الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبذ نظرية المؤامرة ونبذ الارهاب وخواء العقل

عبد الرحمن كاظم زيارة

2009 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


ليست للحرب النفسية مواسم ، تظهر في بعضها وتختفي في بعضها الآخر ، انها الحرب التي تتصف بالاستمرار دائما . وتتعاظم اهميتها في عصر اضحت فيه المعلومة سلعة قابلة للبيع والشراء والاحتكار والخزن ، مثلما هي قابلة للتشويه والغش كأي سلعة تجارية يقف ورائها مستثمر غالبا ما يتصف بالجشع .
واهم ثلاثة سمات تتميز بهما الحرب النفسية التي تشنها الولايات الامبريالية المتحدة ضد خصومها هي: حذاقتها في استخدام العبارة او المصطلح بطريقة مختصرة جدا ، وطابعها الهجومي ، وقدرتها على تغيير الموضوع وتشتيت الانتباه . هذه السمات جعلت من اهداف حربها النفسية ممكنة في الوسط الاعلامي والثقافي العربي ، ليس كل الوسط بل بعض منه . فالمشاهد العربي للقنوات الفضائية يستطيع بسهولة وبعملية حسابية بسيطة ان يؤشر المصطلحات الاكثر تداولا في صياغة الخبر والمصطلحات المماثلة التي يرددها المحللون السياسيون والمتخصصون في الشؤون السياسية والعسكرية . كما يستطيع بسهولة الكشف عن تفاصيل شهادة ميلادها وأبوتها الامبريالية الامريكية . اما المرضعة والمربية فهم حفنة المهوسين بالثقافة الامبريالية الامريكية والتي يجترون سلعها المعلوماتية والقيمية بدوافع طفولية ليست بريئة وبطريقة تشبه التفاخر بآخر تقليعة من الازياء الحديثة . وفي اصطلاح " الارهاب" مثلا على ذلك :
ـ ان اول من روج اصطلاح محاربة الارهاب هو النظام المصري على خلفية نشاطات الجماعات الاسلامية منذ اغتيال الرئيس محمد انور السادات . الا أنه لم يجد آذان صاغية من الوسط الثقافي العربي .
ـ اطلقت الولايات الامبريالية المتحدة اصطلاح " الارهاب " والحرب على الارهاب على خلفية احداث جرت في عواصم مختلفة ضد سفاراتها ومنشآتها ومصالحها . فانتشر الاصطلاح كالنار في هشيم الوسط الاعلامي الممول حكوميا في الغالب .
ـ ولقد غفل الناشرون والمطبلون ان لفظة " ارهاب " قد حملت معنى وتوصيف منحرف عن معناها في اللغة العربية ، وعن معناها في القران الكريم . فاصبح اصطلاح " نبذ الارهاب" يتعارض مع مفهوم الارهاب كما هو في القران الكريم والذي يعني "الردع" . اما اصحاب الاصطلاح " نبذ الارهاب " فقد قدموا عونا مجانيا للخصم عندما تبنوا مقدمة تثبت ان الاسلام دين ارهابي وان القران الكريم يبشر بالارهاب ويشرع له .
فهل هي الغفلة ام الجهل ؟ ام الرغبة المريضة في جلد الذات ؟
لماذا تم اختيار لفظة ارهاب ولم يتم اختيار لفظة جريمة أو قتل ؟
ان الاختيار بكل تأكيد ليس اختيارا بريئا ، و ليس اختيارا عشوائيا ، بل هو اختيار مقصود يحقق اهدافا متعددة على المدى الطويل بصيغ غير مباشرة ويشتت انتباه المتلقي الاعلامي و" المثقف" عن الهدف اوالاهداف القصية .
انه أمر مضحك ويبعث على الاشفاق والسخرية مظهر اولئك المتحدثون عبر الفضائيات العربية وهم يرددون عبارة انهم "غير مؤمنين بنظرية المؤامرة" .فهل هذا القول يصدر عن عقول فقدت قابليتها على التذكر والتمييز بين حقائق الامور ؟ ام انهم يعملون لحساب الامبريالية الامريكية تزلفا ومجانا ؟
المؤامرة ! هل هي مبرر العاجزين عن تحقيق الكرامة والمنعة والاستقلال والرفاه والتطور لشعوبهم ؟ ام انها حقيقة تاريخية من تغافل عنها او انكرها لاعقل له ؟
وفقا لشهادة ميلاد " نظرية المؤامرة " فهي امبريالية امريكية المولد ، وبحضانة اعلامية عربية مدفوعة الاجر وباساليب مختلفة أقلها اتاحة فرصة الظهور الاعلامي، لترديد مفردات من قبيل الارهاب والاجندة ، ولست مع نظرية المؤامرة ، والشفافية ، دون وعي .. المهم ان حداثة المصطلح تتناسب مع حداثة ربطة العنق !
لم تكف القوى الاستعمارية والامبريالية عن تصنيع المؤامرات الخسيسة ضد الامة العربية والشعب العربي .. ومازال هذا ديدنها حتى اليوم وستستمر طالما يوجد ضعف فينا ،وطالما نملك عقولا لاتفرق بين حداثة ربطة العنق الانيق وتداولها وحداثة المصطلح واضراره الفكرية والمعنوية والاعلامية .
ولكي تمرر تلك القوى كل عدواناتها ومؤامراتها الخسيسة ضد وجودنا وثرواتنا فلابد لها من :اقناعنا بأن مآسينا في بلداننا التي تختزن الثروات النفطية الهائلة ، سببها حكوماتنا كما هي حالات العراق والسودان واليمن وغيرها . ففي الوقت الذي تمارس العدوان المسلح والحصار ، تستهزأ ابواقها الاعلامية التي غالبا ما يتولى النفخ فيها " مثقفون واعلاميون عرب " بـ " نظرية المؤامرة " . ويترتب على ذلك تحقيق هدفها في شخصنة الصراع ، برد اسباب المآسي الى سياسات الرؤساء والملوك . لتظهر تلك القوى المعادية بعد هذا بمظهر المساند والمتضامن مع الشعب العربي الذي يرزح تحت نظام " ديكتاتوري" و " غير ديمقراطي " و" يجبر مواطنيه على التجنيد الاجباري " و" يسبب الجوع لشعبه " الى آخره من العبارات التي تلقى على قارعة الطريق لتلتقطها العقول الخاوية وترددها كالببغوات .
نعم للانظمة العربية دور في توليد مآسينا ، الا ان مآسينا جرى تضخيمها عبر المؤامرات الدنيئة التي اسفرت عن الاحتلالات والصراعات الطائفية .
للاسف ان العقل لايشترى كما تشترى ربطات العنق ، وان العقل هبة من الله وعلى الموهوب ان يحسن إعمال العقل ، وإلا فهو كأسا فارغا تعب فيه الكلاب السائبة في بلادنا ما تشاء .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل