الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي لائحة المنع والتمنع

تامر المصري

2009 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


على ضوء الانشغال بما ملأ السمع والبصر، عن القدس وحكاياها، في عامها العربي الثقافي، الذي يحل عليها وهي في أوج التداعي، فيما العرب بها في أوج احتفاليتهم، التي تعطي كلاما ما استطاع اللسان بيانا، دون أن تمنح موقفا، يليق بحجم الكارثة التي تتهدد كينونة عروبة القدس وروحانيتها الدينية، إسلاميا ومسيحيا، جاءني من الكاتبة الأم، نادية عيلبوني في ﭭينا، تعليقا على مقالة سابقة، بصدد القدس، ما يلي: لا أخفيك أنني اعتبر الفلسطينيين والعرب، مسئولين مسؤولية مباشرة عن تحرير يد إسرائيل، لتهويد القدس، وذلك بسبب تلك الفتوى اللعينة التي منعت المسلمين، من زيارة المدينة طالما هي تحت الاحتلال، وذلك على إثر حرب حزيران في 1967. وكذلك الأمر بالنسبة للبابا شنودة الذي حرم زيارة المسيحيين للقدس تحت طائلة الحرمان من بركات الكنيسة، وفي تقديري أن مثل هذه الفتوى وهذا التحريم، كانا عملا أحمقا، سهل على إسرائيل الادعاء بيهودية القدس، والقيام بكل إجراءاتها على هذا الصعيد .. تصور من جانبك لو كان هناك سنويا، ميلونا زائر مسلم إلى القدس، يزورونها على مدار العام، ومثلهم من مسيحيي المنطقة العربية، هل كان بمقدور إسرائيل الادعاء أمام العالم بيهودية القدس!!؟ ليتنا نعمل من خلال مواقعنا وأقلامنا وعلاقاتنا كأفراد، على فك حصار القدس المفروض عليها، من قبل المسلمين والمسيحيين، وهذا أفضل ألف مرة من الصراخ والعويل، وهذا ما سيعطي لعملنا معنى ومغزى، وهذا على الأقل ما سيساعد المقدسين على الصمود المعنوي والمادي، من خلال ما سيدره مثل هذا التوافد، من فوائد اقتصادية وسياسية تلجم إسرائيل، عن الاستمرار في مشروع تهويد القدس ـ انتهى الاقتباس ـ .

لم يكن بمقدور أحدنا أن يطرق بابا، كان من التابوهات في سنواتنا العجاف، في زمن الممانعة، التي سبقت سنوات الهوان التي نعيش في عهد التسويات، ومبادرات الإجماع العربي بالسلامات المرفوضة إسرائيليا، كمثل هذا الاقتراح لما فيه من عقلانية، كان سيسميه البعض تطبيعا، خدمنا فيه دولة الاحتلال بتمنعنا، من حيث لا نعلم، خدمة تفوق ما كان ملتبسا على قائمة تمنياتها قبل نكسة حزيران الطويلة. بيد أن الحراك العربي الإسرائيلي الحالي، مدا وجزرا، سرا وعلنا، يعطينا الحق في مراجعة الذات من منظور مصلحة القدس، التي زفرت أشعارها وشُعارها، في ذروة ألم الاختلاس والاستيطان الذي تتعرض له، من غير حول ولا قوة من أحد منا، سوى أن نزيدها شعرا ونثرا، وفي أحسن الحالات، بيانات استنكار وإدانة، قد تتطور إلى نُصح بالتحذير، يوجهه عقلانيونا إلى إسرائيل من مغبة إسرافها، في حملها القاضي، بوأد القدس في ثوب عروبتها، واستبدالها، بقدس أخرى، لا نسمع عن شكلها إلا في أساطير الهيكل المزعوم، حيث لا عربي فيها، ولا مئذنة ولا ناقوس، عدا أبواق الكنس وأصوات المزامير.

يضيرنا أن تصبح القدس في محبس بوجهين، على لائحة المنع والتمنع، تزداد قسوة إحداهما، كلما اشتدت قسوة ثانيهما، نتفهم دوافع أُولهما الاحتلالي، حتى يجيء وعد أُخراهما، بوعي عربي حصيف، يعمل على فك أغلال القدس التي تتكاثر يوما بعد يوم، بالانفراد والاستفراد العبري، بأهلها وما ملكت يمينها، من ثوابت المكان وعلائم هويته. ويسيئنا أن نفوت على أنفسنا، فرصة للمقارعة والمحاججة، في القدس أو من أجلها، وكأننا في إجازة اختيارية عن نوع راق من أنواع المقاومات، فضلنا أن نكون فيه، عربا ومسلمين ومسيحيين، غائبين عن المشهد، بفعل (الحرد) على إسرائيل، ما دامت تحتل القدس. حتى في توقيت احتفاليتها الثقافية التي ثبتت وعيا، كان ضائعا عند أجيال لم تكن مضطرة للاستزادة عن المدينة، علما ودراية، لم تكن القدس في سلم أوائل العواصم العربية التي حظيت بالتعيين الثقافي، إلا بعد حين، دون أن تشفع لها استثناءيتها في التكوين، ضمن السياق الروحي والديني والتاريخي والثقافي والظرفي الآني، لأن تكون ولكنها صارت.

يحز في نفس ساكنيها أن يكونوا فرادى، في موقع الاستهداف والتصفية والتهجير دون نصير، كلما حز في طول المدينة أو عرضها، حد الاستيطان، لتتقلص حينا فحينا، وشيئا فشيئا، على وقع اندفاع إسرائيلي وإعراض عربي. ليصبح المطلوب فعلا، أن يصحح مجموعنا العربي، مفهومه للممانعة والتطبيع والمقاومة، لتبويبها في الإطار الصحيح، كأن تصبح أكثر فاعلية في مقاطعة دولة الاحتلال، وكل ما اتصل بها، من علاقات وشراكات وتجارات وثقافات وانبطاحات، يقابله تعزيز لمفهوم الرابطة العربية والمؤازرة، التي تأنف في شِقٍ منها النخوة، أن تكون القدس تحت حراب الاحتلال، دون أن تتوجه إليها البصائر، ببصيرة ثاقبة، تفترض في مغزاها، أن يكون الجميع سواء، في القدس، حجيجا وزائرين، مع أهلها، كخط دفاع وحائط صد، منعا لمزيد من الاستفراد العبري المحموم حتى الجنون، بالمدينة، التي نخشى عليها انفصام عروبتها عنها، بعد حين، إن بقيت أحوالها تراوح مكانها.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصب خيام اعتصام دعما لغزة في الجامعات البريطانية لأول مرة


.. -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية إنسانية بعد اجتي




.. مستوطنون يتلفون محتويات شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة


.. الشرطة الألمانية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لغزة بجامعة برلين




.. غوتيريش يحذر من التدعيات الكارثية لأي هجوم عسكري إسرائيلي عل