـ ليسوا مطلقا أقلية و لا لاجئين في بلدهم و على أرضهم ؟
و رغم أننا ندرك بأن العقل العربي غارق في تناقضات و مفارقات لا مخرج له منها بسبب أسلوبه في التفكير و "ثوابته التراثية"، إلا أننا نعتبر بعض الصدمات الواقعية ذات أهمية في جعله يستيقظ من سباته و يدرك أهم مبدإ جاءت به الأزمنة المعاصرة ، ألا و هو "احترام الآخر".










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نفاق مزمن
سوري ( 2009 / 7 / 28 - 05:29 )
يقولون عندنا بسوريا: الجمل ما بيشوف حدبته. والعرب والمسلمين يعتلي ظهرهم أكبر سنام جمل في العالم، لكن كونهم لاينظرون إلا إلى الأسفل فهم لن يروا هذه الكتل فوق ظهورهم
أجزم أنه لو أن غينيس قرر نشر أكبر الشعوب نفاقاً في العالم فسيفوز العرب أولاً والأمة الإسلامية بفارق بسيط جداً بأكبر الشعوب نفاقاً على مر التاريخ، وألف مبروك


2 - كفاك من المغالطات ياعصيد
ابراهيم ( 2013 / 5 / 3 - 07:50 )
يجب أن نتفق أولا حول مفهوم اللغة وحينها يمكن أن نفهم: بمقاييس اللسانيات الحديثة لا تعتبر الأمازيغية لغة، بل تصنف في إطار اللهجات لأنها تتميز بما يسميه اللسانيون -عدم الكفاءة اللسانية- l’incompétence linguistique.ولذلك لا يمكن المقارنة مع وجود الفارق:العربية لغة،والعبرية ارتقت إلى مستوى اللغة بعد أن كانت في حالة شبه انقراض،أما الأمازيغية فلا تملك أي علم من علوم اللغة،ولا تملك القدرة الاصطلاحية التي تمكنها من التعبير عن المفاهيم العقلية والمعاني المجردة،وأنت توهمنا بأنها لغة مظلومة؟ حين ترتقي الأمازيغية إلى مستوى اللغة ستجد في المغرب من يدافع عنها حتى لو كان من غير الأمازيغ.وإذا كانت الأمازيغية لغة كما تدعي يا عصيد، لماذا لا تستعملها أنت وغيرك من أمازيغ المغرب؟ من الذي يمنعكم من ذلك؟ لماذا تستعيضون عن الأمازيغية باللغة العربية أو باللغة الفرنسية؟ فكر في الأمر يا عصيد وأعد حساباتك،وأرحنا من مغالطاتك.التفكير العلمي شيء،والتفكير المغالطاتي شيء آخر تماما.ثم لماذا لم تكشف في الحوار المتمدن عن حقيقة مواقفك من اللغة العربية ومن العرب والمسلمين؟ أهي نوع من التقية أم نوع من السفالة والنفاق؟

اخر الافلام

.. تغطية خاصة - لبنان بعد اغتيال نصر الله • فرانس 24 / FRANCE


.. عاجل | نتنياهو: مقتل نصر الله سيغير موازين القوى لسنوات في ا




.. بدأت باختراق تردداته.. إسرائيل ترسل رسائل مبطنة باستهداف مطا


.. نتنياهو: تصفية نصر الله هي الشرط الأساسي لعودة مواطنينا إلى




.. موازين | الاحتلال وحق مقاومته