الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطفالنا يهددهم مستقبلهم المشحون بالوباء .. أين الحل ؟؟

حامد حمودي عباس

2009 / 7 / 31
ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟


في موضوع سابق ، روت لنا الكاتبه العراقيه ناديه كاظم ، حكاية الاطفال الذين قررت الحكومة السويدية احتضانهم عنوة بعد ان بلغها وعن طريق احد الابناء ، بان الاب ( القادم من الشرق العربي) قد هددهم بسكين لكونهم تصرفوا بطريقة لم ترضيه اثناء تواجد العائله في احدى محلات بيع الحلوى . وكانت الكاتبه ممتعضة جدا من اسلوب السويديين وعدم اتسامهم بالرحمه امام توسلات الوالدين باعادة اطفالهم اليهم ، وقد اعيد الاطفال الى أمهم بعد وفاة الوالد حيث غاب المسبب وانتفت الحاجة الى عملية الاحتضان .
وروى لي احد العراقيين بان احد معارفه في فرنسا ، وهو استاذ جامعي يقيم هناك منذ بداية الثمانينات ، قد تعرض لمسائلة السلطات الفرنسيه ، كون ان آثارا للضرب بدت على وجه احدى بناته ، وحين استجوبت عميدة الجامعه التي تدرس فيها البنت عن اسباب كدمة ظاهرة على وجهها ، فقد روت لها الحقيقة حينما ادعت بانها نتيجة لمشاجرة عابره مع اختها في مطبخ المنزل عندما اختلفن حول غسل الصحون واعداد الطعام وكان ما كان .. والد الفتاتين قدم اعتراضا للشرطه بكون ان الحادث يحمل من الخصوصية ما لا يسمح للجهات العامه ان تحاسبه عليه ما دام الامر لم يتسبب بأذى خارج حدود منزله ، وكان الجواب حاسما لا مزحة فيه ، انكم في بلادنا فرنسا ، وعليكم الالتزام بقوانيننا وأعرافنا ، وعندما تكونون تحت رعاية حكوماتكم بامكانكم قطع رقاب بعضكم البعض ، وسوف لن تجدوننا قريبين منكم .
كلتا الحالتين عاشتا معي ضمن محاورة مع الذات ، لأقارن بين أن أكون على صواب أم لا حينما أقرر بأن بواعث التخلف الظاهرة وبشكل واضح على كافة مجالات حياتنا ، هي نتيجة منطقية لما زرع في دواخلنا من أسباب حاولت مقدساتنا أن تجعلها نواميس لنا لا يمكننا الخروج منها بيسر، فالطفل في بيئتنا تعلمنا تلكم المقدسات والنصوص بأن نعامله بضرب التأديب حتى يكون صالحا خلال مراحل نموه الاولى .. كانت محاورتي مع ذاتي في هذا المضمار تجعلني متلبسا بذنب مراقبة الغير حينما أتسمر في مكاني عند منظر طفل يتعرض للاهانة أو الضرب فيستدعي الامر الى احتجاج من ذويه عن تدخلي حتى وان كنت احتج بالصمت فقط .
في بداية الشهر الحالي ، وبينما كنت أتوهم بانني أخلد لراحة البال ، وبعد سهر حتى الصباح بسبب الضجيج القاتل والآتي من مكبرات الصوت في عرس عربي طبقت فيه كل اعراف الاعراس العربية من بواعث الازعاج ، وجربت فيه كافة كاسيتات الدبكة ، وتفنن الاخوان بتثبيت عدد لا يستهان به من مكبرات الصوت على الاسطح القريبة ومنها سطح شقتي المستأجره هرعت لي زوجتي لتطلب مني التدخل فورا لانقاذ طفل كان ابوه قد ربطه الى جذع نخلة في وسط داره في الشقة التي نشرف عليها من عل ، وعندما اقتربت من النافذة المطلة على ساحة دار الرجل افزعتني صرخات الطفل مصحوبة بضربات قوية عرفت بعدها بأنها بواسطة شريط مطاطي صلب كان يهوي به الوالد على جسد ابنه العاري ، لم تنتهي عملية التعذيب الابوية الا بعد توقف الصبي عن الصراخ ولم يبقى الا صدى ضربات السوط ، والغريب ان والدته كانت بالقرب منه لا حول لها ولا قوة امام جبروت الزوج ، الرجل القيم على كل شيء في حياتها وحياة صغارها .. لم تستحمل زوجتي تراجعي عن انقاذ الطفل فذهبت دون الاستأذان مني الى حيث تقف زوجته لتعلمها بان الصبي قد يتعرض لحالة من حالات مرض الصرع لو استمر الامر كما هو عليه ، همست الام في اذنها بانها لا تستطيع التدخل والا سيكون مكانها في نفس مكان ابنها المسكين .
مرت علي عدة ايام وانا لا أستطيع الخلود الى النوم دون ان أفكر باحاسيس ذلك الصبي والذي اصادفه كل صباح يمرح في الشارع المقابل مع اقرانه ، وآثار السياط على وجهه وجسده ، كانت هذه الحاله تتكرر باستمرار مع بقية اخوته ، وكنت كلما التقيت بابيهم المتعجرف صدفة المح على محياه كل مخلفات الارث السقيم لماضينا الموبوء بالظلم وامتهان النفس البشريه ، لقد كان يلزم ابنائه الصغار كل صباح يوم جمعه على ارتداء ملابس التقوى والذهاب معه للاستماع الى الخطبة العصماء لشيخ الجامع ، وحين يعود بهم الى المنزل لا يمر وقت طويل حتى تسمع صراخ احدهم عند خضوعه للتأديب الاسلامي وفق الشريعة وبامانة تامه .
أنا لا يهمني ان ينبري لي بعد حين ذوو مشاعر الاصلاح الديني ليقولوا لي وللاخرين بان الدين لم يامر بهذا ، بل يهمني معرفة من هو المسؤول عن ظلم يقع كل يوم على تلك الاجساد الغضة في كل مكان من شرقنا العربي المتمتع بنعمة التقوى والعفاف ، أهو القانون ، أم المدرسه ، أم اصول التربية المجرده ، أم ان خلفاء الله على ارضه من الفقهاء بالدين هم الذين يتحملون وزر مظالم ابنائنا الضحايا ونسائنا السجينات في غياهب العدم وعوائلنا المحكومة بتعاليم الرب في عليائه ، والتي لم يتكرم أحد بالوقوف عند تفسيرها باتجاه يخدم البشر ويزيح عنهم لجة هذا البحر المتلاطم من اليأس والموت والجهل والمرض والجمود العقلي وعدم تقبل الجديد ؟؟ .
من نفس النافذة الملعونه والتي اسمع من خلالها يوميا صراخ المعذبين بسياط القهر ، استمع صباح كل يوم الى صوت معلمة كم تمنيت ان يتاح لي بان أطير لأتلقفها من حنجرتها اللئيمه حيث تصرخ ولفترة تمتد لطيلة زمن الحصة المقررة للدرس ( صلى الله على محمد ) .. فيجيب التلاميذ الصغار في مرحلة الروضه ( صلى الله عليه وسلم ) .. لتدوم هكذا دوامة في هيجان متبادل حتى يتعب الصغار، فتضعف اصواتهم والمعلمة المفترسه مستمرة بافتراس ارواح البراءة باصرار غريب لا تريد حتى تغيير نبرة الهتاف ولا استبداله بهتاف آخر .. نفس الصراخ وذات الترديد ، وليس من مجير للاطفال الابرياء من أمر ترديدهم المتكرر ولطيلة اكثر من نصف ساعه لجملة واحده دون أن يعرفوا سببا لذلك الهوس الغير مبرر، وتكليفهم بلوك جملة واحده لا يفهمون معناها وهم في سن الروضه المبكره .
النافذة المسلطة علي فجر كل يوم ، حيث اضطر للوقوف عندها لتحضير فطور بناتي وهن يقمن بالاستعداد للذهاب الى مدارسهن ، كانت تجلب لي المتاعب بدل ان تكون مصدر ارتياح لشم نسيم الصباح .. فلقد كنت اشاهد من خلالها استعراضا يرسم امامي صورا من مستقبل أطفال الروضة المجاوره ، حيث ألاحظ وباستمرار تجمع الصبيان في جهة معينه من الساحه والفتيات في الجهة الاخرى وبشكل تلقائي لم يأمرهم به أحد على ما أعتقد .. البنات يلعبن مع البنات ، والاولاد مع الاولاد .. لم ألحظ أية مخالفة يقدم عليها احد الجنسين بالاختلاط بالجنس الآخر ، ولم تحاول المعلمة التي تقوم بالمراقبة في أن تثني الاطفال عن هذا الانعزال الارادي والمقلق والذي من شأنه أن يبني روحا انعزالية ستبقى تفعل فعلها في حياتهم المستقبليه .
لقد أدركت وانا اراقب بتمعن منظر ساحة الروضة المجاوره لشقتي كنه أن يكون ابناؤنا مصدرا لاقلاق مجتمعاتهم حين يكبرون ، فمنهم من يمتشق السلاح حاملا واجب الدفاع عن دينه ، أو قاتلا يقتل اخواته دفاعا عن شرفه المسروق ، أو أنه يحيا مريضا بتأثير الخوف من مخالطة الناس وابتعاده عن الاقتراب من الجنس الآخر .
لا تنتهي تلك الحيرة من كنه اصرارنا على احياء مباعث التخلف فينا وعند كل مفصل من مفاصل حياتنا اليوميه ، ولا تجد أنفسنا راحة بايجاد مفسر قادر على أن يغنينا عن تعب البحث والتقصي ، ليقول لنا بأن رجال ديننا هم الذين يتحملون الوزر الاعظم في بقاء مجتمعاتنا الحاضرة وفي المستقبل رهن اعتقال التخلف والتراجع والموت البطيء ، أو يتحفنا ببديل مقنع آخر يجعلنا نبريء هؤلاء المتربعين على عروش التسلط علينا فنخضع لهم أنفسنا وأموالنا ونفتح لهم بيوتنا دون مقاومه .. حينها سوف تنتهي تلك النزعات الداعية لما يسمى بالتحرر، فنخلع حتى ملابسنا الحالية لنلبس العمة ونطيل لحانا ونقصر من ثيابنا ونستفيد من شرعة الزواج من اربعة بدل البقاء مع واحدة حتى الممات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا للكاتب
رعد الحافظ ( 2009 / 7 / 30 - 21:08 )
يا لوعة روحك وتحملك لمشهد جلد الطفل البريء من أبيه الوحش الاسلامي
ويا طول صبرك على صوت المعلمة المنكر ل تدمر به سمع الاطفال الورود
أحيانا نشاهد فديو قصير يردد فيه طفل لا يتجاوز السادسة دعاءً مراً من أعماقه..ليقول اللهم اقتلهم ..اللهم إحرقهم ..اللهم رمل نسائهم..الخ الاغنية
ثم يقوم الشيخ بالثناء عليه قائلا .والله إنك ولد رائع وطيب ومبروك.. بعدها
يأتيك المتحذلقين والظلاميين يخرجون من جحورهم ليقولوا بكل خسة ودناءة الاسلام بريء من أي عيب..المسلم هو السبب
ألا شاهت الوجوه..كم أدمنوا الكذب والنفاق والرياء..مثل جارك الذي يجلد أطفاله ثم يأخذهم الى المسجد ليكمل الحصة العملية بالنظرية لتخريج شباب المستقبل...شكرا سيدي الكاتب مع أنك أدميت مشاعرنا بوصفك لهم


2 - موقعنا من الأعراب
الحكيم البابلي ( 2009 / 7 / 31 - 04:06 )
شكراً سيدي الكاتب ، إذا أردنا تبديل ما في نفوس أبناء شعوبنا ، فليس أصح من إتباع تربية الأطفال على أسس وتعاليم حضارية لا دينية لأنه ليس هناك أية حضارة في الدين
موضوعك هذا يأخذ أولويات تفكيري عندما أفكر بالمشاكل المستعصية لأوطاننا العربية ، وليس أصح من القول الشهير -خذوهم صغاراً-، وللأسف الشديد فأن الجامع والجاهل والحاقد والأرهابي هم الذين يطبقون هذا القول الشهير وليس أصحاب الفكر والثقافة والمعرفة
هنا في أميركا القوانين التي تحمي المرأة والطفل صارمة الى أبعد الحدود
قبل فترة زمنية قامت سيدة أميركية بصفع أبنها الصغير في محلي التجاري ، وخلال دقائق تم القبض عليها داخل المحل ، لأن أربعة نسوة أخريات قمن بالأتصال بالشرطة بواسطة تلفوناتهن النقالة
الأمة التي لا تحترم ولا تعطف ولا ترحم نسائها وأطفالها أمة ستكون في أخر قائمة الأمم المتحضرة ، حيث تتموقع أمتنا اليوم بألضبط
تحياتي


3 - الشرطة عنصريون ضد المسلمين؟؟؟
وليد ( 2009 / 7 / 31 - 08:55 )
حالات كهذه تحدث في النرويج بأستمرار. أذ يقوم الوالد بضرب اطفاله الصغار فيترك آثارا يكتشفها معلم أو جار أو احد العالملين في البلدية فيخبر بها الشرطة وتبدأ القضية بتحقيق ثم بسحب الأطفال.

حينئذ يذهب الرجل الى المسجد ويجمع تواقيع على اعتدال الأب وعدالته مع شكوى ضد الشرطة وضد من أخبرهم بالعنصرية والحقد على الأسلام والأسلام فوبيا.

رفضت التوقيع على تلك الشكاوي المستمرة. واتهموني بأني ضد لا أدافع عن المسلمين. وكنت اجيبهم: أنا أدافع عن الأطفال ضد الاب العديم الخلق. أنا مع الطفل الضعيف ضد الأب القوي الطاغي. أنا مع الأم المسكينة ضد الأب المتجبر..


4 - خير سبيل للعلمانية الوسطيه
حامد حمودي عباس ( 2009 / 7 / 31 - 12:19 )
مع امتناني الكبير للاخوة الاعزاء رعد الحافظ والحكيم البابلي على مشاركاتهم القيمه ، غير انني الفت الانتباه لما أورده الاخ نبيل من النرويج من حالة تدعو للتأمل ، ولا أعرف تفسيرا آخر يمكن ان تفسر به سلوكيات اخواننا المسلمين في النرويج غير انها سلوكيات تنبع من معتقداتهم الدينية والتي تشكلت بموجبها تربيتهم الشخصيه .. لا أعرف حيال هذا السلوك العام والذي يفضي الى جمع تواقيع المسلمين في المساجد لاتهام الشرطة النرويجيه بالعداء للاسلام حين تحتضن الطفل المسلم وتخلصه من جور ابيه وتحيطه بالرعايةالحسنه ، غير ان اكون علمانيا محاربا للاسباب الحقيقية للتراجع الفكري والاخلاقي لمجتمعاتنا ، أفتونا ايها الداعون لخلق علمانية جديده يكون مكانها المساجد تيسر لنا نحن المتعلمنين ان نشارك في حملة تواقيع كهذه .. مع فائق احترامي للاخ وليد على موقفه الداعي للفخر والاعتزاز


5 - تصويب
حامد حمودي عباس ( 2009 / 7 / 31 - 13:11 )
اعتذر عن ايراد اسم الاخ وليد خطأ في بداية تعليقي رقم 4


6 - مانخوليا يتستر عليها مروجو العقائد
العقل زينة ( 2009 / 7 / 31 - 16:53 )
لا أستطيع إتهام مروجي العقائد بأنهم السبب الرئيسي لتلك المانخوليا التربوية ولكن وبما أنهم يشرحون كيفية دخول بيت الراحة وطريقة التبول يمينا ويسارا والإستنجاء وكل ما يختص بحياة المؤمن وسلوكياته وحتي أفكاره.... فأنني أدينهم لأنهم يتركوا الحبل علي الغارب للرجل المتزوج وغير للعبث في تربية الأطفال و قهر النساء


7 - في الصميم
مختار ملساوي ( 2009 / 7 / 31 - 18:55 )
تحليلك في الصميم،
إنها مأساة فعلا. علينا أن نتعمق أكثر في الأسباب التي تجعل المهاجرين المسلمين، خاصة، يرفضون الاندماح في المجتمعات المضيفة، ليبقوا يعانون التمزق النفسي عشرات السنين.
أعرف الكثير من المهاجرين الجزائريين بفرنسا ممن حاولوا ترحيل أبنائهم وخاصة بناتهم نحو الجزائر مخافة أن يتحرروا من العادات والتقاليد التي حملها الأب أو الأم معهما ويحرصان على فرضها على أطفالهما. أعرف مهندسا استفاد من منحة الحكومة الجزائرية للدراسة في ألمانيا ثم طاب له المقام فاستقر هناك ثم تزوج من ألمانية، ولكن عقله توقف عن النضوج منذ أن هاجر. أنجبا الزوجان طفلتين وطفلين وبعد سنوات قليلة تمكن الزوج من إقناع زوجته فأدخلها الإسلام ثم تمكن من إقناعها بضرورة ترحيل البنتين إلى الجزائر لتتربيا في حضن مجتمع مسلم وتسلما من مخاطر الحياة الغربية الخطيرة على المرأة.
عاشت البنتان في الجزائر عند أمه وكبرتا وتحجبتا ولزمتا البيت، فما أتعسها حياة .
تحياتي

اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟