الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل العراق دولة حرة ؟

نجاح العلي

2009 / 8 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الحرية مسألة نسبية وليست مطلقة، تختلف باختلاف نظرة الاخرين لمفردة الحرية بحسب انتماءاتهم وايدلوجياتهم ومدارسهم الفكرية، فهل الانسان حر بشكل مطلق؟ ام ان هناك قيودا قانونية واجتماعية تفرض قسرا على الانسان من اجل تنظيم هذه الحرية، حفاظا على عدم انتهاك حريات الاخرين، فالحريات العامة مقدمة على الحريات الخاصة، والحرية الشخصية تصطدم بعدم انتهاك حريات الاخرين.
في التقرير السنوي لعام 2009 الذي اصدرته مؤسسة فريدم هاوس الامريكية، صنفت معظم الدول العربية في قائمة الدول غير الحرة.. وقد تناول التقرير واقع الحقوق السياسية والحريات المدنية في 194 دولة، وقدم احصاءات رقمية لهذه الحقوق والحريات. ووضع سلما من سبع درجات تدرجت في ضوئه الدول واحتلت الدول الحرة تصنيفاً من واحد الى ثلاثة، أما الدول الحرة جزئياً فمن ثلاثة الى خمسة والباقي للدول غير الحرة.
ورصد التقرير جملة من الموضوعات تتعلق بالحريات والحقوق في كل بلد، كالعملية الانتخابية والادارة الحكومية وحقوق المرأة وحرية واستقلال وسائل الاعلام وحرية التعبير والحريات الدينية وغيرها.
وحلت سبع دول عربية في قائمة الدول الحرة جزئيا، كالكويت ولبنان والمغرب والبحرين وجيبوتي والأردن واليمن.
وجاءت دول العراق والصومال والسودان وليبيا وسورية والسعودية ومصر وقطر في مقياس قائمة الدول غير الحرة.
قراءة متأنية وموضوعية لنتائج هذه الدراسة تصلنا الى ما يلي: ان العراق في مجالات (الادارة الحكومية وحقوق المراة واستقلال وسائل الاعلام والحريات الدينية) يعاني من ضعف في الحريات الممنوحة.
ففي مجال الادارة الحكومية غلبت المحاصصة الطائفية والقومية على شكل النظام السياسي التي شابها الكثير من سوء الاستخدام بما انعكس سلبا على الاداء الحكومي الذي اصبح مشلولا واستغل بعض المتنفذين هذا الامر لتمرير قضايا الفساد المالي والاداري ليأتي العراق في مقدمة الدول التي تعاني من الفساد المالي والاداري بحسب التقرير الذي تعده الشفافية الدولية. كما جاء العراق ضمن الدول التي شملها تقرير”الدول الفاشلة لعام 2009 “ والذي ضم 177 دولة.. هذا التقرير أعده صندوق السلام الأمريكي Peace Fund بالتعاون مع مجلة Foreign affairs بناء على معايير واضحة أهمها الوضع الاقتصادي والخدمات العامة والكثافة السكانية وحركات النزوح والهجرة والمساواة في التعليم وفرص العمل والديمقراطية وحقوق الإنسان وحجم التدخل الأجنبي.
اما حقوق المرأة فنتيجة لسطوة الميليشيات والجماعات المسلحة انزوت المراة العراقية وتعرض الكثير من النساء الى الاعتداء الجسدي وغمط حقوقهن فضلا عن مواجهة الكثير من النسوة العراقيات الى ظروف صعبة اجبرتهن على العمل بوظائف متدنية لاعالة عوائلهن فحسب الاحصاءات الرسمية هناك اكثر من ثلاثة ملايين ارملة في العراق وهذا العدد يقدر بـ10% من مجموع السكان.
اما وسائل الاعلام العراقية فباحصائية سريعة هناك اكثر من ست وثلاثين صحيفة يومية واثنين واربعين فضائية والعشرات من الاذاعات، والمئات من الصحف والمجلات والاصدارات المطبوعة، واغلب وسائل الاعلام هذه تابعة لاحزاب وحركات سياسية وجماعات اثنية ودينية ومذهبية وحتى القلة القليلة التي تدعي الاستقلال فهي مقربة من جهات اقليمية او جهات سياسية تناغمها في خطابها الاعلامي، وبطبيعة الحال ان تعدد وسائل الاعلام ظاهرة ايجابية وصحية لكن هذا لايعني حيادية واستقلالية وسائل الاعلام اذ ان العبرة في النوع وليس في العدد.
اما الحريات الدينية فملفها لا يقل سوءا عن الملف الامني اذ ان جميع الطوائف والمذاهب الدينية تعرضت للاعتداء والتخويف مما اثر بشكل سلبي على ممارسة طقوسهم الدينية وعزوف الكثير منهم عن ممارستها خوفا على حياتهم او خوفا من تعرضهم للاعتداءات التي تشنها الجماعات المسلحة فضلا عن ارسال رسائل تهديد ووعيد دفعت بعض الطوائف الدينية الى الهجرة الى خارج العراق.
لذلك ووفق هذه المعطيات كانت نتائج هذه الدراسة منسجمة مع واقع الحريات المتوافرة في العراق، ومن الانصاف القول ان العراق انتقل بعد عام 2003 من الانغلاق التام في الحريات الى الانفتاح المطلق في الحريات بما يمكن تسميته الحرية المنفلتة التي دفعت البعض الى انتهاك القوانين والاعراف الاجتماعية بحجة ممارسة حرياته الشخصية وهنا ياتي دور الدستور والقوانين التي تنظم وتهذب هذه الحريات انسجاما مع معايير حقوق الانسان والمعايير الدولية وانسجاما مع خصوصية المجتمع العراقي.
*اعلامي واكاديمي عراقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية للاستاذ نجاح
عباس عبد الرزاق الصباغ ( 2009 / 8 / 2 - 10:38 )
مرة اخرى يتحفنا الزميل والاخ العزيز نجاح العلي ويمتعنا بقلمه الراقي موضوعا اخر يستحق الارشفة والحفظ تحية طيبة للاستاذ العلي

اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج