الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدينة الثورة .. وقود الحروب والازمات

فراس الغضبان الحمداني

2009 / 7 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعد مدينة الصدر التي كانت تسمى مدينة صدام وقبلها مدينة الثورة من اكبر المستوطنات البشرية الشعبية في الشرق الاوسط ، ويقارب عدد سكانها 4 ملايين نسمة ، لكن حصتهم من نفط بلادهم لاتتجاوز في المتوسط العام دولارا واحدا في اليوم ولذا فهي من اكثر المناطق في العالم فقرا وظلما .

هذه المدينة المحشورة شرق قناة الجيش والمزدحمة بسكانها جاء باهلها الزعيم عبدالكريم قاسم واراد ان يمحوا مظلوميتهم ويعوظهم عن ظلم الاقطاع في ريف الجنوب ، لكنه لم يتسنى له ذلك وتركهم مقطوعي الجذور في المدينة يعتاشون على الحرف والمهن البسيطة والتي لاتليق باابن الريف ، بل ان الاوضاع الانسانية في هذه الارض الضيقة والبيوت المختنقة باكثر من اسرة تعد كارثة انسانية ،ولوكان هذا الامر في غزة او في الاحياء الشعبية المصرية والمخيمات الفلسطينية لهان الامر وعرف المبرر .

لكن ان تبقى هذه المدينة على حالها وتضاف اليها مساوىء كثيرة ناتجة عن الخروج على القانون واساليب الشطارة والغالب والمغلوب والفوضى والحروب بين العشائر وزيادة التخلف وخداع الناس في الشعارات الدينية والهروب من المدارس وتشغيل الاطفال في مهن لاتليق في عمرهم ، جميعها مؤثرات تؤكد ان هذه المدينة وفي غياب الخدمات الاساسية قد تدهورت وتراجعت وانخفض مستواها الثقافي والاجتماعي والرياضي .

ان هذه المدينة كانت على الاقل في الستينات والسبعينات قد انحبت العديد من النخب الثقافية والادبية والاكاديمية وكانت لها فرق رياضية تنافس المنتخب الوطني وكادت ان تتخلص من التقاليد الظلامية والعقليات العشائرية المتخلفة ، فظهرت فيها حركة سياسية وشباب كانوا يلتهمون الكتب الثقافية بانواعها بحر الصيف وبرد الشتاء وتجدهم مزروعين تحت كل شجرة عالية في قناة الجيش يرسمون للعراق مستقبلا واعدا ويحولون الحلم الى حقيقة فكانوا هم المبدعون والمناضلون .

ولكن كل هذا الاجتهاد والجهاد قطف ثماره اناس كانوا خارج حركة النضال .. زوروا ناريخهم وشهاداتهم وتوجوا انفسهم اولياء على الشيعة وعلى اهالي مدينة الثورة التي لم يتغير فيها شيئا قط الا اسم المدينة .

لقد تم استخدام الملايين منهم وقودا للحروب في زمن النظام السابق بدات بحرب الشمال وقادسية صدام وحرب الخليج وام المعارك حيث زهقت ارواحهم ظلما وعدوانا تحت شعارات عربية واسلامية ووطنية ، وبعد سقوط الصنم تم صفحة التحريض الطائفي وذهب الالاف منهم مدفوعين باسم المذهب والدين بحرب طائفية اججها تجار الحروب والمتطرفين ودول الجوار .

والنتيجة الان ان اموال النفط اصبحت في جيوب البرلمان والوزراء واعضاء مجالس المحافظات والبلديات ، والذين شكلوا احزابا بدلا من حزب البعث المقبور .

فما الذي تغير من هذه المدينة ، فما زالت مدينة الصدر عبارة عن مستنقع كبير تغطيه المجاري وتحيطه جبال من النفايات وتجوب شوارعه العصابات المنظمة وبعضها تمارس الاجرام لانها كانت ضحية لهذا الواقع الماساوي ولكونها ترى كبار القوم يسرقون وبصورة قانونية ولم يجدوا امامهم الا استخدام السلاح والنصب والاحتيال والتزوير للحاق بمركب الانتهازية الذين تسلقوا اعلى المناصب وهم يعرفونهم بالاسماء واحدا واحدا ويتذكرون سيرتهم الذاتية الغير عطرة وواقعهم المفجع وكيف اصبحوا الان .

وازاء ذلك فان ابناء هذه المدينة المظلومة لاينتظرون وعود صابر العيساوي بانجاز مشروع 10 في 10 وهو تحويل المدينة الى عمارات سكنية حديثة وهذا المشروع بحد ذاته اعتراف بان الحكومة قد فشلت في تطوير واقع المدينة فابتدعت هذا المشروع ولا ندري هل سيرى النور ام انه سيبقى مثل بقية المشاريع الاستراتيجية حبر على ورق .

وامام هذه المعادلة لم يجد اهالي مدينة الثورة لو انك عرضت عليهم استطلاعا حقيقيا تسالهم فيه عن الاسلوب الامثل لانقاذهم .. فان غالبيتهم العظمى ستجيب بانها تريد حصتها من النفط وان يستلم كل مواطن حصته شهريا ويتصرف بها لانقاذ اسرته من هذا الواقع المؤلم ، فهو لم يعد قادرا على انتظار معجزات من حكومة نخرها الفساد والمفسدين وبنيت على اساس المحاصصة وتزوير الشهادات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أنها حكاية وطن
زهراء ( 2009 / 7 / 30 - 21:36 )
عزيزي أستاذ فراس تحية تقدير وأعتزاز .
١٠ في ١٠ ليست أكثر من خدعه يراد بها الضحك على عقول أناس بسطاء لجرهم لهذا الحزب أو تلك الجماعه ..نعم أهالي هذه المدينه ضحية عقود الظلم والقمع التي ألقت بخيرة العقول في مقابر المعتقلات ..وخلقت جيلاً من الشباب المغيب عديم الثقافه ..أنها مأساة وطن أكثر من مدينه مظلومه أنعم عليها بوش الأبن بالموبيل والدش ليفرح شبابها بتي شيرت على الموضه تنسيهم سنين البالات الطويله .
عدت لتوي من مصر بلد العشوائيات التي تبالغ بعرضها الأفلام وكلي أعجاب بحكومه جعلت القاهره والأسكندريه وشرم الشيخ من أجمل المدن وكلي أيضاً حسره على وطن وأهل لم يعرفوا للراحة طريقاً ..لعل العراق بحاجه لدكتاتور يبني وطن أكثر من حاجته للصوص يرقصون على دماء الأبرياء تحت يافطة حرية الكلمة ...لو أن بوش كان قد جلب معه دكتاتوراً نظيفاً لحقن دماء ملايين العراقيين ..شكري وتقديري لك ولقلمك الجميل.


2 - الإسلام هو الحل
مارك توين ( 2009 / 7 / 31 - 08:38 )
أشلون ما دا أدعبلها بفروة راسي .. تطلع نفسها
مدينة الثورة راح تصير فيدرالية أقليم الصدر وتنفصل عن بغداد ، لأن من الجوادر وغاد كلها جديدة ، يعني بعد مرحلة الجمهورية الأولى لما جانت الثورة مدينة نموذجية .
اليوم صارت أكثر كثافة سكانية من مدينة موناكو ، مع الفارق طبعاً في كفر وصليبية موناكو .. وأيمان ومظلومية وفقر اهالي وجماهير مدينة الثورة سابقاً ، وصدام لاحقاً ، والصدر حالياً ، وطبعاً هذا التطور حدث أرتباطاً ( بظاهرة عولمة رأس المال والظواهر السياسية والأقتصادية وما صاحبها من تطور وثورة في وسائل الأتصال ) ، وأعتماداً على ما أثبتته نظريات التجحيش والتطرف الديني، من أن اغلبية العراقيين أصبحوا فئران مختبرية في هذا الزمن الأغبر الذي ضاع فيه الفرق بين السُلطة الخضراء ، والسَلطه الخضراء ... بالمناسبة .. ما ذكرته عن ( مدينة الصدر عبارة عن مستنقع كبير تغطيه المجاري وتحيطه جبال من النفايات وتجوب شوارعه العصابات المنظمة ) ، يمكن تعميمه على بغداد والكثير من المدن والمحافظات البلدات في عراقنا الديمقراطي الزاهر حالياً .


3 - الله يكون في العون
أمجد ماجد ( 2009 / 7 / 31 - 08:45 )
خاب الظن في قيادة الصدريين....عمت عيونهم الكراسي عن توفير الخدمات الاساسية لهذا الشعب المنكوب بقياداته

اخر الافلام

.. هل يُحطم رياضيو أولمبياد باريس كل الأرقام القياسية بفضل بدلا


.. إسرائيل تقرع طبول الحرب في رفح بعد تعثر محادثات التهدئة| #ال




.. نازحون من شرقي رفح يتحدثون عن معاناتهم بعد قرار إسرائيلي ترح


.. أطماع إيران تتوسع لتعبر الحدود نحو السودان| #الظهيرة




.. أصوات من غزة| البحر المتنفس الوحيد للفلسطينيين رغم المخاطر ا