الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل الجسور الواصلة

أحمد الخمسي

2009 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


في قلب الأوضاع

في لقاء صحفي نظمه معهد التنوع الإعلامي البريطاني بالرباط، تبادل الصحفيون الحاضرون من أوربا والمشرق وشمال افريقيا، وجهات النظر حول قدرة الصحافة على صياغة الرأي العام بكيفية بناءة. وتساءلوا عن الشروط المعنوية لذلك. الهدف هو مساهمة الصحافة في توفير مناخ اندماج الناس، زبناء الصحافة ضمن المشاريع المجتمعية المستقبلية لمجتمعاتهم. كيف إذن يتمكن الصحفيون من تلقيح التواصل البناء مع إبراز حقائق التنوع الغني لمقومات مجتمعاتهم، من النواحي الإثنية والدينية والجنسين والأجيال والانعكاسات العولمية؟ كما طـُرح السؤال/التحدي الذي يضع في الميزان الحرية والمسؤولية معا؟ يفرز صحافة مسؤولة ذات رسالة؟ لكنها قد تصبح في خصام مع أحد الأطراف. أو يصاب بلوثة صحافة الإثارة بقدر كبير من الاستجابة للنزعات السلبية في أعماق المجتمع: قد تكون أوجه التمييز والعنصرية والهيمنة الفئوية فيها بحقن تبلغ درجات التخدير والتضليل والتجييش داخل المجتمع، لكنها تبيع "المنتوج"!
كانت الأجوبة أو حالات وصف أوجاع الصحافة العربية متعددة، فقد أبرز زملاء من الأردن، مفارقة الميول نحو أطروحة الدولة الأردنية بصدد الفلسطينيين، بتعلة عدم تشجيع القول بالتوطين، هناك مس واسع بالحركة الوطنية الفلسطينية في الأردن، كلمات حق يراد بها الباطل. هدفه التضييق على التعاطف مع الفلسطينيين في الأردن. وفي أوربا، هناك اليمين الذي يعادي بل يصعد وتيرة العداء للمهاجرين. فتلتقط عبر الهواتف النقالة أو الفيديو أو اللقطات الوثائقية في الأشرطة السينمائية، ما يستفز الرأي العام الأوربي المتسامح والمناصر لقضايا المرأة، قصد إظهار التزمت والتمييز ضد المرأة والموقف الديني الظاهر بالقطع النصي ضد بعض الأديان.
إن التجارب الغربية غنية بدور الصحافة في تخصيب الحالة السياسية والدفع بها نحو الحراك. فقد كتب دافيد هيوم عن حيوية حرية الصحافة. التي تلعب الدور المزدوج: التعميم والتعميق لما تقتضي المرحلة والظرفية نشره. بما يعني تجاوز ما سبق لأحد الحكماء أن وصف به السلوك البشري عموما. من كونه وهو يعيد إنتاج نفسية "حرب الكل ضد الكل" (جون لوك)، وهذا أحد ميكانزمات صحافة الإثارة، يساهم في البناء نعم، لكنه يبني الجدران ولا يبني الجسور. ليس من باب الصدفة أن تشتهر مؤسسة فرنسية في الهندسة بتشكيل جزء هام من نخب مراكز القرار. ألا وهي مدرسة مهندسي الطرق والقناطر. لكن الصحافة وهي تشتغل على التربة المجتمعية، فكيفما كانت هلامية الخطوط التحريرية، فالخط الأحمر هو عدم بلوغ الإثارة حد تسميم الرأي العام. إن الخطر التسميمي المذكور يتعاظم في حالتين: حالة خلل في العنصر الموضوعي، وهو السقف السياسي إذا ما أصابه الجمود فيصبح دور الصحافة أكبر من حجمها. مما يؤهل عملها ليصبح كالنار في الهشيم. وخلل في العنصر الذاتي، حالة الانخفاض الثقافي لدى الصحفيين أنفسهم. مما يميل بهم إلى مساومات لا مبدئية ضمن تحويل الأداة الصحفية إلى مطية للسياسوية أو للحرفية أو ذوي المصالح المتضاربة المتصارعة صراعا طاحنا، مما يجرف معه مكونات الرأي العام، المفروض في بنائه، اتباع آليات المدى الاستراتيجي بمكوناته الثلاثة: العلم والتعليم والإعلام، مع الطاقة الدافعة للإنتاج: الحرية، حرية التعبير.
وفي خطاب العرش، طرح الملك يوم الخميس الماضي، أجندة سياسية مستقبلية ترتبط بصميم الصحافة الجهوية: اللجنة الاستشارية للجهوية.
كما طرح استكمال هيكلة الدولة وفق التصميم المرسوم في الدستور: المجلس الاقتصادي الاجتماعي الكفيل بنقل الانتقال من السياسي (المخزن السياسي) إلى الاقتصادي (المخزن الاقتصادي). لتتبوأ نخب المال والأعمال موقعها في قرار السياسة الاقتصادية. بل وتنتقل نحو دور البناء في الاقتصاد السياسي نفسه.
من المفروض أن تعيد هذه الأجندة تزويد محركات العمل بطاقة دافعة متجددة. يتحرك معها العنصر الموضوعي، وتنتزع العنصر الذاتي من حرفيته وميكانيكيته وسجاليته. لتعيد لمقوماته المبدعة جذورها وآفاقها الرحبة. لترتبط بالأجندة المقترحة، ولتساهم في بناء الجسور الواصلة بدل رفع الحيطان العازلة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار