الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دردشة مع سمبريرو

أحمد الخمسي

2009 / 8 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


خلال هذا الأسبوع، يوم رابع غشت، تحل الذكرى السنوية لمعركة واد المخازن. وكانت محاولة من القوات الأوربية لإنجاز نقلة نوعية تاريخية في حسم ميزان القوى بين الشرق الإسلامي العربي وبين الغرب المسيحي الأوربي. لكن السحر انقلب عن الساحر بكيفية مروعة. بحيث كانت الجيوش الإيبيرية الاسبانية البرتغالية تتقاسم مناطق النفوذ لتوسع سيطرتها العسكرية على العالم. فعبأ البرتغال أنصار المشروع المسيحي الداعي إلى استعادة النفوذ الأوربي المسيحي على شمال افريقيا مثل ما كان عليه الأمر في عهد الرومان والبزنطيين. وكانوا بذلك يلتفون على التزايد المضطرد للحضور الإسلامي في شرق أوربا بعد سيطرة العثمانيين على القسطنطينية (1453)، فاستكملوا طرد أجداد المغاربة من الأندلس (1492)، بعدما خاضوا من أجل ذلك 3700 حربا طيلة القرون الثمانية (من الثامن إلى الخامس عشر). عبأ البرتغاليون كل الكاثوليك الذين أرادوا التأكيد لأنفسهم وللمحتجين البروتستانت المنشقين عن كنيستهم، أن كلمتهم هي العليا في العالم المسيحي كله. إذ كانت مسؤولية سقوط القسطنطينية متروكة لكاهل السقالبة الأورتوذوكس.
وفي الوقت الذي جعل البرتغال المغرب صوب احتلاله من خلال الإنزال في منطقة الخلوط والهبط (قرب قبائل رهونة وبني كرفط وأهل سريف وأحواز القصر الكبير)، كانت اسبانيا تمرغ فرنسا في الذل عبر احتلال واجهتها المتوسطية وشمال إيطاليا متحالفة مع الأمبراطورية الجرمانية الرومانية المقدسة، لتتمكن من الاستمرار في السيطرة شمال فرنسا على أقاليم الأراضي المنخفضة (بلجيكا وهولندا اليوم). فكان للمغرب ثغرة للتسلل الدبلوماسي داخل أوربا، قصد معاكسة الأهداف العسكرية البرتغالية. كان البرتغال قد أخذ الضوء الأخضر من البابا ومن اسبانيا لإنجاز مشروعه التاريخي في ما يعرف اليوم بجهة طنجة تطوان. للانطلاق نحو شمال افريقيا بكاملها. أما التسلل المغربي فتم عبر مساندته للهولنديين في الانعتاق من السيطرة الإسبانية. وكان ذلك عبر التبادل التجاري في المواد العسكرية من أسلحة وذخيرة.
ولما حصل الاندحار البرتغالي في القصر الكبير، سنة 1578، لم يتمكن الإسبان من الاستمرار في منع الهولنديين من إعلان استقلالهم في السنة الموالية. كانت أوربا تعاني ساعتها من مرض الحروب الدينية، بحيث قاد كارلوس كينطو الحروب تلو الحروب لمناهضة حركة الإصلاح الديني. وكانت حركة الإصلاح الديني البروتستانتية تناضل ضد الفساد داخل الكنيسة الكاثوليكية، طيلة القرن 16 وحتى منتصف القرن 17م. ويمكن القول، إن انتصار المغرب في اللكوس (واد المخازن)، زعزع الأرض الأوربية نفسها تحت الجبروت الإيبري الذي استقر عقله السياسي على خوض الحروب ضد المسلمين في شمال افريقيا كما ضد المسيحيين المحتجين فوق أوربا نفسها. الأمر الذي انعكس في روح الانتقام من المسلمين واليهود وتكرار حملات التطهير العرقي على الأقل في مناسبتين ساحقتين: 1587، و1609. لكن في المقابل، ارتفعت معنويات المصلحين المسيحيين البروتستانت، وتمكنوا من تقــزيم الحضور الإسباني الكاثوليكي في الأراضي المنخفضة وفي سويسرا. بحيث كان الاعتراف الرسمي بالكيان السياسي المستقل لدولتين جديدتين لهولندا البروتستانتية الليوثرية ولسويسرا البروتستانتية الكالفينية، بموجب ما أصبح يعرف باتفاقية ويستفاليا الشهيرة (1648). وبأكثر من معنى، كان الانتصار المغربي في اللكوس، ضربة استراتيجية. قوّت حظوظ الحضور التركي العثماني فوق أوربا، بحيث لم تمر عشر سنوات عليه إلا وتمكن الجيش التركي من الوصول إلى فيينا، وهي عاصمة للامبراطورية الحليفة لحركة الاستعمار الاسباني طيلة القرن 16. بل عززت الإرادة الانجليزية في الرد على اسبانيا التي هاجمت انجلترا في عقر دارها. فلم تحطم انجلترا الأرمادا الاسبانية في الشواطئ الانجليزية فقط، بل لم تترك القرن 17 يمر دون السيطرة على جبل طارق نفسه، بداية القرن الموالي.
إن الذكاء الاستراتيجي المغربي اليوم بإنجاز المينائين المتوسطيين، ضمن سياسة خارجية مرتبطة عضويا بالسياسة الداخلية التنموية، يتطلب من الصحافة الاسبانية، من أمثال سمبريرو أن ينكبوا على نصح الساسة الإسبان بحسن تدبير العلاقة مع المغرب، بدل الانشغال بألوان الملابس الداخلية المغربية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر مصرية: وفد حركة حماس سيعود للقاهرة الثلاثاء لاستكمال ا


.. جامعة إدنبرة في اسكتلندا تنضم إلى قائمة الجامعات البريطانية




.. نتنياهو: لا يمكن لأي ضغط دولي أن يمنع إسرائيل من الدفاع عن ن


.. مسيرة في إسطنبول للمطالبة بإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة و




.. أخبار الساعة | حماس تؤكد عدم التنازل عن انسحاب إسرائيل الكام