الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين -معركة استيطان القدس - والدولة المؤقتة!

ماجد الشيخ

2009 / 7 / 28
القضية الفلسطينية


إذا كانت إسرائيل أو بعض قياداتها ترى في "البناء في القدس" مسألة "خارج أي نقاش"، مع ما يترتب على ذلك من رفض الدعوات الأميركية لوقف الاستيطان أو الاستمرار بالبناء الاستيطاني في القدس وفي الضفة الغربية عموما، فإن ذلك يشكل على الأقل فحوى "معركة الاستيطان" التي لم تحسم بعد بين الإدارة الأميركية وحكومة نتانياهو. رغم أن النقاش في شأن التسوية السياسية ما زال في بدايته، بل إن إسرائيل تسعى إلى أن تتبنى إدارة أوباما خطتها لتسوية مرحلية مؤقتة، قبل أن يعلن الرئيس الأميركي خطة التسوية الإقليمية الموعودة.

وفي وقت يواصل الإسرائيليون حملتهم على الولايات المتحدة ومن داخلها، بهدف دفع إدارة أوباما لوقف ممارسة ضغوطها في موضوع الاستيطان، دعا القنصل الأميركي بالقدس جاك والاس إسرائيل إلى الالتزام بالتوقف عن الاستيطان بما في ذلك ما يسمى النمو الطبيعي، في إيضاح جديد يشير إلى أن موقف الولايات المتحدة من هذه القضية لم يتغير. بل إنه وعلى خلفية العناد الإسرائيلي وفتح حكومة نتانياهو "معركة القدس" قبل أن تحسم "معركة الاستيطان"، وجهت الإدارة الأميركية تحذيرا مباشرا إلى الحكومة الإسرائيلية، من القيام بأي خطوات انفرادية، تستبق نتائج المفاوضات النهائية مع الفلسطينيين، على أساس أن هذا لن يكون محل ترحيب أو اعتراف من قبل المجتمع الدولي.

ولهذا يبدو أن نتانياهو وبتوجه متعمد ومباشر، بات يسعى إلى "تصويب" معركة حكومته مع الإدارة الأميركية، ونقلها إلى مجال يحظى بإجماع إسرائيلي، وتأييد غالبية يهود الولايات المتحدة (قضية البناء في القدس). خاصة بعد أن أعربت مصادر فلسطينية عن قلقها من توصل واشنطن إلى حل وسط مع إسرائيل بشأن الاستيطان، لا سيما بعد أن أخفقت في الحصول على موافقة حكومة نتانياهو بتجميد الاستيطان بشكل كلي، واعتبرت أن تصريحات أوباما التي انتقد فيها الدول العربية والفلسطينيين، بسبب رفضهم تقديم بوادر حسنة تجاه إسرائيل مقابل وقف الاستيطان، مؤشر إلى استعداد الولايات المتحدة للتوصل إلى صيغة توافقية، تتيح لإسرائيل الاستمرار في البناء الاستيطاني، بذريعة سد احتياجات النمو الطبيعي.

في هذه الأجواء يسعى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، لتكثيف متابعته لشأن سياسي "تسووي خاص"، تجلى مؤخرا في الحديث عن تسوية مرحلية مؤقتة، كان قد نجح بإقناع كل من نتانياهو وإيهود باراك بتبنيها، قبل أن يجري طرحها من قبلهما على الولايات المتحدة، وذلك استباقا لإعلان الرئيس أوباما مبادرته أو خطته للسلام الإقليمي في المنطقة. حيث ذكرت مصادر إعلامية وسياسية إسرائيلية أن نتانياهو في صدد بلورة فكرة "التسوية المرحلية"، كمشروع جديد لتسوية مؤقتة للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، يكون من نتيجتها إقامة دولة فلسطينية مؤقتة، وإن لم تكن على كامل ما يفترض أن تقوم عليه "دولة التسوية الكاملة أو النهائية". وهذا بالتحديد لا يناقض خطة سلامه الاقتصادي القائم على كانتونات حكم ذاتي، يمكن أن تطلق عليها تسمية دولة أو أي اسم آخر.

ويستند هذا المشروع إلى خطة قديمة، كانت قد طرحتها إسرائيل عام 2000، إلاّ أن السلطة الفلسطينية يومها بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات رفضتها، كونها تقوم على قاعدة إقامة "دولة فلسطينية مؤقتة"، من دون القدس ومن دون التطرق إلى تسوية قضية اللاجئين، وذلك على نحو 80 بالمائة من مساحة الضفة الغربية، مع حسم كامل الكتل الاستيطانية والطرقات التي توصل إليها، وهي بمساحة 10 بالمائة، على أن يؤجر غور الأردن لإسرائيل لمدة 20 – 30 عاما، بينما يؤجل البحث في موضوعي القدس واللاجئين إلى المفاوضات حول التسوية الدائمة، دون تحديد أي سقف زمني لذلك، رغم ذكر أن تلك المفاوضات سوف تجري بين دولتين (إسرائيل وفلسطين)!.

إلاّ أن الجديد في الأمر الآن، أن إسرائيل بصدد إعادة الاعتبار للوصاية العربية الموسعة هذه المرة، نظرا للوضع القيادي الفلسطيني، والتذرع بغياب الشريك الفلسطيني القادر على التوصل إلى اتفاقيات مقبولة مع الجانب الإسرائيلي، في ظل الانقسام السياسي والجغرافي القائم حاليا. لهذا تقترح خطة "التسوية المرحلية" من أجل الدولة ذات "الحدود المؤقتة" مفاوضات مع وفد من الجامعة العربية، يضم ممثلين للسلطة الفلسطينية. وهذا يعني أن الدور العربي بموجب هذه الخطة، يمكن أن ينحصر في محاولة إقناع، إن لم نقل فرض خريطة طريق جديدة، فحواها دفع الفلسطينيين للقبول بـ "دولة مؤقتة".

ليس هذا فحسب، فعلى الصعيد الإسرائيلي الداخلي، فإن ما يجري طبخه في صفوف حزب كاديما، قد يكون يسير نحو النضوج، خاصة في أعقاب الإعلان عن الخطة التي سبق لشاؤول موفاز أن كشف عنها، كمعبر لإقامة حكومة اتحاد وطني، عبر إقامة توافق وإجماع وطنيان على طرح "الدولة المؤقتة"، وهو مضمون اتفاق بيريز – نتانياهو – باراك الذي يظهر الآن مدى تطابقه وانسجامه بصورة مدهشة مع مشروع خطة موفاز، الذي تحدث يومها، عن دولة فلسطينية بحدود مؤقتة. وإذا استطاع نتانياهو استجماع قوة حكومته الحالية أو المعدلة، ربما في وقت من الأوقات، سيكون من الصعب على ليفني وحزبها البقاء خارج الحكومة، مع ما يطرحه هذا السيناريو من احتمالات انشقاق الليكود مرة أخرى، وحتى انشقاق كاديما ذاته. إلاّ أن دور إسرائيل في هذه الخطة سيكون هو الطرف المبادر، حيث ستدعو الدول العربية إلى مؤتمر موسع يضم الأميركيين والروس والأوروبيين والأمم المتحدة وكل العالم بسفرائه، بدلا من أن تكون مدعوة كباقي المدعوين، وهذا ما يصادر بشكل مسبق، ويعمل لإفشال كل من دعوة روسيا لمؤتمر موسكو، وأخيرا دعوة الرئيس الفرنسي لعقد مؤتمر دولي لذات السبب.

في النهاية إسرائيل تحتاج إلى الولايات المتحدة لترويج خطتها العتيدة، ولكن إذا استمر نتانياهو بعناده وصلفه وعنجهيته المعهودة، وانتقاله من معركة إلى أخرى في مواجهة إدارة أوباما، فذلك يعني أن إسرائيل ليست بصدد التوصل إلى أي اتفاق تسووي من أي نوع، ما سيدلل على أن حكومة نتانياهو ليست جاهزة فحسب، بل وترفض من حيث المبدأ التنازل عن أي شبر مما تزعم أنها "أرض إسرائيل"، وهذا هو الأرجح. وهنا يستعيد ألوف بن (هآرتس 17/7) حكاية إسحاق شامير الذي وقف على حد وصفه، ببطولة في وجه ضغوط بوش الأب ضد المستوطنات، إلى أن سقطت الصواريخ على تل أبيب في حرب الخليج، "أميركا حمت إسرائيل وجبت الثمن حين جرّت شامير إلى مؤتمر مدريد، وساعدت في إسقاطه من الحكم". هل هذه إشارة إلى إمكانية أن تكرر الولايات المتحدة مثل هذا السيناريو مع نتانياهو، إذا استمر في سياسة اللعب المزاجي وحيدا.؟؟ أم أن خطة "الدولة المؤقتة" يمكن أن تتيح توافقا أعلى بين الطرفين، انطلاقا من الاستعجال الأميركي الساعي إلى تثبيت أن شيئا ما تغير ويتغير، وأن هناك ما يتحرك وسط سماء ملبدة بغيوم سياسية وعسكرية ثقيلة الوطأ على الإستراتيجية الأميركية في المنطقة والعالم. فهل من السهولة وسيولة المواقف المتباعدة، أن يجد الإسرائيليون شركاء لهم (عربا) يمكن أن ينجحوا في تطويع موقف فلسطيني، ليس جاهزا في كل الأحوال، للإقدام على خطوة كهذه، تبعده عن مآلات "تسوية مرحلية"، ما تني تشهد فصولها الخلافية، حتى داخل الطرف الواحد؟ فما حال "التسوية النهائية"، إذا كان الحال هو الحال الذي نراه يتقلب على جمر الخلافات والاختلافات الأكثر من متباعدة، والتي باعدت وقد تباعد بين من يفترض أنهم أطراف في الصف أو الجهة الواحدة؟.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دقة الرصد والمتابعة
خالد عبد القادر احمد ( 2009 / 7 / 28 - 11:06 )
عزيزي ماجد:
تحيتي واحترامي على الجهد الذي تبذله في انضاج مقالاتك فهو مميز حقا ,
نحن فع بحاجة الى مثل هذا المستوى الجيد من المقالات الدسمة في المتابعة والرصد والتحليل السياسي والاستنتاج ايضا في النهاية ومن الواضح انك بدقة ترصد التاكتيك الصهيوني في محاولة حسم الخلاف مع الولايات المتحدة الامريكية , ذا الامر الذي ياتي في نطاق السعي الصهيوني لمزيد من الاستقلالية والانتقال من الوضع التنفيذي الى وضع الشريك في علاقتها بمراكز النفوذ العالمي
لك كل الاحترام والى الامام


2 - استيطان العقل
ابراهيم علاء الدين ( 2009 / 7 / 28 - 13:48 )
صديقي ورفيقي ماجد
كلما التقيتك صباحا تخلق في داخلي بلبلة مفادها كيف يمكن اقناع البعض بان التجرية تصقل الفكر وتمنح صاجبها المقدرة على ربط الذرات بعضها ببعض
ما يجري حاليا يا صديقي في بعض الناس لاهية بالبحث عن قوت يومها وضع الية للتطبيع العربي مع الكيان الصهيوني مقابل وقف الاستيطان ..
لكن السؤال الاكثر اهمية حول جدوى التطبيع وجدوى وقف الاستيطان هو الم يحن الوقت لوقف استيطان العقل ..
.. فاكتب يا رفيقي واكتب ربما استطعت وقف بعض الاستيطان
مع خالص التحية والاشتياق


3 - تحياتي الخالصة
ماجد الشيخ ( 2009 / 7 / 28 - 16:54 )
العزيزان خالد وإبراهيم
كم سعدت بقراءة تعليقيكما اليوم، فقلما اجتمعنا ونجتمع في صفحة واحدة، فالبركة بالحوار المتمدن التي جعلت ذلك ممكنا في زمن ليس كالزمن الذي مضى،
إن مشكلتنا الحقيقية في الاستيطان الذي يتعرض له العقل من جانب فطريات سامة كثيرة تنتشر وقد انتشرت منذ زمن طويل، ولن يستقيم للعقل أن يستعيد سلطته على ذاته وعلى موضوعاته طالما وجدت واستمرت أو تستمر مثل هذه الفطريات في فرض هيمنتها على عقول الناس في بلادنا.
خالص شوقي وتحياتي لكما وللجميع

اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ