الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجناة ومزبلة التاريخ

أحمد الجنديل

2009 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يفقد الحوار مقوماته الموضوعية ولا يملك سوى أسلوب الدم ، فذلك هو الخراب بعينه ، وعندما يتمنطق المحاور بالرصاص معتقدا أنه الطريق الأمثل للتغلب ، فهذا هو الإفلاس بعينه .
المعترك السياسي في العراق يشهد اليوم كثيرا من لغة الحوار الدموي وقليلا من لغة الحوار الموضوعي تحت مظلات الشعارات الزائفة والعناوين الفارغة .
والساحة السياسية في العراق تتدفق اليوم بسيل المحن والكوارث والأزمات ، وأطراف اللعبة السياسية لا يروق لهم خوض المعركة إلا عن طريق الرصاص للبرهنة على أنهم أصحاب الحق المطلق الذي لا يأتيه الباطل ولا ينوشه الشك ، وكلما ارتفعت لعلعة الرصاص وتصاعد نزيف الدم وازدادت طوابير الأرامل والأيتام ، هتفوا للديمقراطية والسلام .
والعراق وعبر مخاضاته العسيرة وعلى امتداد تاريخه الطويل لم يشهد مثل ما يحدث اليوم من متاجرة رخيصة بأصناف الخطابات السياسية التي جعلته ينوء تحت ثقلها ويتمزق بحرابها ، وأصبحت الحياة العراقية ترقص على معزوفة الاغتيالات اليومية والاعتقالات الجماعية والخطف العشوائي ، ودخلت إلى قاموس حياتنا مفردات ما عرفناها من قبل دفعت الأحداث إلى التسارع لتكون أكثر دموية وشراسة على جسد العراق المنكوب .
وممّا يزيد الفجيعة عمقا ، أنّ رماح القوم لا تغرس إلا في صدور الفقراء والمظلومين من شعب العراق .
وممّا يزيد الكارثة قبحا ، أن ّّ الذين يسقطون كلّ يوم من القتلى هم من الذين لا حول ولا قوّة لهم من شعب العراق .
وممّا يزيد المحنة اتساعا ، أنك لا ترى في الأفق بارقة من أمل لتعطيل ماكينة الموت التي يديرها أبطال المشهد السياسي .
وبدلا من أن يعتمد الحوار على لغة التراحم دون التخاصم والجدال دون القتال والمحاورة دون المناورة من أجل انتشال العراق من محنته واستعادة كرامته واستقلاله إلا أن التمسك بمنهج الحوار بالرصاص من قبل أبطال القرار ظل هو السائد لأنهم لا يملكون طريقا بديلا عنه طالما بقي الهدف المركزي بعيدا عن دائرة الوطن والوطنية .
ورغم أن هذا الأسلوب المدمر قد أثبت فشله الذريع وأفرز ولادة مشهد ينزف بالدم والقتل والجريمة لأبناء هذا الشعب إلا أن ( كهنة الفكر وشيوخ الموضوعية ودعاة الحق وجهابذة احترام الرأي ) يصرون على انه الطريق الأوحد الذي يحسم الأمور باتجاه تحقيق الأهداف المركزية .
إن ما يحدث في العراق من صراع دموي راح ضحيته مئات الآلاف من العراقيين الفقراء جاء نتيجة حتمية منذ دخول هذه القوى إلى دائرة الصراع وهذه الدائرة لا تعرف إلا أسلوب القوة وفرقعة السيوف والمنتصر فيها من يمتلك مفاتيح القتل والبطش وهي دائرة تفضي إلى شريعة الغاب وليس بإمكانها تحقيق هدفا واحدا يصب في مصلحة الوطن والشعب . وإذا لم تتمكن القوى الوطنية من أداء دورها الكبير لتغيير هذا المنهج فستأتي النيران لتأكل الجميع وعند ذاك ستكون مزبلة التاريخ مفتوحة الذراعين لاستقبال من كان سببا في دمار العراق وأهله ، ومزبلة التاريخ كجهنم كلما امتلأت صرخت هل من مزيد ؟؟؟ .













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير