الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق بين الإبراهيمي والعرب!

عزيز الحاج

2004 / 5 / 10
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


أتفق مع الساسة والكتاب العراقيين الذين يرفضون وصاية السيد الإبراهيمي على العملية السياسية العراقية، وهي وصاية تناقض تماما قرارات مجلس الأمن عن دور الأمم المتحدة في العراق، كما بينت في مقال سابق.

لا أعلم خلفيات اختيار شخصية عربية كالسيد الأخضر كموفد لكوفي عنان للعراق، وكان مطلوبا إرسال رجل غربي محايد لا تعرف عنه مواقف معارضة لحرب تحرير العراق ودعم نظام صدام. كان مطلوبا اختيار رجل غير عربي مع تحديد صلاحياته وفق القرارين 1483 و1515، وبلا ارتباطات بالأنظمة العربية التي شهدنا ونشهد مدى انتهاكها لحقوق الإنسان والحريات في بلدانها نفسها، فكيف يراد منها مساعدة العراقيين على تحقيق خطوات نحو الديمقراطية؟! إننا نعرف مدى التدخل الفظ للجامعة والأمين العام في الشأن العراقي والتباكي المنافق على سيادة العراق وحقوق شعبنا. إن كلا من أعضائها راح يتقدم بمشاريع سياسية خاصة بالعراق، وآخرها المشروع المضحك لليمن الذي يريد، فوق وصاية الأمم المتحدة، وصاية للجامعة العربية أيضا عليناـ ما شاء الله!! اليمن الذي لم يستطع منع مواطنيه من التطوع لنحر العراقيين مع عصابات صدام وبن لادن، والذي له من مشاكله الداخلية المزمنة ما يعفيه عن التصدي لموقف الوصي على العراق.

كم مرة كتب الوطنيون العراقيون والمثقفون العرب الشجعان عن الدور السلبي للعرب، من حكومات ومراجع دينية وأحزاب ورجال قضاء وإعلام! كم تحدثنا عن الإعلام العربي المخزي في الموضوع العراقي؛ هذا الإعلام الذي يستثمر اليوم استثمارا مغرضا وغير نزيه فضية سجن أبي غريب، من انتهاكات مشينة قام بها نفر من الجنود الساديين، الذين لطخوا سمعة جيشهم وقوات التحالف للحد الذي اضطر معه بوش وبلير وغيرهم من الاعتراف بخطورة الجريمة ووجوب معاقبة أصحابها بعد استكمال جمع الوقائع. وهذا هو الكونغرس يسائل وزير الدفاع فيعلن عن مسئوليته، وعن اعتذاره لشعبنا وعائلات الضحايا. ولكن الإعلام العربي المريض، الذي صفق للنظام الفاشي وعارض إسقاطه، وتعمد غمض العين عن جرائم ذلك النظام ومنها الاغتصاب الجماعي الذي كان يقوده المجرم عدي، وشكك في وجود مقابر جماعية للمواطنات والوطنيين المعارضين والأطفال الأبرياء؛ هذا الإعلام راح يستغل الفضية فيأبى غير التحريض على المزيد من الكراهية والدفاع عن النظام الساقط والحث على التحريض والقتل. وبدلا من أن يعتبر العرب موقف الحكومتين البريطانية والأمريكية والكونغرس والإعلام في البلدين مشرفا وجديرا بالحكام العرب الاقتداء به في التعامل مع شعوبهم، فإن بعض الإعلاميين راحوا يزيفون الصور وينقلون الصور الخليعة من مواقع إباحية، كاذبين علنا وبلا تعفف من تبرير صناعة التزوير. وقد أعلن رئيس حزب الوفد المصري أن الصور [المزورة] ليست هي القضية بل القضية هي الاحتلال الأمريكي في العراق! مبروك يا رجل! ترى ألا يذكرنا هذا المنطق الأفلج والمرائي بكل المواقف والتصريحات العربية التي تتستر وراء القضية الفلسطينية لتبرير الإرهاب، والحروب الفاشلة، والفساد، وانتهاك حقوق الإنسان العربي.

لقد كتب العديد من كتابنا عن التصريحات المتحيزة للسيد الإبراهيمي، ومحاولاته لفرض طبخة سياسية يكون للبعثيين دور أساسي فيها ك"تكنوقراط"، مرددا في ذلك المواقف العربية والفرنسية والروسية، ومكررا تصريحات السيد غسان سلامة الذي راح اليوم يتدخل أيضا، وبالتنسيق المثير للدهشة مع ممثل وزارة الثقافة العراقية لدى اليونسكو، في اختيار المثقفين العراقيين لمؤتمر في اليونسكو.

قبل قيام مجلس الحكم وما كان من فراغ سياسي وأمني هائل، كنت من دعاة حكومة تكنوقراط مؤقتة لمدة ستة شهور؛ ولكنني لم أفكر قط في اختيار مسؤولين بعثيين بل اقترحت أن يتقدم كل حزب وطرف سياسي بقائمة من الخبراء المقتدرين والمؤمنين بالديمقراطية والنزيهين على أن يكونوا مستقلين حزبيا لكي يتم اختبار نخبة منهم كحومة مؤقتة. أما وقد تشكل مجلس الحكم فالوضع قد تغير جوهريا، وأصبح للمجلس وأحزابه دور لا غنى عنه في السير بالعملية السياسية وهو ما ينص عليه قرار مجلس الأمن برقم 1515. وبرغم الأخطاء الكبرى للمجلس، وثبوت عدم كفاءة عدد من أعضائه، والانسياق الضار وراء المعايير الطائفية، فيجب أن تكون للمجلس كلمته الهامة بعد 30 حزيران القادم وبشرط العمل الجاد لتصحيح ما يمكن من الأخطاء، واستبعاد من برهنت التجربة على العجز عن القيام بالمسؤوليات الخطيرة المنوطة بهم.

على السيد الإبراهيمي، وما دام قد تقرر اختياره كأمر واقع، الالتزام بالقرارين 1515 و148. وأعرف أننا نطلب المستحيل منه ما دامت معروفة مواقفه في معارضة الحرب على صدام والتعاطف معه، والارتباط ببعض الدول كفرنسا والأردن قائمة. ومن هنا فعلى الأحزاب النخب العراقية السياسية وهيئات المجتمع المدني أن تشحذ يقظتها وأن لا تخفي عن التحالف معارضتها لمحاولات كوفي عنان والأخضر وفرنسا والجامعة العربية، وأن تعبئ القطاعات الشعبية المستنيرة ضد تلك المحاولات الماكرة المحفوفة بكوارث جديدة لشعبنا. أما طلب الخارجية العراقية من الجامعة إرسال"قوات سلام"عربية وبعدد 100000. فهو قمة الغرابة وبعد كل ما يعرفه معظم شعبنا عن الأدوار السلبية للأنظمة العربية من شعبنا؟؟ وهل يجهل مجلس الحكم أن العسكر العرب في العراق يعني تسهيل عمل عصابات صدام وبن لادن بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وأن هؤلاء العسكر مشبعون بسائر العقد العربية المريضة التي أشرنا لها، فهم وليدو الأنظمة، وتلاميذ "الجزيرة" وفتاوى فقهاء "الجهاد"؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية في بريطانيا.. هل باتت أيام ريشي سوناك م


.. نحو ذكاء اصطناعي من نوع جديد؟ باحثون صينيون يبتكرون روبوت بج




.. رياضيو تونس.. تركيز وتدريب وتوتر استعدادا لألعاب باريس الأول


.. حزب الله: حرب الجنوب تنتهي مع إعلان وقف تام لإطلاق النار في




.. كيف جرت عملية اغتيال القائد في حزب الله اللبناني؟