الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدافع الجنرال

سعدون محسن ضمد

2009 / 8 / 1
كتابات ساخرة


أكثر ما يخيف في الآيديولوجيا أن لديها قدرة هائلة على تبرير جرائمها، وأخطر ما في هذه القدرة أنها يمكن أن تقنع حتى ضحاياها. خطر الفرس القادم من البوابة الشرقية للأمة العربية كان خدعة آيديولوجية استخدمت لتبرير مجازر ومقابر وحروب واضطهادات ومطاردات صدام، وهي خدعة استخدمت لتبرير انفراد الدكتاتور بالقرار السياسي لكنها انطلت حتى على من تحولوا لحطب في نار حروبه المستعرة.
وما يؤكد قدرة الآيديولوجيات على الكذب والتضليل أن أغلب الأحزاب الآيديولوجية ـ دينية وغير دينية ـ التي عانت من اضطهاد صدام وكافحت من أجل الخلاص منه وقعت بنفس فخه الذي وقع فيه. فخ الكذب والتضليل من أجل الانفراد بالسلطة. هذا ما تبادر إلى ذهني على الأقل وأنا أسأل الاكراد في أربيل، خلال الأيام القليلة التي سبقت الانتخابات البرلمانية والرئاسية هناك، عن ميولهم الانتخابية، وفوجئت أن عددا لا يستهان به ممن سألتهم يخافون من التصريح بهذه الميول، بل أن بعضهم تحدث عن مساءلات تعرضوا لها من قبل قوى الأمن، بسبب إعلانهم عن ولائهم السياسي المناوئ للأحزاب الحاكمة. والبعض الآخر تحدث عن إجباره ـ بصورة غير مباشرة ربما ـ على رفع صور وملصقات دعائية خاصة بجهات نافذة. وهذا أمر أشعرني بالاحباط الكبير. فما الذي يدفع أحزاباً عانت من دموية الاستبداد وناضلت للخلاص من جوره إلى ممارسة نفس أخطائه، إن لم نقل جرائمه؟ وهل يعني تكرار هذه الظاهرة أن النضال كذبة وأن جميع المناضلين كَذَبَة؟
أعتقد أن الجواب على هذا السؤال مرسوم على ملامح العراقيين المحاصرين بالمفخخات والأحزمة الناسفة والكتل الكونكريتية ومشاكل الكهرباء والبطالة والاتصالات ووووو الخ. فملامح هذه الجماهير تكشف عن كذبة النضال لأنها جماهير مناضلة انتخبت مناضليها وهي تعاني الآن من استئثار هؤلاء المناضلين وفسادهم وربما حتى بطشهم.
قصة الجماهير وكذبة النضال من أجل الآيديولوجيا لن تنتهي، وأبو ذر الذي آمن (بالآيديولوجيا الإسلامية) وانقلبت عليه يوم مكنت منه عتاة قريش وجلاوزتها، عاد للإيمان بالآيديولوجيا القومية أو الشيوعية أو البعثية أو العنصرية أو (الميليشياوية) وكل هذه الآيديولوجيات انقلبت عليه عندما تمكنت من السلطة، لكنه مع ذلك لا يكف عن الإيمان بها، ومايزال يمسك بسلاحه ويقف في الميدان للدفاع عنها، يفعل ذلك بينما قائده في النضال ينتظر بمكان بارد وآمن فرصة الوصول إلى السلطة لينقلب عليه من جديد ويبعده في صحراء الحرمان والفقر والتشرد..
رجل الأمن الكردي الذي يمنع الأكراد من التعبير عن ميولهم السياسية بحرية ويجبرهم على رفع ملصقات محددة مثال صارخ على أبي ذر جديد، فهو مؤمن بآيديولوجيا سرعان ما ستنقلب عليه عندما يقف في طريق (نضالها) الذي لاينتهي. نعم فنضال الآيديولوجيات وقادتها لا ينتهي، وإذا انتهت حرب القائد (الضرورة) في يوم ما فإنه سيكون مضطراً لخلق كذبة حرب جديدة تقنع الجماهير بأن الخطر محدق بها وبأن بقاءه على هرم السلطة سبيلها الوحيد لمنع إبادة (كيمياوية) موشكة على التهامها. وهذا يعني بأن جنرالات الشرق وقادة نضاله لا يفهمون فكرة التقاعد وأنهم بعد نهاية النضال من أجل الحرية يتحولون إلى مرض قمع واستبداد، وأن مدافعهم التي كانت موجهة ضد المستبد قد تحول فوهاتها بين ليلة وضحاها إلى صدور الجماهير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحل المناسب
ابو محمد العراقي ( 2009 / 7 / 31 - 23:39 )
لن يتمكن الشعب العراقي وباقي شعوب المنطقة من العيش بكرامة وحرية مالم يؤسسوا للدولة العلمانية التي تتبنى القوانين الوضعية لتسيير امورهم وتنضيمها 0سنبقى ننادي وباعلى الاصوات ماكو زعيم الا0بالروح بالدم0نعاهد نجاهد0تاج تاج0سيبقى طلاب السلطة يستخدمون ابا ذر للوصول اليها ومن ثم اغتياله على مذبح الجياع0تحياتي لك


2 - الحل المناسب
ابو محمد العراقي ( 2009 / 7 / 31 - 23:39 )
لن يتمكن الشعب العراقي وباقي شعوب المنطقة من العيش بكرامة وحرية مالم يؤسسوا للدولة العلمانية التي تتبنى القوانين الوضعية لتسيير امورهم وتنضيمها 0سنبقى ننادي وباعلى الاصوات ماكو زعيم الا0بالروح بالدم0نعاهد نجاهد0تاج تاج0سيبقى طلاب السلطة يستخدمون ابا ذر للوصول اليها ومن ثم اغتياله على مذبح الجياع0تحياتي لك

اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟