الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشتباك علي مستوي الذاكرة

يحيي رباح

2009 / 7 / 31
القضية الفلسطينية


وزير المواصلات الإسرائيلي في حكومة إسرائيل الحالية يسرائيل كاتس, يريد شيئا يذكر الإسرائيليين به, يريد أن يلفت الانتباه, والطريق الوحيد لذلك هو المزايدة, والمزايدة في إسرائيل تعني ممارسة أحط أنواع العنصرية ضد الفلسطينيين, سواء عبر الحواجز ونقاط التفتيش, أو عبر الجدار الذي يفصل الفلسطيني عن بقية أهله, أو يفصله عن كرومه وبساتينه وأرضه, أو عن طريق سحب هويات المقدسيين, وهدم بيوتهم بدعوى أنها غير مرخصة, أو أن ترميمها جرى بدون إذن من الاحتلال, وهكذا قائمة الممارسات العنصرية طويلة لا تنتهي, وبالتالي فان يسرائيل كاتس لم يجد شيئا يفعله سوى تطبيق مفهومه العنصري ليهودية دولة إسرائيل !!

فأصدر قراراً بأن المدن في فلسطين والتي عمرها أكثر من أربع آلاف عام, المدن العربية الكنعانية, يجب أن تحمل كلها الأسماء العبرية, فالقدس على سبيل المثال التي نلقبها باللغة العربية باسم القدس, وبالإنجليزية Jerusalem, وبالعبرية يور شلايم, يجب أن تكتب كلها باللفظ العبري حتى لو كتب اسم القدس بالحروف العربية فيجب أن يكتب يور شلايم وليس القدس !!

هذا قرار عنصري وغبي ويكشف عن الحقد والكراهية, ولكنه في نفس الوقت لا يعني شيئا, لأن الذاكرة الفلسطينية لا تشطب بهذه السهولة, ولأن ميراث الفلسطينيين في بلادهم التاريخية فلسطين لا يمحى بهذه الطريقة العنصرية الهابطة.

بطيعة الحال:
قرار وزير المواصلات الصهيوني يسرائيل كاتس يلقى معارضة شديدة, وبعض هذه المعارضة يأتي من آخر اللذين لم يفقدوا عقولهم بعد من الإسرائيليين أنفسهم, أما المعارضة الأشد فتأتي من المليون ونصف المليون فلسطيني عربي الموجودين في وطنهم فلسطين, وفي مدنهم وقراهم الكنعانية العربية العريقة, التي حين جاء نبينا إبراهيم عليه السلام, وجدها زاخرة بالحضارة والثقافة والقوانين والحياة.

لو تعمقنا أكثر:

فان هذا القرار هو تعبير عن ذروة الخوف الذي يسكن في عقول وقلوب الصهاينة العنصريين, لأن كل ما هو فلسطيني يخيفهم ويذكرهم بعدم شرعية الاحتلال الذي يفرضونه على الشعب الفلسطيني بقوة السلاح, فهم يخافون من البيوت القديمة ويريدون هدمها, ويخافون من بقايا القرى التي تم تهجير أهلها بقوة الإرهاب والسلاح ويريدون إزالتها من الوجود, ويريدون إزالة الأسماء الكنعانية العربية للمدن العريقة مثل القدس, واللد, وعكا, وحيفا, ويافا, والناصرة, حتى لا تظل هذه الأسماء تلاحقهم في نومهم مثل الكوابيس المرعبة.

بل أكثر من ذلك فان الصهاينة العنصريين يخافون حتى من مقابر الفلسطينيين القديمة, ومن الأضرحة, ومن المساجد والتكايا والزوايا, لأنها الشاهد الأقوى على أن هؤلاء المحتلين الإسرائيليين ليسوا سوى عابرين, عابرين في كلام عابر كما قال شاعرنا الكبير محمود درويش, مهما تجبروا ومهما طغت ممارساتهم الوحشية.

وهكذا فان معركة الأسماء العبرية وفرضها على المدن العربية, هي معركة أبعد من حدود القرارات التي يصدرها يسرائيل كاتس أو غيره, وأبعد من مناقشات الكنيست ومن حوار الصحافة ومن حقوق الإنسان, لأن الإسرائيليين يدخلون في اشتباك خاسر سلفا, اشتباك على مستوى الذاكرة, وعلى مستوى الميراث التاريخي, وعلى مستوى العمق العقائدي, وعلى مستوى إبداع الحضارة الإنسانية!!

وليس كل لص سارق يستطيع أن ينقش اسمه على ما سرق ويقنع الآخرين بذلك, فما زالت الأهرام مصرية بعد سبعة آلاف سنة رغم كل ما مر على مصر من غزاة ومحتلين, وستبقى فلسطين هي فلسطين, وستظل القدس أعظم ميراث عربي إسلامي حتى ولو كره الكافرون.

إسرائيل قالت لملايين المهاجرين الذين جاءت بهم ولملمتهم من أصقاع الأرض, قالت لهم " هذه بلادكم, وهي بلاد لم يكن يسكنها شعب", ولكن الأكذوبة لم تنجح بهذه السهولة, وأذكر على سبيل المثال أن رئيسة وزراء إسرائيل الأكثر شهرة جولدا مائير كانت تتحدث ذات يوم إلى حشد من الطلاب في معهد التخنيون بمدينة حيفا فسألها أحد الطلاب:
- من هم هؤلاء الذين يسكنون معنا في أحياء مدينة حيفا؟
فردت عليه قائلة:
- إنهم الفلسطينيون
فعاد الطالب يسألها بإلحاح:
- ولماذا لا نعترف بذلك علناً, بأن هناك شعب آخر في هذه البلاد؟
فردت عليه جولدامائير غاضبة:
- لو اعترفنا بوجودهم علناً, فمعنى ذلك أنه يتوجب عليك أنت وعائلتك أن ترحل لأن حيفا مدينتهم, وهذه البلاد كلها لهم!!

الأسئلة سوف تظل تطرق رأس كل إسرائيلي بقوة, والهروب من الأسئلة عن طريق قرارات حمقاء مثل قرار يسرائيل كاتس لن يفيد شيئا, والخوف الذي يلاحق الإسرائيليين سوف يستمر ويقوى, إلى أن تقوم دولة فلسطين, دولة الشعب الفلسطيني, وعاصمتها القدس الشريف.
[email protected]
[email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما مع مواصلة محادثات التهدئة في


.. إيران في أفريقيا.. تدخلات وسط شبه صمت دولي | #الظهيرة




.. قادة حماس.. خلافات بشأن المحادثات


.. سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع




.. سوليفان: لا اتفاقية مع السعودية إذا لم تتفق الرياض وإسرائيل