الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخروج من الصفحة الأولى_راسم المدهون عن زهرة الجبال العارية

فرات إسبر

2009 / 7 / 31
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


زهرة الجبال العارية" لفرات إسبر
الــخـــــــروج مــن الــصـــفــحـــة الأولــى
راسم المدهون

توقفت أمام مجموعة الشاعرة السورية فرات إسبر الجديدة، "زهرة الجبال العارية"، والصادرة حديثاً. هو توقف فرضته اختلافات بالغة الوضوح عن ملامح تجربتها الشعرية، كما فرضه بالذات نضج فنّي كنت ألمحه مبثوثا هنا وهناك في قصائد مجموعاتها السابقة، بل شبه ضائع يبحث عن فضائه الواحد.
في "زهرة الجبال العارية" (منشورات دار بدايات، جبلة، سوريا، 2009) تنسحب الشاعرة من "حياديتها" السابقة، وتبدو أكثر اهتماما بالمغامرة والتجريب، والبحث الجدّي عن علاقة تربط القصيدة بمعادلها اللغوي والفني، كما برؤية للعالم المحيط لا تركن إلى صورته الظاهرة وتحاول استبطانها، واستنطاقها لتواكب في تعبيرية دافئة هموم روحها، وأحزان عيشها في منفاها البعيد هناك في نيوزيلندا، حيث التأمّل هو سمة حياة امرأة من الشرق وجدت نفسها هناك.
تنتمي المجموعة كثيرا إلى عنوانها الجامع، تنفتح على العلاقة التي تبدو وشيجة بين عري تلك الجبال وانحسار الفرح عن روح الشاعرة وقصائدها معا، وهو انحسار نعثر على مفرداته والكثير من تفصيلاته في "الوصفية" الطافحة بما يشبه رثاء وجدانيا لمشهد الطبيعة كما تراه حدقة الشاعرة ومخيلتها، وكما يتأسّس في لغتها الشعرية من انحياز إلى تعبيرية تزدحم فيها مشاعر الإغتراب الوجودي، الفردي والطالع من البيئة والحالة الإنسانية معا، في بساطة: "أطلقتُ سراح الجبال/ والزهرة في أقصى الشرود/ تفكّ أسر النجوم البعيدة./ تلبس الشمس عنقي/ وتضيئني نار./ يبتسم الصباح ولا يراني، يمضي/ ينوء بثقلٍٍِِِِِ/ٍِ ويبكي على نهار باع إرثه./ غيّرني الحبّ/ لم أعد الزهرة/ أو عطارد/ لم أعد باقي الكواكب امرأة، أنا/ تجوب البراري بنعل أحلام صدئ".
تجربة فرات إسبر الجديدة تذهب بجرأة أكبر في اتجاه تجريبية سلسة، تتجوّل بحرية أكبر في الموضوعات كما في الشكل الفني الذي يبدو مزدهيا بوشائجه مع معانيه وأفكاره ومع بنائيات القصائد التي تأتي من لحظة تأمّل، يمتزج فيها الوجداني بالروحي. يمكن رؤية ذلك في عملها على استنطاق مشهد الطبيعة في وحشيتها و"انفلاتها"، وثقلها على الروح لامرأة تتأمّل نشيجها الداخلي وتكتبه.
هي قصائد تقترب أكثر من من رسم الفكرة وإعادة تشكيلها وفق المخيلة، وتفعل ذلك بشغف واضح في التعبير بحرّية عن الوجد الخاص، واللوعة الداخلية، والرغبة في العثور على معادل فني لكل تلك الهواجس التي تعتمل في شقوق روحها، ونراها هنا وقد ازدهرت بأوراق الشعر وكلماته.
"الحنين ثوب ممزق" من أكثر القصائد حدّة في التعبير عن ثنائية الطبيعة وروح المرأة، والتي نظن أنها حكمت القصائد كلّها: "الحنين يتحدّث في غيابكِ/ تهزّه الرياح/ مجنوناً، تحمله أقدام لا بيت لها/ يحمل مفاتيح لا أبواب لها./ توقّفْ أيها الزمن/ ولنرجع إلى البيت./ يا حنيني/ يا ثوبي الممزّق/ من يرتق لي هذا الجسد،/ ويرتّب الألوان،/على أشكال قوس قزح؟".
من اللافت الولع بطواف لا يتوقف، في حزن له مذاق هادئ يغتني برؤى المخيلة وعصفها وجحيم انتقالاتها في التفاصيل التي تبدو مشغولة من تأمّل اللّحظة الرّاهنة بالذات. في هذا المعنى أعتقد أن فرات إسبر اعتنت كثيرا باللحظة الرّاهنة ولكن ليس في سكونيتها، بل في حضورها داخل الروح وفي شقوقها الداخلية، وربما يمكننا رؤية كثير من ملامح ذلك في ولع الشاعرة بالمشاهد الجامحة في الطبيعة، والتي تستجيب أكثر من غيرها ما يضطرم في داخلها من أوار.
تنسحب فرات إسبر في "زهرة الجبال العارية" من بداياتها، وتفتح صفحة مختلفة في تجربة تعد بالكثير في زحام أصوات شعرية سورية تكتب قصيدة النثر وتمارس تجريبها، وهي تفعل ذلك بفنيّات تمنحنا الفرح بالشاعرة والمجموعة معا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا