الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام والفساد

مهدي زاير جاسم

2009 / 7 / 30
الصحافة والاعلام


الفساد" مشكلة عالمية، وحسب التقويم الدولي المعتمد الذي وضع نسبة من 10 لمستوى الفساد في أي دولة.. والذي يعني مثلاً أن نسبة (10-10) تشير إلى أن البلد خالٍ من الفساد تماماً، على حين أن (0-10) تشير إلى أن البلد ممتلئ تماماً بالفساد، حسب هذه الإحصائية لا يوجد بلد في العالم أخذ نسبة (10-10)؛ لأن كل بلد لا بد أن يحتوى على معدل طبيعي من الفساد؛ بيد أن النجاح الحقيقي هو أولاً في الاعتراف الواضح بهذه النسبة من الفساد، ومعالجتها..

تلك الإحصائية المحايدة نفسها أشارت إلى أن أقل البلاد العربية والإسلامية فساداً هي الدولة راعية الإعلام؛ لأن ذلك الإعلام يكشف عن أشكال التلاعب والفساد والعبث؛ فيخافه الناس ويضربون أخماساً بأسداس قبل أن يتورطوا في قضية فساد قد يُعيّرون بها أبد الدهر.

محاربة الفساد إذاً بالإعلام والوضوح، والشفافية أول مبدأ لمكافحة هذا العنصر الخفي الذي يمارس أشغاله دون أن يخبر أحداً؛ فإخفاء الفساد أهم وأخطر من الفساد نفسه، بل هو أبشع أنواع الفساد؛ فكل دول العالم تحمل نسبة معينة من الفساد بيد أن "إصلاح" هذا الفساد والخطوة الأولى في معالجته تبدأ من الاعتراف به وقراءته قراءة جهرية تسمعها الصفوف الخلفية، كما الأمامية ليؤمن الناس بها.

إن وضع قوانين واضحة لحماية البلاد -والمال العام على سبيل المثال- تعني أن هذه القوانين من حقها التطبيق والرعاية والمحاسبة على التخلف في تطبيقها أو ممارستها، وأكثر بلدان العالم الجانحة للتطور ومنه العراق اعتمدت منظمات وهيئات مستقلة تقوم بهذه المهمة، وتكافح الفساد سواءً تحت اسم "هيئة النزاهة "، أو "ديوان الرقابة المالي"، أو "مكتب المفتش العام "، أو غيرها.. ليتم حماية الحق العام من العبث، فيه والخوض بغير حق أو إساءة استعماله، أو سوء إدارته..

وكل ذلك يعرّض القائم على ذلك سواءً كان شركة أو فرداً أو غير ذلك للمساءلة والاستفسار، وإيصال الموضوع للمحكمة المختصة إذا لزم الأمر، وهذا بالضبط هو ما تعنيه جملة "استقلال القضاء" بشكل أكثر وضوحاً.

الفساد الذي يكرهه العالم ويحاربه هو أهم من أن تضع "بخشيشاً" في يد فقير ضعيف، أو أن تزيد "عمولة غير قانونية" لموظف لا يكفي دخله الشهري إلاّ لفول الصباح "المدمس"! كما يحصل في بعض الأحيان؛ إن هذه الأشكال تشكل، طرق مخزية من الفساد والارتشاء، إلاّ أن أعمق منها وأضر، الفساد المشروع أو المبرر، أو الفساد الذي يعمل بالحيلة، أو ذلك الفساد الذي يطال مجموعة كبيرة من الناس، ويكونون كلهم ضحاياه، هو الفساد السياسي الذي يحدث بين السياسيين وأصحاب المناصب العليا والمتنفذين في الدولة والذين لهم اليد الطولى في التلاعب بالمال العام وسرقته في وضح النهار وبطرق شرعية وقانونية وتسمى "جرائم الياقات البيضاء"

سوس الفساد يعبث بالبلد حين تمارسه شركات أو مؤسسات أو تجار كبار، أول خطوة لمكافحته وحربه هو الاعتراف به وكشفه، وقراءته بوضوح وترتيله أمام الناس ليكون "إعلاماً نظيفاً"؛ فمعالجة المشكلات ولو بشكل خاطئ ينبئ عن معرفة الخطأ وبدء التحرش به، وذلك جهد ينبغي رعايته والحفاظ عليه؛ فهو أسمى آيات حب الوطن، والدفاع عنه والذبّ عن حرمته، وصون أمانته ؛ فالوطن الكريم حقيقٌ به أن تُحفظ كرامته وحقوقه وماله العام ، بدلاً من أن تُنال بريبة، أو تُستغلّ بما لا يرضاه هذا الوطن.

متى نعرف أن المال العام هو المال الخاص نفسه ، ومتى نفهم أن الممتلكات العامة وجدت لخدمتنا
وأخيراً ذلك الفساد الذي كافحه القرآن (إن الله لا يحب المفسدين) يتطلب منهاجاً وبرنامجاً متخصصاً لرعايته ، كما يكون في كثير من أمم الأرض لرعاية حق الوطن العزيز وحفظ ماله وممتلكاته العامة ، فهي لكل العراقيين وليس للدولة فقط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث