الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحزاب والحزب

نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)

2009 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


لم أكن في يوم من الأيام منتميا ً لأي حزب ٍ سياسي معروف أو مجهول. ليس لأن الواقع السياسي السوري والعربي لايهمني. وليس لأن السياسة َ أمرٌ لا يستهويني بل، وببساطة، لأن الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة لم تـُلـب ِّ طموحاتي وبخاصة ٍعلى صعيد تطبيق النظري وتحويله إلى واقع معاش. ولم تستطع أن تقنعني لدرجة أن أجيب النداء وأملأ استمارة الانتساب وأدفع الاشتراك الشهري وأشمرعن ساعدي للعمل فيها ومع أعضائها. ولست هنا في معرض كتابة نقد موضوعي، أو موتور ٍ غير موضوعي، للأحزاب السياسية السورية أو اللبنانية أو العربية إجمالا ً. هذه الأحزاب التي تكونت وازدهرت ثم انكـفأت حتى باتت واجهة ً لطائفة ٍ ما أو لجنة ً مركزية وبضعة سيارات وأبواق صداحة. بل أريد الحديث عن الحزب الوحيد الذي كان ومازال يستهويني ولم أجد له مكتبا ً واحدا ً أو مسؤولا ً واحدا ً أو حتى رقم هاتف أو موقع إنترنت أستطيع من خلاله الاتصال به كي أعـبـٍّر عن حماسي الشديد له واستعدادي لدفع اشتراكي الشهري وبمفعول رجعي إن لزم الأمر. في الواقع إنه حزب ٌ مختلف تماما ً عن بقية الأحزاب المعروفة. إنه انتماء ٌ لتيار ٍ جماهيري عريض له طعم ولون ورائحة وذاكرة وصوت ٌ رنان.
طعمه... طعم التبولة والبابا غنوج وكاس العرق ومتعة النسائم العليلة في يوم ٍ تموزي لاهب في أحد مطاعم إهدن. لونه... لون شقائق النعمان وبتلات وردة دمشق الزاهية العطرة المغناج وياسمينها الطاهر الصابر. لونــه... لون البحر السرمدي المتوسط الجامع الذي ما فتأت أمواجه تغسل شواطئ البلاد من أدرانها كل يوم. رائحته... رائحة الطيون والزعتر الحلبي والتين الأصفر العسلي وتفاح الجولان وعنب الشام والكنافة النابلسية وتمور بغداد. ذاكرته... ممتدة ٌ إلى ما وراء التاريخ. إلى إيل وعشتار وأور وأوروك وجلجامش وحـَـدَدْ وتدمر والبتراء. ذاكرة ٌ تطاولت حتى غطت الزمان ومحت حدود المكان. أما صوته... فصوت الملائكة التي وُعـِـد َ بها كـل مؤمن ٍ مهما كان دينه وملته. صوته يـُـذكر بقدرة الخالق الواحد الشامل العاطي الكريم الجبار المحب.
إنه أيها السيدات والسادة، وبكل انتماء، حزب فيروز وعاصي ومنصور. الحزب الوحيد الذي ترفع عن أن يكون حزبا ً سياسيا ً تقليديا ً وآثر أن يكون روحا ً سياسية ً تختلج في أجسادنا جميعا ً مع كل صباح. غنت فيروز الناس َ في كل ما غنت. دافعـت عـنهم في ناطورة المفاتيح وبنت الحارس. حـلمت معهم وعاشت أملهم في المحطة وزيفهم في ناس من ورق والشخص. محت حدود قهرهم وذلهم في سفر برلك ومجدت عنفوانهم في جبال الصوان.
حزب الرحابنة وفيروز، وأرجو منهم السماح لتجرئي على مسخ عظمتهم حزبا ً سياسيا ً، حزب ٌ نبذ التفرقة من أي نوع كانت، سياسية ً أم دينية أم عرقية والتزم بأخلاق ابن الضيعة وبنت الجبل وصدق وإخلاص وعـبقرية الفينيق الرافض للموت والمتشبث بجذور الحياة.
إنه حزب ٌ... لو انتسبنا جميعا ً له لما كنا بحاجة لميليشيات مسلحة وزعامات طائفية ومرجعيات دينية ودارات وأسماء وعائلات وأحزاب مزيفة وأهداف منافـقة فارغة أو مـُـفرَغة.
إنه الحزب الوحيد الذي يشرفني الانتماء إليه... فهل من شريك ؟










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق لصحيفة إسرائيلية بشأن الفشل الاستخباراتي يوم السابع من


.. حريق ناجم عن سقوط صاروخ على مستوطنة شلومي بالجليل الغربي




.. قناة إسرائيلية: هناك فجوات في مفاوضات صفقة التبادل وعملية رف


.. AA + COVER.mp4




.. -يفضل انتصار حماس-..أعضاء بالكونغرس الأميركي يهاجمون الرئيس