الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام اللبناني مختلف عن أنظمة المنطقة

اديب طالب

2009 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


والمعارضة اللبنانية مختلفة عن المعارضات الديموقراطية في العالم


بدهي أن الأنظمة تقوم في منطقتنا على دعامتين رئيستين، الأولى دعامة أمنية متجذرة في عمق المجتمع، ومسيطرة حتى على الهواء الذي يتنفسه أبناؤه. والثانية دعامة دولية هي الحبل السري الذي يوفر الحياة لتلك الأنظمة. والنظام السوري أنموذج على ما نقول، التوق والشوق السوريين لعلاقة أميركية سورية صحيحة، شجرتها الدائمة الاثمار والاستثمار في موضوعي بقاء النظام ووفرة المنافع المادية والسيادية.... ذاك التوق وذاك الشوق شأنان استراتيجيان في السياسة السورية، ديبلوماسية كانت، أو اقتصادية كانت، وغطاء أميركياً حمائياً من عوادي الدهر كان.
لبنان العظيم كما وصفه شهيد الحرية جبران تويني، لبنان الجميل نظام غير تلك الأنظمة، ومنذ عام 1860 كان الأساس في معاركه الثالوث المقدس: الحرية، السيادة، الاستقلال. والدليل على ما نقوله، أن حرية التعبير تسود حاضره كما سادت تاريخه المعاصر وتاريخه الحديث. وأن نظرة متفحصة لانتخاباته النيابية الأخيرة، ولتكليف الرئيس سعد الحريري المشروع ديموقراطياً وقانونياً ودستورياً، تكليفه، تشكيل الوزارة، وما أثاره هذان الحدثان الهامان جداً، تلك النظرة، مؤشر حيّ على صدق ما قلناه عن سيادة حرية التعبير في البلد العظيم الجميل.
ثمة موالاة وأغلبية وثمة معارضة وأقلية في بلد الأرز، الأمر المشابه لأغلب الأنظمة الديموقراطية في العالم، والمختلف موضوعياً هو متقارب عند الموالاة وعند المعارضة، أما ذاتياً فالفوارق شديدة الوضوح.
الموالاة والأغلبية، ومنذ عام 2005 والأصح منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بداية، ومعارك التخلص من الهيمنة وطلب الحقيقة والعدالة، وما ترتّب على تلك المعارك من شهداء أحياء وشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وكان هذا في الزمان وسطاً، ووصولاً الى النصر في الانتخابات النيابية الأخيرة، والنصر الديموقراطي في تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية... الموالاة والأغلبية وعبر كل هذا المسار المدمى، التزمت السمات الرئيسة في الصراعات الديموقراطية، وأهم هذه السمات: السلمية والشفافية واحترام الآخر، والتزمت روح الديموقراطية وجوهرها عندما لم تقابل العنف المسلح بمثله، ووافقت في مؤتمر الدوحة الشهير على التوافق الوطني، وحمت لبنان العظيم من فتنة لا تبقي ولا تذر. وعندما تواصلت الموالاة والأغلبية مع (الخارج)؛ تواصلت مع الاعتدال العربي والإسلامي، وتواصلت مع العالم الحر الذي حمى البشرية من استمرار النازية والشيوعية في عملهما المجرم في تدمير الحضارة البشرية، وهذا التواصل لم يغيّب ولو للحظة واحدة الحق العربي والفلسطيني في مسارات العدوان الإسرائيلي المستمرة في اغتصاب الحقوق وتعطيل فرص السلام.
المعارضة والأقلية، ومنذ عام 2005، والأصح ما قبله بكثير كثير؛ كان إيمانها بالحرية والسيادة والاستقلال ضعيفاً ومعدوماً بعض الأحيان. وكان سلوكها قهرياً عنفياً؛ ولأنه كان كذلك وكانت كذلك، خسرت الانتخابات، وخسرت قسماً من الشارع اللبناني، والأهم والأكثر خطورة على البلد الجميل؛ هو تواصلها مع (الخارج) اللاديموقراطي والمعزول دولياً، والمتسبب بنسبة، كبرت أم صغرت، بالفوضى التي عمّت المنطقة وعطلت فرص النمو السياسي والاقتصادي والأمني فيها، وفي البلد العظيم. أتذكر كم أخطأنا عندما تواصلنا مع النازية والشيوعية في الربع الثاني من القرن العشرين، وكانت النتيجة أننا أخذنا حصتنا من الهزيمة التي محقت الآفتين المذكورتين في السطر السابق. علّ المعارضة اللبنانية تتعلم درساً في حب الحرية من تلك الهزيمة؟!
تتكئ المعارضة اللبنانية والأقلية ـ وبعيداً عن جوهر اللبننة وعمقها المحلي الوطني ـ على تناقضات المحاور المتعارضة في المنطقة؛ لتحصيل أكبر قدر من كعكة السلطة (الوزارة) بعيداً عن أي مفهوم أو منطق له علاقة بروح الديموقراطية أو شكلها، واللذان تحققا راهناً وتاريخياً في مختلف الدول الديموقراطية وفي مختلف بقاع العالم، وهذا يعني أن المعارضة لا ترى في المرآة غير ذاتها ورغباتها، وبعيداً عن أبسط معطيات الاجتماع المدني الحضاري الحديث والمعاصر.
إن الاتكاء والاستقواء بـ"الخارج" ولتكريس الرغبات والمصالح الفئوية الضيّقة؛ لا ولن يحقق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، لا للوطن ولا للمعارضة ولا للموالاة. ولن يوصل ـ وهذا الأهم ـ الى حكومة ديموقراطية توافقية. وفي الوقت نفسه؛ لن تحقق الغلبة بالسلاح، أو بالتمدد الجغرافي والديموغرافي أي مكاسب لأي طرف، بل هي المدخل الى الفتنة، لا سمح الله.
أن ثمن الاتكاء والاستقواء بـ"الخارج" هو افتقاد المساحة المعقولة لحرية واستقلال القرار الوطني والفئوي معاً. وهذا الثمن ـ وبلغة المنافع ـ لا يوازي ما يكسبه طرف على حساب طرف، موالاة كان أم معارضة. وبدهي أن العلاقات المناطقية والإقليمية والدولية أساس في نشوء الدول وبقائها وفاعليتها ونمائها؛ إلا أن ثمة فرقا بين الارتهان والتبعية وبين ما يقتضيه بقاء تلك العلاقات ونموها بعيداً من العزلة والانكفاء عن العالم.
صحيح ما قاله رئيس الجمهورية اللبنانية السيد ميشال سليمان: "إننا للمرة الأولى نؤلفها ـ يقصد الوزارة الحريرية ـ بلا ضغوط أو تدخلات خارجية". ولكن الاتكاء والاستقواء بـ(الخارج) شيء، وضغوطه وتدخلاته شيء آخر.
لبنان بلد عظيم ورحمك الله يا جبران. لبنان بلد جميل؛ فلا تشوّهوا عظمته وجماله. الحكومة "الحريرية" قادمة وهي المولودة الشرعية لعظمة لبنان وجماله.
() معارض سوري











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله