الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في فلسفة العنف

أمل فؤاد عبيد

2009 / 7 / 28
حقوق الانسان


عند دراسة المجتمع في تحليل السلوك ورد الفعل كان لي تجربة نوعية من حيث تقنين الفراغات النفسية وما تحركه من دافع للسلوك وهي محاولات مستمرة وجادة لملء هذه الفراغات النفسية .. إلى جانب ما يمكن أن نطلق عليه بالأنفاق أو المسالك التي يتخذها اللاوعي لتفريغ محتواه الشعوري بغفلة من العقل أو بوعي منه أحيانا و بدافع من النوازع والغرائز التي لها حضورها وحيزها الخاص بها .. ومن ثم كان هناك مساحة من التغييب تبقى أسيرة لفعل الكشف المستمر والقراءة المتواصلة .. ولكن في حال انشغالنا بأحوالنا تصبح هذه القراءة عسيرة بل ومستحيلة أحياناً كثيرة .. ومن ثم .. يكون لهذه المساحة الغائبة عن الوعي والإدراك محتلة صفة الحضور رغم عدم وعينا بها ولها فعلها ودافعيتها .. ومن ثم تظهر لنا حواضر من خلال الأفعال , وما هذه الأفعال سوى مرايا عاكسة وهي ليست عاكسة بالمعنى الصحيح إنما قد تعكس هذه المرايا صور مختلفة من التضخيم أو التقزيم .. فهي ليست بالعواكس أو الانعكاسات الواضحة والصريحة جدا .. إنما هي إشارات عن تكتلات وتضخمات أو انحرافات في الشعور والحاجات تصبح عبارة عن انفجارات وقتية .. قد تصبح متلاحقة ومتلازمة في الوقت وقد تأخذ لها شكل متقطع حسبما يكون حالها وأحوالها .. وقد تأخذ شكل العادة أو صفة العادة الملازمة .. ومن ثم كان هذا الواقع يدفع بنا إلى أن نقرأ مستوى آخر من الوعي .. وهو وعي حاضر إنما لا يكون مدركا بالمعنى الكافي .. وهو ما يخرج بنا عن صفة العقل والمعقول .. في هذه الحالة يستدرجنا واقع الفرد داخليا .. ولا يمكن قراءة هذا " الداخلي " على أنه منفرد بذاته .. إنما هو منتوج وأيضاً في حالة تفاعل مستمر مع البيئة والمحيطين .. وهو ما يكون واضحاً كل الوضوح عند المنازعات والخلافات والعراك أو حالة الوئام والحب والتصالح .. أو لنقل في كلمة واحدة .. عند الصدام والعنف أو عند الاتفاق والوصال والرضا .. ولا يختلف منا أحد على أننا جميعنا قد مررنا / ونمر بمواقف عنيفة أو منازعات ومصادمات ما .. مما قد يدفع بنا إلى أن نكون نحن مبادرين بالعنف أو مستقبلين له .. إنما الخلاف قد يكون في تبرير هذا العنف الصادر منا أو الواقع علينا .. وهو تبرير قد لا يأخذ صفة العقلانية أيضاً ولكنه تبرير مريح يعطينا فرصة للعفو عن أنفسنا أو عن الآخرين .. وهو ما يحدث على مستوى علاقات الحب والوصال التي نبررها كما يتراءى ويروق لنا .. وإذا تحدثنا عن العنف فقد يأخذ أحد المستويين أو إحدى الصورتين .. فقد يكون مادياً / حسيا أي جسدياً , ً أو قد يكون معنوياً / لفظياً .. على أن العنف قد يأخذ له صورة مقننة وهو غالباً ما يكون معنوياً ليتدرج به الحال إلى أن يصبح ماديا وهو ما نلاحظه على مستوى المؤسسات والهيئات وسوق العمل وعلى مستوى العلاقات الأبوية والفردية أحيانا .. وقد يكون يكون لهذا العنف المقنن أو المسبب ( بفتح الباء ) له مبررات ليس بالضرورة مفهومة ولكنها ضرورية في آوانها , أما العنف غير المقنن أو غير المدروس أو غير المبرر على مستوى الجماعة / الفرد .. فقد لاحظت على مستوى المدارس أن المدرس قد يكون عنيفا بشروط مقننة باللفظ والتوبيخ .. ولكن الكثير منهم قد يخرج عن شروط التقنين الواجب الاحتراس بها من الانزلاق من مستوى الالتزام الذي يحكم العلاقة بين المدرس والتلميذ إلى مستوى شخصي فرداني أو ذاتي قهري .. وهو ما يتوجب محاربته .. وأيضاً على مستوى العلاقات الأسرية .. كثير منا قد ينزلق من مستوى المسؤولية ومبرراتها الأخلاقية إلى مستوى فردي يتعلق بنزعات ودوافع لا مبرر لها سوى مكبوتات تخلق نفقاً مقلقاً قد يأخذ شكلا عنيفاً اتجاه الآخرين أو المحيطين بنا .. ففي حالة المجتمع الفلسطيني يجب النظر وباهتمام شديد إلى مستوى البيئة المحيطة بالمدرس من جهة ورب الأسرة من جهة أخرى .. وإن كان يجب علينا علاج مثل هذه الآفات المعنوية / السلوكية يجب علينا فتح آفاق الوعي اتجاه الذات واتجاه الآخر في آن .. أو ليكن هناك تبرير دائم لفعل العنف البسيط وهو المقنن وبفعل التوجيه أو الترغيب والترهيب .. على أن يكون هناك تبرير مقنع ومنطقي حتى لا يخرج بنا الأمر من ضرورات منطق الفهم إلى حالة من الامتصاص غير المفهوم لجملة التفاصيل التي تحدث ومن جملتها العنف المقنن .. ولكن هناك العنف البسيط والمركب من حيث لا تبرير له .. فقد يكون له ضرورات ملحة تفيد على مستوى غرض الإيلام ولفت النظر .. والحكمة الآجلة منه تبقى رهنا لفتح مجالاً لأسئلة طويلة وكثيرة ومتنوعة .. تبقى هي أيضا رهنا لقطع أشواط من الفهم لكل من المعنف ومستقبل العنف أو من يقع عليه العنف .. ففي هذا الحال يخلق هذا السلوك نوعا من الارتباك النفسي يعمل على تشتيت مغزى العقاب او التعنيف .. لذا وفي هذا الوضع يجب إعادة صياغة ضرورات العنف ومفهوماته على أن يدرك من يقع عليه العنف واجبات الحرص والانتباه لحقوق ومشروع وجود الآخر .. إلى جانب أن يتفهم المعنف حالة رعاياه وأن يستوعب أو يحاول صياغة أساليب استدراك لها مبررها الحاضر والمقنع حتى يكون لمعنى العقاب أو التعنيف ضرورة وأسباب .. وكل هذا يدفع بنا إلى ضرورة قراءة سليمة لدواخلنا ودواخل المحيطين بنا وتفهم دوافعهم لسلوكهم مما يسمح لنا بمعالجة حريصة على الشعور العام / الخاص وأن يكون هناك دوما مبررا منطقياً لتلازمات الفعل ورد الفعل لدينا ولدى الآخرين مما يقلل من ضرورة التعنيف أو مسببات العنف الداخلي / الخارجي على مستوى الفرد والجماعة .. مما يخلق أفرادا أذكياء في استيعاب احتياجاتهم واحتياجات الآخرين .. وهو ما يحدث على مستوى الحب والوصال فليكن هناك تفهما على مستوى الصراع أو النزاع أو الصدام ..











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم للحداثة
blind bercem ( 2009 / 7 / 28 - 14:43 )
شكرا لك على هذا المقال الخالي من كلمات التجريح والتخوين والانتقادات وانا لن انتقد وانما كتبت هذه الكلمات للشكر فقط ....افكار جديدة وتحليل منطقي


2 - قال غاندي كن التغيير الذي تريد ان تراه من الاخرين
اسماعيل ميرشم ( 2009 / 7 / 28 - 16:43 )
I can handle your teeling me
what i did or didnt do.
And i can handle your interpretations
but plase dont mix the two.
If you want to confuse any issue,
I can tell you how to do it:
Mix together what i do
with how you react to it.
ماذا فعلت او لم افعل
وانا بمستطاعتي تفهم تفسيراتك
لكن رجاء لا تخلط الاثنان
فاذا ارت ارباك اية موضوع
بامكاني ان اقول لك كيف تقوم بذلك
اخبط معا ما افعله
مع رد فعلك لها

Marshall Rosenberg


3 - الاخت امل فؤاد عبيد المحترمة
ابراهيم علاء الدين ( 2009 / 7 / 28 - 16:55 )
تحليل رائع وفكرته متميزة
لقد لفت نظري ان اطثر انواع العنف استخداما هو العنف اللفظي .. فيا حبذا لو اجريت دراسة تتناولي فيها الطابع المتزايد للعنف اللفظي في التعليقات او مقالات الحوار المتمدن ..
المفارقة ان معظم مستخدمي هذا العنف على الحوار هم من مدعي العلمانية والليبرالية الذين يدعون الى التسامح والتعايش والسلام الاجتماعي
شكرا جزيلا لهذا الجهد المتميز مع امنياتي بالمزيد من التوفيق

اخر الافلام

.. لميس:رغم اختلافنا مع بعض مضمون قرار الجنائية الدولية لكنه و


.. اتهامات للاتحاد الأوروبي بتمويل اعتقال المهاجرين وتركهم وسط




.. مدعي الجنائية الدولية يتعرض لتهديدات بعد مذكرة الاعتقال بحق


.. مأساة نازح فقد فكه في الحرب.. ولاجئون يبرعون في الكوميديا بأ




.. صلاحيات ودور المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة مرتكبي جرائم ا